ضرورة تغيير نظرة المجتمع للطبيب الكويتي لاسيما أن مضاعفات العلاج متساوية بين الكويت وأوروبا وأميركا
الكويت سباقة في إجراءات احتواء جائحة كورونا وقريباً سنصفق لهم بعد النصر على الفيروس
أصبح الكويتي اليوم يجد الراحة والطمأنينة عندما يكون طبيبه مواطناً لأن غالبيتهم تعلموا في مدارس عالمية
أدعو لتطبيق اختبار مزاولة المهنة كل 10 سنوات بهدف تطوير الأطباء لمهاراتهم وعلومهم
لدينا اليوم نوع من التحدي بين إدارة المرفق والطبيب وهذا يربك العمل ولا يحقق البيئة المناسبة للعمل
الجائحة أعطتنا درساً في «العلاج بالخارج» لوقف صرف الملايين على سفر المرضى
من خلال قراءتنا لنسب مضاعفات الوفاة في عمليات القلب نجدها متساوية في الكويت والخارج
لا يوجد مرض ليس له علاج بالكويت وأطباؤنا لا يقلون كفاءة عمن في الخارج ولدينا الأجهزة والإمكانات الطبية
أكد الأستاذ في جامعة الكويت، استشاري أمراض القلب الكويتي العالمي الدكتور إبراهيم الرشدان، أن الكويت لديها الإمكانات البشرية والفنية، وقادرة على وقف العلاج بالخارج والتوجه للعلاج في الداخل، مطالباً بتطبيق اختبار مزاولة المهنة للأطباء كل عشر سنوات، أسوة بما يتم في العالم، كما أشار إلى أهمية معالجة الخلل الإداري الحاصل في المستشفيات حيث إن بعض الأطباء يتفوقون علمياً على كثير من القياديين الذين هم تحت إدارتهم.
وفي لقاء أمس ضمن برنامج «حديث التنمية» على البرنامج العام في إذاعة الكويت، الذي يقدمه الزميل الدكتور محمد منيف العجمي، شدد الرشدان على أهمية تغيير نظرة المجتمع للطبيب الكويتي، فالمضاعفات الخاصة بالعلاج متساوية ما بين الكويت والدول الأوروبية وأميركا. وقال «لابد أن نكون فخورين بالجهود الجبارة التي يقوم بها الإخوة في وزارة الصحة، وعلى رأسهم أخي الدكتور باسل الصباح وزير الصحة، وأخي مصطفى رضا وكيل الوزارة، لما بذلوه من جهود جبارة، بالإضافة إلى جهود جميع الإخوة الأطباء والفنيين في الصفوف الأولى، وأنا كطبيب قلب لست من الصفوف الأولى، ومازلت أقوم بعملي، ولكن هناك إخوان أبطال من الكوادر الطبية في الصفوف الأولى ونتقدم لهم بكل الشكر والفخر».
وأضاف «الكويت كانت ومازالت سباقة في ما يتعلق باحتواء جائحة كورونا، وإن شاء الله نحن في طريقنا للانتصار على هذه الجائحة، وقريباً سنصفق لجميع الإخوة العاملين في الصفوف الأولى وعلى رأسهم وزير الصحة ووكيل وزارة الصحة». ولفت إلى أن «نظرتي كطبيب لا يمكن أن أقيم نفسي، ولكن ما يقيم الطبيب هم الناس الذين يتعالجون عنده، واليوم نجد المجتمع الكويتي يجد الراحة والطمأنينة والثقة عندما يكون طبيبه كويتياً، وهذا يعود إلى أن الأطباء الكويتيين وغالبيتهم، وخصوصاً الاستشاريين، تعلموا في مدارس طبية عالمية، سواء في أميركا أو أوروبا أو كندا، وأغلبهم ينظر إلى زميله الأميركي أو الكندي أو الأوروبي كزميل، فنحن كأطباء ننظر إلى زملائنا بفخر واعتزاز، ولا ننظر إلى أنهم أكثر منا أو نحن أكثر منهم، فكلنا زملاء في نفس المهنة ونعرف ما نقوم به». وتابع «الطب اليوم تخصص دقيق جداً، ولله الحمد الأطباء الموجودون دائما تجدهم متخصصين تخصصات دقيقة جدا، ولهم باع طويل في تخصصهم، فأنا حقيقة أثق ثقة كبيرة في إخواني الأطباء الكويتيين، وأجزم بأنهم لا يقلون عن زملائهم سواء في أميركا أو أوروبا، وهذا هو استطلاعي العام من خلال الشعب الكويتي».
وأكد الرشدان أن «الطبيب لا يقف تعليمه عندما يعود من دراساته العليا، فيومياً عليه أن يقدم على التعليم، وفي الكويت الحمد لله لدينا (تعليم الطب المستمر) ولكن لابد من إعادة صياغة هذا الموضوع، ففي الخارج مثل أميركا، هناك الآن شهادة التخصص للطبيب تنتهي خلال عشر سنوات، ويصبح كأنه لم تكن عنده شهادة، فلابد عليه أن يتقدم للامتحان من جديد، ونرجو أن يتم تفعيل هذا الموضوع في الكويت». وحول بيئة العمل الخاصة بالكوادر الطبية في الكويت، قال «سأكون ديبلوماسياً في الإجابة عن هذا الأمر، فبيئة العمل تحتاج إلى تطوير، ولدينا تركيبة حالية تحتاج إلى تغيير، فكثير من القياديين في المستشفيات هم أقل تحصيلاً علمياً من الأطباء العاملين تحت إدارتهم، وهذه التركيبة أوجدت نوعاً من الربكة في العمل، فإلاداري في المستشفى يجب أن يكون همه الأوحد وشغله الشاغل هو خلق البيئة المناسبة للطبيب لكي يقدم عمله على أكمل وجه، وهذه نظرتي للإداريين».
وبيّن أن «الحاصل عندنا للأسف، هو خلق نوع من التحدي ما بين الإدارة والطبيب، ففي كثير من المراكز العلمية المرموقة الإدارة الطبية خفية غير معلنة، لأن عملها ليس البروز، ولا أنها تأخذ (الكريدت) بل عملها أن تخلق البيئة الجميلة الخلاقة للطبيب، فالمريض المراجع يرى الطبيب والهيئة التمريضية، ولكن نحن لدينا كثير من المرضى يبدأ طريقه بالعكس حيث يبدأ طريقه مع الإدارة للعلاج، لأن الادارة تسهل له بعض المواضيع حيث مازالت الواسطة موجودة، فنحن بحاجة لإلغاء هذا الموضوع، فالمريض الذي يأتي للمستشفى يخدم بغض النظر عما هو، ومن هو، ومن أين أتى، وما مكانته الاجتماعية، فنخدم المريض كشخص، فهو يحتاج إلى علاج دون النظر إلى الأمور الأخرى».
وأكد «أهمية الاستفادة من جائحة كورونا، وباعتقادي إن لم نستفد من الدروس والعبر التي علمتنا إياها، وأنا لا أقصد علاج مرض كورونا، بل ننظر حولنا، فكان لدينا في الكويت موضوع العلاج في الخارج، وهذا الموضوع أخذ حيزاً كبيراً. وأناس تسافر للخارج للعلاج، وملايين الدنانير صرفت على العلاج بالخارج. فاليوم علينا أن ننظر إلى وضع جائحة كورونا، فهذا مرض واحد قام بعلاجه جميع أطباء العالم، واكتشفنا أن الأطباء سواسية في علاج هذا المرض، وهو مرض صعب العلاج وعدو شرس، والأطباء متكافئون في طريقة التعامل مع العلاج. بمعنى أن المريض الذي يحتاج إلى تنفس صناعي أو عناية مركزة، يكون علاجه في الكويت أو في إيطاليا أو بريطانيا أو أميركا واحداً، واحتمال تعرض المريض للمضاعفات والوفاة محتملة، كما رأينا عدد الوفيات في أميركا وإيطاليا وأوروبا أكثر بكثير مما لدينا، وهذا المفروض أن يعطي الناس نوعاً من الطمأنينة، ففي الكويت تعودنا لو لا قدر الله أصبحت هناك مضاعفات للمريض في الكويت أن نقول إن هذا تقصير من الطبيب، وإذا حدثت نفس المضاعفات في الخارج نقول قاموا بالواجب، نحن نريد أن ننظر إلى الطبيب الكويتي بنفس نظرتنا للطبيب الأميركي والأوروبي وغيرهما».
ولفت الرشدان إلى أن «الطبيب يحب أن يتماثل مريضه للشفاء، فالطبيب الوحيد الذي لا يجد مشاكل ولا تواجه مضاعفات لدى مرضاه هو الطبيب الذي لا يعمل، فكل طبيب يعمل سيجد نسبة صغيرة من المضاعفات في مرضاه، وحتى نسبة صغيرة من الوفيات، لأن هذا من ضمن عمل الطبيب. وبالنسبة لتحديد نسبة المضاعفات فإن أكبر مضاعفة من الممكن أن تحصل هي مضاعفة الوفيات، في أي عمل نقوم فيه، والآن لو نظرنا لنسبة الوفيات في أي إجراء نقوم به في الكويت، مثل عمليات القلب وعلاج الجلطات القلبية وعمليات الجراحات العامة، هناك نسبة من الناس ستتعرض للمضاعفات، وهذه النسبة قد تكون 1 في المئة أو 1 في الألف أو 1 في العشرة آلاف، ولكن نحن من قراءتنا للنسب هذه نجد أن النسب متساوية بالكويت والخارج. فنحن نريد من جائحة كورونا أن تعزز ثقتنا في أطبائنا بالكويت، فالآن نسبة الوفيات في إيطاليا بلغت 15 في المئة، وأما النسب لدينا فهي قليلة جدا، وهناك كثير من الناس تعافوا من المرض، وهذا دليل على أن هناك أطباء يقومون بعمل جبار وممتاز ونسأل الله أن يتمم علينا، موضحا أن نسب المضاعفات متشابهة».
وشدد على أن «الكويت جاهزة للعلاج في الداخل، وأعتقد أن أطباءنا في الكويت لا يقلون كفاءة عن زملائهم في الخارج، والأجهزة الطبية والإمكانات الطبية أيضا متوافرة لدينا توافراً كاملاً، فلا يوجد مرض لا يمكن علاجه في الكويت، إلا الشيء النادر جدا، وهذه الأمراض في أقصى الحسابات لا تتجاوز 1 من مئة ألف، فمرضى السرطان مثلاً، يحبون أن يذهبوا للعلاج في الخارج، فكل علاجات مرض السرطان متوافرة في الكويت، وأنا شخصياً لا أنصح أهلي وأقاربي بالعلاج بالخارج، كلهم بعد تعافيهم من المرض يقولون جزاك الله خيرا هذه أحسن نصيحة أعطيتنا إياها».
وبيّن أنه «في حال أتحنا المجال للعلاج بالخارج، فالطبيب يخاف من نظرة الناس السيئة، ولاسيما أن المضاعفات تزيد كلما كانت الحالة أصعب، والطبيب هنا وفي حال سماح الدولة للعلاج بالخارج يقول (شحقه أعالج هالمريض وأتوهق بكرا تصير فيه مشكلة، يبه خل يطلع برا) وهذا نوع من إعطاء الخيار السهل للأطباء بل بالعكس من المفروض ألا نعطي للأطباء خيار العلاج بالخارج».
وذكر أن «في عمليات القلب وفي غيرها من الأمراض عندنا أطباء قادرون، ولدينا أطباء موجودون في الكويت أحسن من بعض الأطباء في العالم، ولا يوجد تخصص طبي لا يوجد لدينا فيه أطباء متمكنون، ولكن لابد أن نعطيهم الثقة، وعلى الناس أن تتحمل هذه المسؤولية، فكثير من الناس لا يقدّرون أن وجود المضاعفات الطبية هو جزء من العمل الطبي، وقضية أن المريض تعرض لمضاعفات طبية لا يعني أن الطبيب ليس جيدا أو أن الأجهزة غير موجودة، وهذا نفس الشيء يتكرر في أوروبا وأميركا وغيرها، فمرضانا الذين ذهبوا لأميركا تعرضوا لمضاعفات والناس تتعامل مع المضاعفات التي تحصل في الخارج تعاملاً يختلف عن المضاعفات التي تحدث في الكويت».
قضايا طبية
هكذا نستقدم الأطباء الزائرين
تطرّق الدكتور إبراهيم الرشدان إلى قضية زيارة الأطباء من الخارج للكويت، فقال إن «زيارتهم يجب أن تكون من اختيار الطبيب نفسه، فمثلاً أنا في تخصص القلب واحتجت إلى زميل يأتيني وأتعامل معه، على أن أقوم أنا بالعملية، وهو يشرف عليّ وليس العكس، فلكي نرتقي بالطبيب الكويتي علينا ألّا نسمح للزائر بأن يقوم بالعملية، وليس كما يحصل عندنا في الكويت، فهذا الشيء لا يحصل في الخارج، وممنوع أن يقوم طبيب زائر بعمل عمليات، لأن الزائر يأتي للكويت لكي يتعاون. ففي المستشفى الصدري أتانا زوار من الخارج وعالجنا مرضى، ولكن يأتي زائر يجلس في غرفة الكنترول يتابع ويعطي إرشادات، حتى إذا عاد إلى بلده تبقى الخبرة موجودة في الكويت».
الأصل... العلاج في الداخل
لفت الرشدان إلى أن «العلاج في الداخل موجود، وسيبقى هو الأصل، فهناك حالات كثيرة لا تسمح لنا حالة المريض أن نضعه في الطيارة ليذهب للعلاج في الخارج. والمريض الذي يذهب للعلاج بالخارج هو المريض الذي تسمح حالته بالسفر وفي الأغلب حالته بسيطة، فالحالة الصعبة لا تستطيع أن تسافر، والحالات الصعبة القصوى لابد أن تتعامل معها في الكويت، فما بالك في الحالات التي هي أقل صعوبة؟».
الطبيب وتطوير الذات
كشف الرشدان عن أن «هناك تحديات كبيرة تواجه الأطباء في الكويت، فالطب شيء متطور دائماً ولا يقف عند حد، فلا يمكن لطبيب أن يعمل كاستشاري ويعتقد أنه وصل إلى نهاية العلم، فالعلم يتطور يومياً، ولابد للطبيب أن يطوّر نفسه والحمد لله مع وجود (أون لاين كورسس) والمؤتمرات الطبية، ووجود العلاقات، وأنا أحض زملائي الأطباء الكويتيين على أن يبقوا على علاقات مع زملائهم الذين درسوا معهم في الخارج، وهذا نوع من (النت وورك) مع الأطباء في الخارج، ومن هنا دائماً تحاول أن تشاركهم في أبحاثهم وتتشاور معهم وهو نوع من التطوير الذاتي، وهذا يعتبر من التعليم الطبي المستمر».
مواكبة المستشفيات الخاصة للتطوير
قال الرشدان إن «قضية النظرة في الاتجاه للمستشفيات الخاصة ستتغير، ولاسيما ان المستشفيات الخاصة لا تزال تتعامل حاليا مع حالات بسيطة الى حد ما، وبعض المستشفيات الخاصة الآن قامت تتعامل مع الحالات الصعبة، ولكن لا يتحمل المريض يجلس في الخاص أسبوع أو أكثر، لأن فيها تكلفة مالية وصعوبة، وبذلك يستعين بزميله في المستشفى الحكومي، ولكن أيضا المستشفيات الخاصة تحتاج إلى أن تتطور، ويكون بإمكانها أن تأخذ الحالة من الألف إلى الياء».