في المناجاة لم «أتفصخ» ولم أضع قرطاً في أنفي ولم أغيّر من شكلي وألبس بنطال الجينز المقطّع
أتبنى اللون الإنساني والمنطق والحق وأتعامل مع الإنسان والمبادئ والأخلاق
السياسة لها أصحابها وأرفض التعامل معها
فلسطين قضية كل إنسان عربي شريف... وسأبقى أدافع عنها حتى آخر يوم من حياتي وأقدم لها كل ما أملك
سأبقى أغني من دون مقابل عندما يحتاج الأمر
لا أعتبر نفسي مطرب تونس الأول
يرى المطرب التونسي لطفي بوشناق أن الثقافة هي الحل بالنسبة إلى توحيد الأمة العربية، «وتعتبر من أهم الأشياء لإثبات الهوية وتبليغ الرسالة وتلميع الصورة ودعم الاقتصاد»، داعياً إلى استغلالها جيداً.يرى المطرب التونسي لطفي بوشناق أن الثقافة هي الحل بالنسبة إلى توحيد الأمة العربية، «وتعتبر من أهم الأشياء لإثبات الهوية وتبليغ الرسالة وتلميع الصورة ودعم الاقتصاد»، داعياً إلى استغلالها جيداً. صاحب الحنجرة الماسية، الذي لطالما عُرف عنه تبنيه اللون الإنساني في ما يقدمه، يقول في حوار مع «الراي» إنه يتبنى أيضاً «المنطق والحق وأتعامل مع الإنسان والمبادئ والأخلاق والقيم والإنسانية والعدالة»، لافتاً إلى أن «للسياسة أصحابها وأرفض التعامل معها».وفي ما يتعلق بالأغنية التونسية، رأى أنها كحال ووضع الأغنية العربية من المحيط إلى الخليج «هناك الغث منها وهناك الثمين».وفيما أوضح بوشناق وجهة نظره في ما طرحه أخيراً من مناجاة كانت قد أثارت نوعاً من الجدل كونها جمعت بين اللون الديني وموسيقى «الروك»، أبدى رأيه ببعض الفنانين ممن يتعمدون خلق خلافات لأجل جذب الأضواء نحوهم.
• لنبدأ مما طرحته أخيراً، إذ أطلقت مناجاة لله، واخترت الأبيات من قصيدة طويلة للشاعر الصوفي أبي مسلم البهلاني، أثارت جدلاً نوعاً ما كونها جمعت بين اللون الديني وموسيقى «الروك»، فما ردك؟
- في هذه المناجاة، أنا لم «أتفصخ»، بل بقيت لطفي بوشناق بصوتي، ولم أضع قرطاً في أنفي - مع احترامي للكل - ولم أغير من شكلي وألبس بنطال الجينز المقطّع من الأمام ولم أتغير شكلاً ومضموناً... حافظت على مبادئي وصورتي وعلى تاريخي. من خلال هذه الأغنية قدمت كلمات روحانية حتى نعطي فرصة للكلمة الهادفة والروحانية متوجهاً بها إلى الناس الذين ربما يعيشون في عالم آخر. أردت أن يسمعوا صوتي، لربما هي فرصة نمنحهم إياها كي يتساءلوا ويرجعوا إلى عالم غائبون عنه، وإن شاء الله يكون جوابي مقنعاً.
• ما مدى رضاك عن حال الأغنية التونسية بشكل خاص، والأغنية العربية عموماً؟
- الأغنية التونسية هي كحال ووضع الأغنية العربية من المحيط إلى الخليج، هناك الغث منها وهناك الثمين، لكنني أسعى دائماً إلى أن أكون امتداداً لتاريخي ومتعايشاً مع حاضري وإيقاع عصري وأمتلك رؤية للمستقبل بالنسبة إلى مواقفي والكلمة التي أختارها والمواضيع التي أعالجها في أغانيّ، والتي لا تقتصر على الحب «حبني وأحبك وغدرت بيّا»، كوني أتوقع أن الفنان رسالته أكبر من هذا. نعم، هناك أعمال تستحق الاحترام والتقدير وفيها بُعد وأصالة ورؤية، ومنها لا صلة لها بتاريخنا ولا حاضرنا أو مستقبلنا.
• كثرت في الآونة الأخيرة العديد من برامج المسابقات الغنائية... فهل تؤيد فكرتها أم ترى أنها استغلالية؟
- هذه البرامج تعطي فرصة للأصوات الجميلة وتكتشفها أمام العالم بأسره، لكن بعد ذلك ندخل في مشكلة الإنتاج والتبني والمشروع الفني، إذ ليس من مسؤوليتها أن تتبنى أحداً، بل هو دور شركات الإنتاج وجهات الاختصاص المقصرة مع الشباب.
• بعض الفنانين يتعمدون خلق خلافات لأجل جذب الأضواء نحوهم، فما رأيك في ذلك؟
- أنا بعيد كل البعد عن هذه المشاكل، وأقول لكل من يفعل ذلك إن مواقفه وفنه وصوته واختياراته الفنية ومنهجه ورسالته هي أهم من إثارة المشاكل، خصوصاً أننا نعيش في زمان لا يسامح ولا يغفر مثل هذه الزلات، كما أن كل ما بني على المغالطة والكذب مآله إلى الزوال، لهذا أنا ضد هذه الفكرة جملة وتفصيلاً.
• هل غناؤك عن القضايا والظلم هو نهج قررت المضي به، أم أمر وليد الصدفة؟
- يجب على الفنان أن يغني لكل القضايا كونه لسان الشعب والذاكرة، هو الشاهد على العصر والحقبة الزمنية التي يعشيها بكل ما تحمله من إيجابيات وسلبيات وقضايا ومشاكل ودوره أكبر من السياسي حتى، فهو من يصنع التاريخ وهو الشاهد. وأقولها بكل صراحة إن العالم العربي يعيش فترة صعبة جداً، وأحمّل جزءاً كبيراً لما يحصل فيه للفنانين كونهم اقتصروا الغناء على الحب الذي أنا لست ضده بتاتاً. نعم، نغني عن الحب، لكن لا نقف هنا فقط، إذ هناك أمور كثيرة لإثارتها، كما فعل نجوم العالم مثل بوب مارلي ولويس أرمسترونغ وغيرهما، إذاً لماذا لا يمشي الفنان العربي بنفس الخطوات.
• تعتبر من أشد الفنانين المناصرين للقضية الفلسطينية، ما السبب ؟... فهل تتمنى إحياء حفل غنائي في القدس كونك غنيت لها؟ وهل تتوقع قبولاً من المجتمع العربي كونه يحتاج إلى موافقات إسرائيلية؟
- سبق وأن غنيت في القدس، وعلاقتي بهذه القضية التي لا أخصّ بها الشعب الفلسطيني، بل هي لكل إنسان عربي شريف، هذا واجب علينا وسنحاسب عليه أمام الله، كلنا مسؤولون عما يحصل في فلسطين وما نفعله ليس خدمة بل واجب. وفي زياراتي المتعددة لأرض فلسطين تمت من دون تواصل مع الكيان الصهيوني من خلال سفارة فلسطين بتونس، إذ استقبلني مراراً ياسر عرفات وقابلت كبار الفنانين وزرت القدس، كما تشرفت بمنحي الجنسية الفلسطينية في العام 2013 من الرئيس محمود عباس. فلسطين هي قضيتي وسأبقى أدافع عنها حتى آخر يوم من حياتي، وسأقدم لها كل ما أملك.
• قدمت أغاني مثل «الكراسي» و«أجراس العودة» و«سراييفو» وأعمال حول فلسطين والمظلومين، فهل تتبنى اللون السياسي؟
- لا أتبنى اللون السياسي في أغانيّ، بل اللون الإنساني والمنطق والحق وأتعامل مع الإنسان والمبادئ والأخلاق والقيم والإنسانية والعدالة، أما السياسة لها أصحابها وأرفض التعامل معها. لقد غنيت عن قضايا لا يمكننا تجاهلها نحن كعرب، منها قضية «صفقة القرن»، فالقدس لنا وستبقى كذلك، هي أولى القبلتين وثالث الحرمين.
• في تصريح سابق قلت إنك تختار كلمات تغنيها ليذكرها التاريخ... فهل تعتبر وجود فنان بمثل تفكيرك نادراً في يومنا الحالي؟
- هناك كثيرون من الفنانين مثلي، وطبعاً أريد أن تبقى كلماتي أغانيّ في الذاكرة وأن يكون لها وقع على الناس جميعاً في كل وقت وعصر، وأنا متأكد بأن الشارع العربي يعجّ بالمبدعين في شتى المجالات، لكن الإعلام الذي يعتبر الجسر الذي يربط المبدعين بالشارع وبالعالم العربي كاد يكون مفقوداً. أقولها بكل صراحة وصدق هناك تقصير منهم، ولا أعرف الأسباب وراءها.
• لقد غنيت مراراً من دون مقابل مادي، فما الذي دفعك إلى ذلك ؟
- سأبقى أغني من دون مقابل دائماً عندما يكون هناك مشروع إنساني لدعم قضية ما أو لأجل محتاجين أو لدعم مشروع إنساني «مش كل شيء الفلوس»، وبالنسبة إليّ أعتبر المال وسيلة وليست غاية في نفسي.
• بصراحة، هل تعتبر نفسك اليوم مطرب تونس الأول؟
- لا أعتبر نفسي مطرب تونس الأول أو الثاني، ويكفيني فخراً أن أحمل كلمة فنان ومطرب «وإن شاء الله إني أستحقها عن جدارة»، أما مسألة الأول أو الاخر فهذا متروك للتاريخ الذي سيذكره، وأتمنى أن أكون قد أضفت ولو ذرة واحدة في هرم تاريخ هذه الموسيقى العربية التي لها الفضل عليّ مع كل الأساتذة ممن تعلمت على يديهم.
• هل تعتقد أن الغناء والثقافة قد يوحدان الشعوب العربية مجدداً بعيداً عن العنصرية؟
- دائماً أقول إن الثقافة هي الحل بالنسبة إلى توحيد الأمة العربية، وتعتبر من أهم الأشياء لإثبات الهوية وتبليغ الرسالة وتلميع الصورة ودعم الاقتصاد، لهذا علينا استغلالها جيداً.
• لك تجربة في عالم التمثيل، هل استهواك الأمر وقد نراك ممثلاً محترفاً؟
- يدي مفتوحة لكل تجربة شرط ألا أكون متطفلاً عليها ولا تكون متطفلة عليّ، ورغم هذا لا أستطيع ولا أسمح لنفسي القول إنني ممثل فهي كلمة كبيرة جداً. نعم لقد شاركت في بطولة فيلم «الصندوق» الذي وجدت نفسي فيه بعدما قرأت السيناريو.