سبعة عقود مرت على يوسف القطان (أبو إبراهيم) بحلوها ومرها، لكن مرارة ما يعيشه الآن تجاوزت ما يطيقه البشر. عرّاب القراءة في الكويت قضى من عمره أربعة عقود إلا نيفاً في مكتبة الصحوة التي أسسها في العام 1982 لتكون واحدة من أقدم المكتبات في الكويت.
سنوات كانت فيها «الصحوة» القابعة في شارع بيروت في منطقة حولي كعبة القراء وقبلة عشاق الكلمة المكتوبة، إلا أن لكل إشراقة أفولاً، فديون القطان تراكمت عليه كتراكم الغبار والأتربة على لآلئ الكتب التي هجرها الزبائن في زحمة الحياة.
بنبرات حزينة وحشرجة على وقع ما يشعر به من ألم، تحدث صاحب «الصحوة» أبو إبراهيم لـ «الراي»، قائلاً «عدم قدرتي على دفع الإيجار وعزوف الناس عن القراءة دفعاني لعمل تصفية وإجراء تنزيلات كبيرة في الأسعار حتى يفصل الله في أمرنا».
القطان، الذي عمل مدرساً وموجهاً للتربية الإسلامية وساهم في وضع مناهج التربية الإسلامية في الكويت، ليس نادماً فلو استقبل من أمره ما استدبر لما غيّر مسار حياته ولفعل كل ما فعله في الماضي.
وفي هذا الصدد، يتحدث عن معشوقته مقلباً صفحات الماضي الجميل، قائلاً «هذه المكتبة جزء من تاريخ الكويت، وتحوي صنوفاً من أندر الكتب العلمية والدينية والأدبية».
ويؤكد القطان، الذي تخرج من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، أن «التسعينات كانت العصر الذهبي لمكتبة الصحوة حيث كان الإقبال كبيراً على الشراء قبل أن ينحسر»، فيما توجه بالدعوة إلى «الجهات الحكومية مثل وزارتي الإعلام والتربية لتشجيع الناس على القراءة». ويلتقط القطان أنفاسه ليقول «أمة اقرأ لا تقرأ بعكس الغرب الذين يشجعون صغارهم على القراءة».
أربعة آلاف كتاب تمكن من بيعها بعدما قرر تخفيض الأسعار لأكثر من النصف، على أمل أن ينتقل لمكان أقل كلفة في الإيجار.
ويعود القطان ليدندن حول «صحوته» متفاخراً: «هنا كان يتردد كثير من المشاهير وطلبة العلم والمشايخ، ويحز في نفسي أن اترك هذا المجال المليء بالكنوز».
وعن الأماكن التي كان يجلب منها الكتب، يقول «كنا نشتري من مصر ولبنان ودور النشر الكبيرة كميات كبيرة ولذا كنا نحصل على تخفيضات في الأسعار، وكنا نحقق أرباحاً مادية ونشارك في معارض داخل وخارج الكويت»، مردفاً «وكنا كذلك نوزع المصاحف في العزاء، أما الآن فغير مسموح إقامة عزاء».