انعكاس إيجابي لحزم التحفيز والبيانات الاقتصادية في مايو

«الوطني»: تخفيف قيود الإغلاق يرتقي بأداء الأسواق

1 يناير 1970 08:41 ص

تعافي الاقتصاد الأميركي بوتيرة بطيئة وارتفاع الوظائف بمعدلات غير متوقعة

«المركزي الأوروبي» عزّز برنامج الطوارئ لكورونا إلى 1.35 تريليون يورو

 

أفاد بنك الكويت الوطني، بأن الأسواق المالية شهدت أداءً قوياً مرة أخرى خلال شهر مايو الماضي، على خلفية التخفيف التدريجي لعمليات الإغلاق ورفع القيود المفروضة على السفر لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، والإعلان عن حزم التحفيز الاقتصادي الجديدة، وصدور البيانات الاقتصادية الأكثر إيجابية نوعاً ما وإن كانت لا تزال ضعيفة للغاية.
ولفت البنك في تقرير، إلى ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز» الأميركي على سبيل المثال بنسبة 5 في المئة تقريباً في مايو، وهو الآن على بعد 6 في المئة فقط من مستوى الذروة الذي بلغه في منتصف فبراير، ما يعد كافياً لاستنتاج انفصال أداء الأسهم عن المقومات الاقتصادية التي مازالت ضعيفة.
وبيّن التقرير أن عائدات السندات الحكومية الرئيسية واصلت تراجعها الشديد في ظل إقبال الفيديرالي على شرائها سعياً نحو دعم الاقتصاد، كما واصلت أسعار النفط انتعاشها القوي من أدنى مستوياتها التي سجلتها خلال شهر أبريل، بحيث ارتفع سعر مزيج خام برنت متخطياً حاجز 40 دولاراً للبرميل، على خلفية تحسن المعنويات بخصوص الطلب، مؤكداً أن الأهم من ذلك ما قامت به منظمة «أوبك» مع حلفائها من إجراءات الخفض الكبير لحصص الإنتاج بدءاً من شهر مايو والتي تم تمديدها في أوائل يونيو.

التعافي الاقتصادي
وأوضح التقرير أنه رغم أعمال الشغب والاحتجاجات التي انتشرت في جميع أنحاء الولايات المتحدة منذ أواخر شهر مايو الماضي، إلا أن التفاؤل بشأن التعافي الاقتصادي قد عاد نوعاً ما في ظل رفع قيود الحظر تدريجياً، وإعادة فتح الأعمال التجارية وبدء تطبيق سياسات التحفيز الاقتصادي، إلى جانب صدور بيانات اقتصادية فاقت التوقعات، إذ أظهر مؤشر مديري المشتريات الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) لكلا القطاعين الصناعي وغير الصناعي بوادر تعافي الأنشطة الاقتصادية وإن كانت قراءة المؤشرين لم تتجاوز 43 و45 على التوالي في مايو، أي أنهما مازالا عند مستويات تتسق مع استمرار حالة الانكماش الاقتصادي الحاد.
وأشار إلى وجود بعض بوادر التفاؤل التي جاءت على خلفية ظهور بيانات مفاجئة من سوق العمل، والتي كشفت عن ارتفاع عدد الوظائف غير الزراعية بواقع 2.5 مليون وظيفة في مايو، ما أدى إلى إرباك التوقعات التي رجحت تراجعها على نحو حاد يصل إلى 8 ملايين وظيفة، ليساهم ذلك في تمكين سوق العمل الأميركي من استعادة جزء من 20.7 مليون وظيفة تمت خسارتها في أبريل.
ولفت التقرير إلى تراجع معدل البطالة إلى 13.3 في المئة، وإلى أنه على الرغم من تسليط بعض المحللين الأضواء على إمكانية وجود بعض العيوب التي تشوب هذا الاستطلاع، إلا أن البيانات في ظاهرها تشير إلى عودة الموظفين المسرحين إلى العمل بمعدلات جيدة في ظل إعادة فتح الأعمال مجدداً، خصوصاً بالنسبة لقطاع الخدمات الترفيهية المتضرر بشدة.
وأكد أنه على الرغم من ذلك، ما زالت حالة عدم اليقين تحيط بمدى صلابة واستدامة هذا الانتعاش، وأن أهم المخاوف بشأن إمكانية استمرار معدلات البطالة عند مستويات مرتفعة للغاية، تتمثل بالسياسة التي تتبعها الولايات المتحدة في صرف شيكات الإعانة مباشرة للمواطنين (وليس فقط لأصحاب العمل)، ما قد يثني البعض عن العودة إلى العمل، ويساهم في إضعاف علاقاتهم مع الشركات التي كانوا يعملون بها سابقاً.
واعتبر التقرير أنه يمكن أن تتصاعد تلك المخاوف إذا نجح الحزب الديموقراطي في دفع مجلس النواب، لتبني خطة تمديد إعانات البطالة كجزء من حزمة التحفيز الاقتصادي الجديدة، وإن كان الإجراء قد يضمن من الناحية النظرية تعزيز قوة الإنفاق لمساعدة الاقتصاد على التعافي.

إفصاحات جديدة
وتابع «الوطني» أنه «من جهة أخرى، ما زال الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من 2020، يشهد انكماشاً تاريخياً بنسبة 40 في المئة أو أكثر على أساس سنوي، بعد تراجعه بنسبة 5 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، مضيفاً أنه لم يصدر عن الاحتياطي الفيديرالي أي إفصاحات جديدة عن سياساته المتبعة خلال الشهر الماضي، مفضلاً إتاحة بعض الوقت لتدابير التحفيز الاقتصادي السابقة لتحديد مدى فعاليتها، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة إلى 0 و0.25 في المئة، وتقديم قروض بفوائد ميسرة للشركات، وتدابير التيسير الكمي التي تكاد تكون غير محدودة.
ونوه التقرير إلى تباطؤ التوسع الكبير للميزانية العمومية للاحتياطي الفيديرالي أخيراً، بما يشير إلى تحسن ظروف السوق، كاشفاً أن استمرار سرعة انخفاض الضغوط السعرية قد يجبره على اتخاذ إجراءات تيسيرية، خصوصاً إذا كان معدل الانتعاش الاقتصادي مخيباً للآمال، إذ سجل معدل التضخم الأساسي أعلى تراجع يشهده فيما يقارب 20 عاماً خلال شهر أبريل وصولاً إلى 1 في المئة على أساس سنوي مقابل 1.7 في المئة بمارس، أي أدنى بكثير من معدل 2 في المئة المستهدف.

خيارات «الفيديرالي»
وأفاد التقرير بأنه من ضمن الخيارات المتاحة أمام «الفيديرالي» دفع أسعار الفائدة إلى المنطقة السلبية، رغم عدم ترحيب العديد من المسؤولين بهذا الإجراء لعدد من الأسباب، ومن ضمنها ما لذلك من تأثير على أسواق النقد التي قد تواجه عائدات سلبية. وكشف أن السيناريو الأكثر قبولاً فيتمثل في التحرك نحو اتباع إرشادات استشرافية أكثر قوة، حول مسار السياسات النقدية.

سياسات جديدة
وذكر التقرير أن بدء عودة الحياة من جديد للنشاط الاقتصادي في كل أنحاء أوروبا، في ظل تخفيف عمليات الحظر، نتج عنه تعافي مؤشر مديري المشتريات المركب لمنطقة اليورو من أدنى مستوياته التي بلغت 13.6 في أبريل، منوهاً إلى ارتفاعه في مايو إلى 31.9 نقطة، فيما يشير إلى تحسنه وإن كان مازال ضعيفاً.
وكشف عن صدور أنباء جيدة حتى الآن بشأن معدل البطالة، والذي ارتفع قليلاً في أبريل إلى 7.3 في المئة، مقابل المستوى المسجل ما قبل الأزمة البالغ 7.2 في المئة لفبراير، على الرغم من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8 في المئة، على أساس ربع سنوي، في الربع الأول، وتوقع انخفاضه 10 في المئة أو أكثر في الربع الثاني من العام الحالي.
وذكر التقرير أنه في إيطاليا، تراجع هذا المعدل وإن كان لا يعكس سوى ترك عدد كبير من الأشخاص القوى العاملة، إذ يتمثل أحد التفسيرات لمرونة سوق العمل في فعالية برامج دعم الأجور في كل أنحاء المنطقة، إذ تم تمكين الشركات من المحافظة على قواها العاملة رغم انخفاض الإيرادات.
وشدد التقرير على أن الخطر يتمثل هنا في أنه إذا لم يعد الطلب على نفس الوظائف كما كان سابقاً، فسيكون وقتها قد أسيئ تخصيص أموال الدعم.

نشاط أكبر

أوضح تقرير «الوطني» بأن هناك دلائل على أن السياسات الاقتصادية أصبحت أكثر نشاطاً، مشيراً إلى أن البنك المركزي الأوروبي أعلن في يونيو أنه سيعزز حجم برنامج الطوارئ لمواجهة تفشي فيروس كورونا البالغ قيمته 750 مليار يورو، لتبلغ قيمته الاجمالية 1.35 تريليون يورو، كما سيقوم بتمديد برنامج شراء الأصول حتى يونيو 2021 على أقل تقدير.
ويأتي ذلك في خطوة هادفة إلى استعادة النمو والحفاظ على خفض تكاليف الاقتراض، بالنسبة للبلدان الضعيفة مثل إيطاليا وإسبانيا، إذ برر البنك ذلك بخفض توقعاته لكل من معدلات النمو والتضخم، إذ يشهد الإنتاج الإقليمي الآن انكماشاً بنسبة 8.7 في المئة العام الحالي، ولا يبدو أنه سيتعافى إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا حتى 2023.
وتوقع التقرير تراجع معدل التضخم إلى 0.3 في المئة فقط هذا العام، وأن يصل 0.8 في المئة عام 2021، أي أدنى بكثير من مستوى 2 في المئة المستهدف.
ويشير اتباع السياسات النقدية التيسيرية إلى أن البنك المركزي الأوروبي، لم يردعه صدور حكم من المحكمة الدستورية الألمانية في مايو، بأنه قد تجاوز صلاحيته بإصدار برنامج التيسير الكمي في وقت سابق والذي مازال قائماً، الأمر الذي إن لم يتم دحضه بنحو مناسب فقد يؤدي في النهاية إلى انهيار الدعم الخاص بالعملة الموحدة.
واقترح الاتحاد الأوروبي السماح له بإصدار سنداته للمرة الأولى بقيمة 750 مليار يورو (3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) لتمويل خطة إنعاش الاقتصاد الإقليمي، بما سيعود بالنفع على الدول الأكثر تضرراً بصفة خاصة، وتخصيص 500 مليار يورو من ضمن هذا المبلغ في هيئة منح بدلاً من القروض.
ولفت التقرير إلى أن موافقة ألمانيا التي كانت مترددة سابقاً في الموافقة على تقاسم الديون، تعد خطوة تاريخية على الطريق نحو مزيد من التكامل الأوروبي، الأمر الذي قد يساهم في تسريع وتيرته أيضاً انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في يناير، إذا أدى ذلك إلى تحسين التماسك الإقليمي.

اليابان تحت براثن الركود

لفت «الوطني» إلى أن الاقتصاد الياباني انكمش 3.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي، إذ أثر التباطؤ العالمي على الصادرات وخفضت الشركات استثماراتها، وقلص المستهلكون معدلات الإنفاق على السلع الأساسية في ظل تفشي كورونا.
وبيّن التقرير أنه في أبريل، شهدت الصادرات اليابانية أكبر معدلات التراجع منذ الأزمة المالية العالمية، إذ انخفضت 22 في المئة على أساس سنوي، متأثرة في الغالب بضعف الطلب العالمي على السيارات والمواد الصناعية، كما واصلت الواردات تراجعها إذ انخفضت 7.2 في المئة، بما يعكس استمرار ضعف الطلب المحلي أيضاً.