رواق

مثنى وثلاث ورباع...

1 يناير 1970 05:12 م

على صفحتها في برنامج تويتر كتبت المغردة خالدة المخلد الآتي: «من أسوأ القرارات والقوانين عدم السماح للكويتي العامل في القطاع الحكومي بالعمل في وظيفتين أو وظيفة مسائية، بينما كان مسموحاً للوافد العامل في القطاع الحكومي، فإن كان الأمر تعارض مصالح فأيضاً هذا الكلام ينطبق على الوافد، وهذا كان من أسباب زيادة عدد الوافدين بعد».
ثم توالت الريتويتات والردود لمناقشة التغريدة، وفق محور وحيد استهلك نقاشاً، حتى صار قضية خلافية أشبه بمباراة بين فريقين لا نعرف نتيجتها: كويتيون ووافدون!
وهكذا انشغلنا عن القضية الأساسية وهي الجمع بين وظيفتين إلى قضية هامشية مستهلكة، وهي وجود الوافدين وإن كانت لا تقل أهمية عن القضية الأولى، ولكن لنكن أكثر دقة وصراحة المشكلة لا تتعلق بوجود الوافدين بقدر ما تتعلق بجنسية معينة، تزايدت على نحو لافت في الثلاث عقود الماضية، كبديل للفراغ الذي حدث بعد تحرير الكويت بعد مغادرة نحو نصف مليون فلسطيني، هذا الفراغ الذي تسببت به الأوضاع السياسية سدته المواقف السياسية أيضاً، فكانت المكافأة في مقابل العقاب بعشوائية من دون دراسة أو تخطيط، لينتج عنها ما نتج وندور في حلقة مفرغة أول سبل الخروج منها تسمية الأشياء بمسمياتها.
نعود للقضية الأولى والتي عايشتها وأعايشها بشكل شخصي لكوني جمعت بين الدراسة والوظيفة، فأثر إيجاباً على دراستي، رغبة في تحسين الراتب الصادم لغير الحاصل على شهادة جامعية، وهي تجربة أتمنى إتاحتها لكل متعثر، فلولاها لما انتقلت إلى قوائم الشرف في التفوق الجامعي، ولما اخترت التخصص الذي أريد.
وبعد الدراسة عملت في مجال تخصصي في وظيفة حكومية، فلم أمارس وأطبق ما درست فلجأت إلى العمل التطوعي، الذي تطور فأصبح عملًا متخصصاً، وهكذا وجدت نفسي أجمع بين وظيفتين أضع خبرة كل منهما في الثانية إنما بشكل غير قانوني، يسهل معه التلويح بالعقوبات المشددة لعدم وجود قانون تفرغ واضح أو قانون للجمع بين وظيفتين، وهكذا انسحبت في أوج عطائي حالي حال الكثير من الكفاءات، وهذا سر تراجع إعلامنا ورياضتنا كما أسلفت من دون وجود نظام قانوني واضح للتفرغ أو للجمع بين الوظيفتين، من دون أمزجة ومحسوبيات!
صحيح أن طلب إذن العمل متاح، ولكن الموافقة عليه متاحة أيضاً حسب الأمزجة، لا قوانين تحدها فالقوانين الحالية تمنع ولا تسمح بتعدد الوظائف: تحصرها في وظيفة واحدة لكل كويتي، وتجيزها للوافد مثنى وثلاث ورباع بينما العكس هو الصحيح!
كثيراً ما يكون الجمع بين وظيفتين موقتاً لاختيار إحداها، وبالتالي يتيح فرصاً وظيفية أكبر بدلاً من الاعتقاد باحتكار الفرص، وكثيراً ما يكون هذا الجمع تشجيعياً لاقتحام مجالات حرفية جديدة قلمّا مارسها الكويتي وتحتاج جرأة وضماناً وظيفياً مسانداً، والأهم أن هذا الجمع يجعل الكويتي يعتمد على الكويتي أكثر من الوافد في عمله الخاص لوجوده في سوق العمل المتاح حصرياً للوافد حالياً.
وأخيرا فإن التعذر بأن الجمع بين وظيفتين أو تعدد وظائف الكويتي سيؤثر على التزامه، فهو كلام غير صحيح، فالملتزم ملتزم حتى ولو عمل في عشر وظائف، والمتسيب متسيب ولو عمل في وظيفة واحدة لا غير!