آلاف من أشجار النخيل داخل أسوار المباني الحكومية، تقف وحيدة تشكو الإهمال، وتبث حزنها للسماء، في انتظار تحرك يروي عطشها ويشذب جريدها ويقطف ثمارها، ولسان حالها يقول: ألا من مستفيد مني ومن ثماري وسعفي؟!
ناشطون تحدثوا لـ«الراي» مبدين أسفهم لحال النخل الذي ورد ذكره 20 مرة صراحة في آي الذكر الحكيم بخلاف التلميح، فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن البيت الذي ليس فيه تمر: «جياع أهله»، مطالبين الجهات الحكومية بالتحرك للاهتمام بأشجار النخيل التي في محيطها، من خلال تقليمها بالشكل المطلوب والاستفادة من ثمارها، لتحقق العوائد الاقتصادية والبيئية المطلوبة.
رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء النخلة الدكتور عادل دشتي، قال لـ«الراي» إن «أشجار النخيل، والبرحي تحديداً، في وزارات ومؤسسات الدولة ملف مهم وحيوي جداً، ونشاطنا بدأ في هذا الصدد مع الحملة الوطنية لمشروع المليون نخلة في مدارس وزارة التربية، وزرعنا أكثر من 500 فسيلة نخل برحي بها، وهذه الأشجار تنتج الآن مئات الكيلوغرامات من التمور».
وشدد دشتي على أن «الجمعية جاهزة لمساعدة الجهات الحكومية في هذا الصدد، لأن النخيل مربح ومجدٍ اقتصادياً، لكن نتمنى أن تتبنى الجهات الحكومية هذا الملف ذا الفائدة الكبيرة غذائياً واقتصادياً، ونصيحتنا أن نهتم بهذه الشجرة المباركة، وعدم الاعتماد على الشركات وبعض العمالة الهامشية غير المدربة، والتعامل معها بطريقة احترافية ومهنية للحصول على عائد كبير». وأضاف «أقمنا أول مؤتمر للتحديات التي تواجه زراعة النخيل في الكويت، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الحكومية، من بينها معهد الكويت للأبحاث العلمية، ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والهيئة العامة لشؤون الزراعة و الثروة السمكية، واستضفنا أكثر من 15 خبيراً، وخرجنا بتوصيات لم ينفذ منها سطر حتى الآن، وأقمنا مهرجان البرحي الأول و الثاني و الثالث لتسويق المنتجات، وبسبب فيروس كورونا لم نستطع إقامة هذا المهرجان».
واختتم بالقول «نوصي بإيقاف زراعة النخيل في الشوارع لأسباب متعلقة بالجدوى و الأصناف غير الجيدة التي تتسبب في الأمراض، و النخيل يجب زرعه في المزارع والحيازات الزراعية».
أما المزارع ناصر العازمي فقال «لا أنصح بزراعة النخيل كزراعة تجميلية، لأسباب عدة، منها أن النخل يحتاج لرعاية واهتمام كبيرين، والنخيل من الأشجار الحساسة غير المقاومة للأمراض بعكس أشجار أخرى»، مشدداً في الوقت ذاته على أنه «من الأفضل أن تتحمل الوزارات وموظفوها مسؤوليتهم كمشاركة مجتمعية في زراعة، وحماية النخيل الذي يحتاج لتدخل بشري ورعاية، وذلك في محيط المؤسسات الحكومية».
وأضاف العازمي لـ«الراي» ان «النصائح التي نقدمها دائماً تتمحور حول وزارتي الأوقاف والتربية، بحكم أعداد المساجد والمدارس الكبيرة، وتفرغ العمالة فيها بشكل يسمح لها بمتابعة أشجار النخيل في تلك المدارس والمساجد، وإذا تم الاهتمام بالنخيل لإنتاج التمور الفاخرة فسيكون العائد كبيرا، لأن النخيل يجب أن يكون في عهدة الجهة الحكومية، ويجب الابتعاد عن عقود الصيانة و الاكتفاء بعقود الزراعة».
وتابع «أنصح برطب الخلاص والمجدول، وأتمنى من الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية إلغاء النخيل من شوارع الكويت نهائياً والسبب أنها تحتاج لعناية فائقة ومستمرة وسوسة النخيل تنشر الأمراض في حال إهمالها والأفضل استبدال النخيل بأشجار ظليلة تتحمل العطش».
تجربة مُشرِقة لـ «التطبيقي»
في الاهتمام بأشجار النخيل
على خلاف كثير من الجهات الحكومية التي لم يلاق فيها النخيل الاهتمام المطلوب، تبرز تجربة مشرقة بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، في الاهتمام بأشجار النخيل خصوصاً البرحي.
وفي هذا الصدد، قال مدير إدارة الخدمات العامة في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب المهندس فنيس العجمي لـ«الراي» إن «لدينا في الهيئة قرابة 3000 نخلة مثمرة من بينها 1100 نخيل نسيجي دخل مرحلة الإنتاج منذ عامين، و1900 نخيل مرتفع منتج بارتفاعات وأعمار كبيرة. ويتميز النخيل النسيجي بإنتاجيته وجودته، فالنخلة الواحدة تعطي في المتوسط نحو 70 كيلوغراماً من التمر حسب الخدمة والعناية».
وبيّن العجمي أنه «رغم التأثر بظروف فيروس كورونا إلا أن الإنتاج طيب والخير وفير»، موضحاً أن «مراحل نمو النخلة تشمل مرحلة البسر وتسمى الخلال، ويكون لون الثمرة أصفر بالكامل، وبهذه المرحلة الثمرة لا تصلح للأكل نوعاً ما، لأن الطعم يكون غير سكري ولم تتحول المواد داخل الثمرة إلى صورة ذائبة، ما عدا صنف البرحي الذي يتميز عن غيره من الأصناف بأنه يؤكل في هذه المرحلة ومذاقه طيب ومستساغ، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الرطب، بحيث تبدأ الثمرة بالترطيب ويصبح قوام الثمرة طرياً وليناً، ونسبة السكريات مرتفعة. ويتميز صنف البرحي بأن حلاوته خفيفة ما يجعل الإقبال عليه شديداً. وتأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة التتمير ويمكن عندها كبس التمر بأكياس واستهلاكه خلال شهور أو سنوات، ومن أفضل الأصناف التي تكبس صنف الإخلاص».
19 خطوة للاهتمام بالنخيل
خرج الملتقى الأول للتحديات التي تواجه قطاع النخيل قبل سنوات، بعدد من التوصيات ما زالت تنتظر التنفيذ، من بينها:
1 - توفير قاعدة بيانات متكاملة عن النخيل والتمور.
2 - إنشاء مركز لأبحاث النخيل والتمور.
3 - دعوة جامعة الكويت إلى تأسيس كرسي لأبحاث النخيل والتمور.
4 - إنشاء أقسام جامعية زراعية ذات طبيعة خاصة لتأهيل الكوادر الوطنية.
5 - تأسيس جائزة الكويت للنخيل والتمور.
6 - دعم مزارعي النخيل وشراء محاصيل التمور منهم.
7 - وضع خطة إعلامية لتطوير قطاع النخيل والتمور.
8 - إدراج مشروع واحة صباح الأحمد للمليون نخلة ضمن البرامج الحكومية.
9 - تطوير تسويق التمور في الكويت.
10 - تطوير العمل التجاري والبحثي في مجال النخيل.
11 - دعم المشاريع الصغيرة لقطاع النخيل.
12 - تطبيق معايير السلامة في زراعة النخيل.
13 - انتخاب أصول فحول نخيل مميزة لتحسين الإنتاج.
14 - تشكيل لجنة عليا لمكافحة سوسة النخيل الحمراء.
15 - تكثيف الجهود لإكثار المزيد من النخيل النسيجي.
16 - تفعيل القوانين والتشريعات الخاصة بالحجر الزراعي.
17 - إنشاء بنك أصول وراثية للنخيل.
18 - تبني ببليوغرافيا نخيل التمر.
19 - الاتجاه نحو الصناعات التحويلية لمنتجات التمور.