«ذي إيكونوميست»: انهيار الاستثمار النفطي عالمياً يمثّل تحولاً كبيراً في الصناعة

1 يناير 1970 06:56 م

استثمارات المنبع ستنخفض هذا العام لأدنى مستوياتها منذ 2005

 

أوضحت مجلة «ذي إيكونوميست» أن انهيار الاستثمار العالمي في الإمدادات المستقبلية للنفط من شأنه أن يمثل تحولاً كبيراً في الصناعة النفطية، في الوقت الذي ستستنفد فيه الاحتياطيات بشكل مستمر.
وبحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، فإن استثمارات المنبع ستشهد انخفاضاً خلال العام الحالي لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2005، فيما يتوقع بنك «غولدمان ساكس»، أن الركود الذي أصاب الإنتاج خارج منظمة (أوبك) في عشرينيات القرن الماضي، ليس بسبب الجيولوجيا أو حتى الطلب، ولكن بسبب نقص الاستثمار.
في المقابل، رأت شركة «برنشتاين» للأبحاث، أن الإمدادات من خارج «أوبك»، والتي تمثل نحو 60 في المئة من الإنتاج العالمي، قد تبلغ ذروتها في عام 2025، ثم عند مستوى العام الماضي فقط.
ووفقاً لتقرير «ذي إيكونوميست»، فإنه في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وعندما خشي البعض من نفاد النفط من العالم، قامت الشركات المدرجة والمدعومة من الدولة بجولة في العالم بحثاً عن مشاريع.
وعلى مدى العقد الماضي، أطلق التكسير الهيدروليكي العنان للإمدادات في قلب أميركا، وحوّل البلاد إلى أكبر منتج للنفط في العالم، كما ساعدت المشاريع الضخمة في النرويج وقبالة ساحل البرازيل، حيث يقع النفط تحت طبقة سميكة من الملح أسفل قاع البحر، على تعزيز الإمداد أيضاً.
وأوضح التقرير أن الاستثمار في الإمدادات المستقبلية بدأ بالانخفاض، حتى قبل ظهور وباء فيروس كورونا. وكان انهيار الأسعار في الفترة من 2014 إلى 2016 قد قوّض من شهية المشاريع الكبيرة والمحفوفة بالمخاطر.
وحتى بعد ارتفاع الأسعار في عام 2017، جعلت العائدات الضعيفة المستثمرين أقل اهتماماً باستبدال الاحتياطي من التدفق النقدي، في المقابل، ضغطت الشركات على الموردين ووجدت طرقاً لضخ المزيد من النفط من الحقول الموجودة.
وأضاف التقرير «يمكن لمنتجي النفط الآن أن يقولوا بمصداقية إنهم قادرون على انتزاع قيمة أكبر من ميزانياتهم الرأسمالية. ومع ذلك، كان الانخفاض في الاستثمار حاداً بما يكفي لإثارة الجدل حول العرض المستقبلي».
وبحسب وكالة الطاقة الدولية، كان الإنفاق على مشاريع المنبع بالنسبة للنفط والغاز خلال العام الماضي أقل بنسبة 43 في المئة مما سجله عام 2014. ووفقاً لشركة «برنشتاين»، فإن أكبر 50 شركة طاقة مدرجة خارج «أوبك» والاتحاد السوفياتي السابق، أعادت في عام 2019 استثمار ما متوسطه 64 في المئة من تدفقهم النقدي التشغيلي.
من جانب آخر، لفت التقرير إلى أن الوباء أدى إلى تفاقم الأمور بالنسبة لإمدادات النفط، مع إغلاق المنتجين للآبار، وتأخير المشاريع وتخفيض الاستثمار أكثر. وتقدّر شركة البيانات «Rystad Energy»، أنه من بين 3 ملايين برميل يومياً تم إيقاف تدفقها خلال الشهر الماضي، خاصة في أميركا وكندا، لن تتم استعادة نحو 10 إلى 15 في المئة منها.
وفي هذا السياق، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن الاستثمار في العرض سيكون أقل بنسبة 33 في المئة خلال العام الحالي مما كان عليه في عام 2019، وأقل بنسبة 62 في المئة من المستوى المرتفع في عام 2014، وهذا يعني أن انخفاض الاستثمار قد يكون له تأثير أكبر على العرض.
من جانب آخر، أشار التقرير إلى أنه من غير المرجح أن يفضل المستثمرون العودة إلى التوسع السريع، لاسيّما وأن أداء قطاع الطاقة كان ضعيفاً، والارتداد في الطلب غير مؤكد.
أما بالنسبة للنفط الصخري الأميركي، فإن المحللين يراقبون بشكل محموم عدد منصات الحفر، وبيانات خطوط الأنابيب، وحالات الإغلاق ترقباً للإشارة إلى زيادة في العرض.
وتتوقع شركة البيانات «Kim Kim»، ارتفاع منصات الحفر الأميركية لفترة وجيزة هذا الصيف، مع تعافي الأسعار، ورغم ذلك، فإن هناك إجماعاً على أن نمو الإمدادات في عشرينيات القرن العشرين سيكون صامتاً مقارنة بالطفرة، في المقابل يظهر هناك إنتاج هائل للنفط الصخري مع انخفاض حاد في إنتاج الآبار.
وبحسب التقرير، فإن ذلك يبشّر بالخير بالنسبة لمنظمة «أوبك» وحلفائها، الذين تعرضوا لضربات موجعة في العقد الماضي، ففي الفترة من عام 2014 وحتى 2016، شنّت حرب أسعار فاشلة للقضاء على النفط الأميركي. ومنذ ذلك الحين، دعمت منظمة (أوبك) وشركاؤها بقيادة روسيا أسعار النفط بما يكفي للحفاظ على النفط الصخري، ولكن ليس بما يكفي لدعم الميزانيات المحلية للعديد من الدول الأعضاء.
من جهته، أوضح رئيس قسم أبحاث النفط والغاز لمنطقة أوروبا في بنك «مورغان ستانلي»، مارتين راتس، أن «أوبك» تسيطر على 70 في المئة من احتياطيات النفط في العالم، وهو ما تشير إليه حصتها السوقية البالغة 40 في المئة، مبيناً أنه تراجعت شهية العالم تجاه النفط بسبب تغير العادات أو تبني التكنولوجيا الأنظف، فإن البلدان ذات الاحتياطيات الضخمة ستخاطر بترك النفط تحت الأرض.
وتوقع راتس أن «أوبك» ستدافع عن حصتها في السوق بقوة أكبر في المستقبل، والأفضل من ذلك، إذا كان بإمكان الشركات المملوكة للدولة الاعتماد على استثمارات منافسيها الضئيلة للحد من العرض لها.