حروف نيرة

المرأة والرجل... مشاركة فكرية (2 من 2)

1 يناير 1970 02:11 م

تحدثنا في مقالنا السابق عن عبارة اختزل فيها العامة موقف الإسلام من عقل المرأة ... وهي عبارة «ناقصات عقل»، فلم يتعمق هؤلاء في المعنى، والجوانب العقلانية للمرأة عندما قال رسولنا الكريم في الحديث الشريف: «يا معشر النساء ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصلِ ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها » البخاري. فقد تعجب الرسول الكريم من قدرة المرأة على الذهاب بعقل الرجل والسيطرة عليه وتغلب الحزم والشدة لما تميزت به وهو الذكاء.
ولمّا أشار إلى نقصان العقل بيّن أن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل، وهو من قوله تعالى: (ِوَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) البقرة/‏282. أي إنه من جهة التذكير، وهي إحدى عمليات العقل وليست كلها؛ فالحديث يعلل نقصان العقل عند النساء بكون شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، والآية تعلل ذلك بالتذكير وليس التفكير.
ونقف عند عملية الذكاء، وعملية الذاكرة، المشار إليهما في الحديث والآية، وهما من أهم مسؤوليات الدماغ وليس الدماغ كله... فقد أثبت علماء الأعصاب أن الدماغ مسؤول عن أكثر العمليات العقلية، مثل الذكاء، والذاكرة، والتركيز، وكل من الرجل والمرأة يستخدم تلك العمليات؛ إلا أنهما يختلفان من حيث النسبة؛ فالمرأة هي الأعلى ذكاءً والرجل هو الأسرع تذكراً... والسبب العلمي أن المرأة لها خصوصيتها من حيث إنها تمر في حالات وتتعرض لتغيرات جسدية ونفسية تؤثر على جانب التذكر.
وهذا الفارق لا يعني أن الرجل أذكى من المرأة، وهو ما أكده الحديث الشريف، وأثبته أهل الطب... والذكاء يدل على زيادة القوى العقلية والمعرفية في الإنسان ويؤكِّد عملية التفكير والقدرة على الفهم الدقيق للأمور... هذا بالإضافة إلى كثير من النصوص التي تتحدث عن ذكاء النساء وقدراتهن وآرائهن السديدة في مواضع متعددة من الكتاب والسنة مثل قصة ملكة سبأ التي خضع لها الرجال؛ لأنهم أيقنوا أنها الأعلى فكراً، والأكثر فطنة... وهذا لا يعني أن الرجل أفضل من المرأة أو المرأة أفضل من الرجل... فالدماغان يعملان العمل نفسه، فكل من الرجل والمرأة يتمتع بمهارات فكرية، وقوة فعلية وقدرة عقلية على الأداء أو نشاط معين، والقاعدة الأساسية للدماغ هي الاستخدام أو الإهمال، ولكل شخص القدرة على تحريك عقله وتنمية مهاراته وتطويرها.
إذاً نقصان العقل لا يعني أن قدرات النساء الفكرية أقل من قدرات الرجال، فهي مؤهلة كالرجل لكل عمل ومنصب إن توافق مع المستوى العلمي والفكري، ولو كانت المرأة ناقصة بالمعنى الخاطئ الذي قد يتبادر إلى أذهان من يتسرعون في إطلاق الأحكام، لمَا جمع الإسلام بين الذكور والإناث في حمل الأمانة ولما ساوى بينهما في التكاليف الشرعية.

aalsenan@hotmail.com
aaalsenan @