يحكى في قديم الزمان أن يوم الخميس كان ونيس لأنه نصف دوام، فعطلة نهاية الأسبوع تقتصر على الجمعة فقط والناس راضية ومقتنعة بل ومبسوطة باليوم ونص!
بعدها أقر الخميس عطلة رسمية فصار رسمياً ونيساً، أما واحتل الأربعاء مكانه على خريطة المزاج، وصار يوم الربوع تزين الطبوع.
والربوع وهو دلع الأربعاء الذي - ورغم كونه يوم دوام كامل - حلّ محل يوم العطلة الكامل، وولت مرحلة الأنصاص، لكن تحري العطلة له متعة ربما أكثر من العطلة نفسها.
تغيّر حال العالم تغيرت العطلة من الخميس إلى السبت وبقي الخميس ونيساً، سواء كان نصف دوام أو عطلة أو حتى دوام والدوام لله.
ورغم ان يوم الأربعاء تراجع من المركز الأخير إلى قبل الأخير، لكنه بقي على وضعه لدى جيل الطيبين أو لنقل الطيبين من كل جيل، وحدهم الأشرار لا يعرفون الأيام وفروقاتنا، حتى حينما تساوت الأيام في عصر سيئ الذكر «كو?يد»، ظل الأربعاء يلوح في منتصف الأسبوع، هل صار في منتصف الأسبوع أم أوله أم آخره؟ أياً كان موقعه فهو محوره، أقول كان يلوح كبارقة أمل يذكرنا باهزوجة قديمة تتغنى بأيام الأسبوع فالسبت سبنبوت والأربعا... بشارة.
لكن البشائر لا تأتي وحدها أيام الأربعاء فأحياناً تأتي الأخبار المؤسفة إذ صادف يوم رحيل أحمد الربعي، وهو اليوم الذي كان ينشر فيه مقالته الاسبوعية «أربعائيات»، المقالة الوجدانية التي كان يكتبها كل أربعاء قبل أن يتوجه الناس إلى الشاليهات يوم الخميس لبدء عطلة نهاية أسبوع رومانسية، عندما كان الشاليه يبدو رومانسياً، قبل ان يتحول إلى محجر!
وفي زمن الكو?يد بالتحديد كنت أتلقى تعليقات شبه يومية على ستوري الانستغرام من المتابعين الذين يحلو لي تسميتهم «الربع»، عن استمرارية تمسكي بذكر أيام الأسبوع، رغم تناسيها ضمن ما لا نريد أن ننساه في زمن نسينا فيه كل شيء تقريباً إلا الوباء الذي نريد نسيانه، وتحديداً يوم الأربعاء الذي يتسابق اليه «الربع» لتذكيري بـ«تزين الطبوع»، على أمل أن «تزين» بإذن الله.
ولأن المثل يقول «باب النجار مخلع»، نسيت وأنا التي أذكر الناس بأيام الاسبوع موعد مقالتي الأسبوعي، ما أدى إلى ترحيلها اليوم الذي يليه، فتصادف الأربعاء الذي أحبه «من زمان الصبا وأقدم»، ومن قبل أن يتغزل به ابن الرومي: «وإن رام امرؤٌ يوماً دواءً/ فنعم اليوم يوم الأربعاء»... رومي ورام وريم تكتب إليكم في يوم الأربعاء العظيم كـ... ريم!
ملاحظة: كان بامكاني أن أكتب مقالاً انتقد وأتذمر وأشجب مثلي مثل الجميع، لكني اخترت الطريق الأسهل ـ الصعب: الثرثرة المفيدة رب ثرثرة أفيد من حوارات عقيمة.
فالدنيا ما زالت جميلة لأن الجمال ينبع من الداخل: كن جميلاً ترى الوجود جميلاً... فالى كل جميل: اتكسبوا فينا «جميل»... تفاءلوا، على الأقل مرة واحدة في الأسبوع، ويوم الربوع تزين الطبوع... بتزين.