ما بين إقرار ورفض، وهما خياران أحلاهما مر، يراوح ملف قانون المرافعات المدنية والتجارية «مخاصمة القضاء» في أروقة مجلس الأمة بعد رد الحكومة له، على خلفية مذكرة مجموعة من القضاة اعتراضاً على إقراره، فيما أكد عضو اللجنة التشريعية البرلمانية النائب خليل أبل لـ«الراي» أنه سيعمل على إعادة إقرار القانون خلال إحدى الجلسات المزمع عقدها في الوقت المتبقي من دور الانعقاد الحالي، من خلال اقتراح بقانون إذا أمكن، لافتا إلى أن كل خيارات التعاطي مع القانون مفتوحة.
وتوقعت مصادر برلمانية لـ«الراي» أن يسعى المجلس لإقرار القانون خلال الدور الحالي، بعد النظر في أسباب الرد والوقوف على تفاصيلها ومدى إمكانية معالجتها، من خلال تعديل تشريعي يقدم كاقتراح بقانون، يتناول الجزئية الجوهرية محل الخلاف، المتمثلة بحق الرجوع على أعضاء السلطة القضائية عند الخطأ الجسيم، بالاستعاضة عنها بحق الرجوع على الدولة أو أي صيغة يتم التوافق في شأنها عند النظر بأسباب الرد. في غضون ذلك، رأت مصادر أخرى أن من الأسلم إرجاء إقرار القانون للفصل التشريعي التالي، خاصة أن هناك ملاحظات للسلطة القضائية لم يتم التوافق بشأنها، بحيث تتم دراسة آثارها بروية، وتحديداً ما يتعلق منها بحق الرجوع على القضاة في حالات الخطأ الجسيم بالأحكام القضائية.
وأوضحت المصادر أن حق مخاصمة القضاء، عند اعتقاد الخطأ بصدور الأحكام، سيفتح الباب على مصراعيه للقضاة أنفسهم، بحق الرجوع بدعاوى التعويض بحق من خاصمهم في حال ثبوت المخاصمة من دون أسباب.
وبيّنت أن إحالة حق الرجوع على الدولة وليس القضاة، تعد خطوة خطرة أيضاً لأنها ستكبد خزينة الدولة تكاليف غير معلومة حدودها، كما أنها قد تكون مدعاة للإهمال وغياب الدقة، ناهيك عن وجود قاعدة بالقانون المدني، تقضي بمسؤولية المتبوع عن عمل التابع، قد تغني عن اتخاذ هذه الخطوة، وبالتالي فإن خيارات مخاصمة القضاء برجوع المسؤولية على القضاة أو الدولة كلاهما مر، لذلك نحن في أمس الحاجة لإعادة بحث هذا التشريع بشكل مستفيض وتقديم دراسة متأنية بمشاركة أهل الاختصاص، ومن ثم الشروع بإقرار جميع تفاصيله بتوافق بين السلطات الثلاث.
وبشأن رد قانون مخاصمة القضاء وفق المادة 66 من الدستور، أوضح الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي لـ«الراي» أنه «في حال رد قرار المجلس في شأن أي اقتراح أو مشروع قانون، سيكون أمام المجلس ثلاثة خيارات، أولها يتمثل بالأخذ بأسباب الرد، وتقديمها كتعديل تشريعي بمشروع أو اقتراح بقانون، وهنا نكون بصدد تشريع جديد لا يحتاج لأغلبية خاصة، والثاني إعادة التصويت على الاقتراح أو المشروع بقانون كما أقر سابقاً، وهنا سيكون هناك حاجة لموافقة الأغلبية الخاصة ثلثي أعضاء المجلس لإقراره كتشريع. أما الخيار الثالث فيتمثل بعدم اتخاذ أي إجراء، واعتبار قرار المجلس كأن لم يكن، وخاصة أننا بصدد التعاطي مع قرار مجلس الأمة في شأن مشروع أو اقتراح بقانون، وليس قانوناً نظراً لعدم اكتمال أركانه كتشريع ورده لمجلس الأمة».