بقاء «يونيفيل» مصلحة لإسرائيل وصراع التوازُن مع «حزب الله» باقٍ

1 يناير 1970 09:47 م

قبل التجديد لقوة حفظ السلام الموقتة التابعة للأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، تتعالى أصواتٌ من داخل إسرائيل والولايات المتحدة داعيةً إلى توسيع مهماتها لتتناسب مع أهداف الدولتين ومُطالَبةً بقيامها بما عجزتا عن تحقيقه ضدّ «حزب الله» وتَعاظُم قوته، وهي القوات التي تحتاج الدولة العبرية بشدّة لبقائها في مكانها.
وتَعتبر مصادر في «محور المقاومة»،ان وجود «يونيفيل» في جنوب لبنان باقٍ ما دام يخدم مصلحة إسرائيل. وإلا فإن بقاءها من عدمه سيان بالنسبة إلى سكان الجنوب، مشيرة إلى أن«هذه القوات تلتزم المراقبة من دون أن يكون لها أي دور فعال بوقف الخروق الإسرائيلية اليومية، أكان جواً أو بحراً أو براً»، لافتة إلى أنه«عندما تخرق قواتٌ إسرائيلية السيادةَ اللبنانية، تحضر يونيفيل بعد اتخاذ الجيش اللبناني وضعاً قتالياً في مواجهة الجنود الإسرائيليين، ما يستدعي مجيء القوات الدولية لتفادي المواجهة. أما عندما تريد إسرائيل دخول لبنان للحرب، فتصبح مهمة القوة الدولية تَعداد الآليات الداخَلة وتلتزم تعليماتٍ يُصْدِرُها لها الجيش الإسرائيلي الذي لم يتردّد بقصف مواقع قوات الأمم المتحدة عندما يريد وتحت أنظار مجلس الأمن العاجز بسبب هيمنة أميركا عليه».
في العام 1996، قصفت إسرائيل موقعاً لـ«يونيفيل» في بلدة قانا وقتلت 106 مدنيين لبنانيين وجرحت 116 آخَرين وكذلك 4 من قوة حفظ السلام. وكان المدنيون لجأوا إلى موقع القوة معتقدين أن«القبعات الزرق» ستحميهم. ولم يتصوّروا أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط الأمم المتحدة ما دامت أميركا تحميها.
وفي قانا عيْنها، أعادت إسرائيل المجزرة نفسها وقتلت بقصفها العام 2006 نحو 54 مدنياً بينهم 37 طفلاً. وكان رد فعل مجلس الأمن أن«دان القصف وطلب من إسرائيل وقف الحرب». إلا أن الدولة العبرية لم تلتزم على جري عادتها حتى ولو ارتقت أفعالها إلى مستوى«جرائم حرب».
وترى مصادر«محور المقاومة»، أن«الهدف الأساسي لـ(يونيفيل) هو مراقبة تحركات (حزب الله) في جنوب لبنان ومحاولة الكشف عن مراكز سلاحه وتحرّكات قواته وقادته. فبين الدول المُشارِكة في قوة الأمم المتحدة مَن لديها تعاون استخباراتي معلَن مع إسرائيل وتعمل جنباً إلى جنب معها. فهناك زيارات دائمة لضباط من (يونيفيل) لتل أبيب بدعوة من الضباط الإسرائيليين لتمضية عطلة نهاية الأسبوع. وتالياً فإن إسرائيل تريد لهذه القوة البقاء حتى ولو كان عملها محدوداً».
ويقول جنرال الاحتياط الإٍسرائيلي أساف أوريون، إنه«على الرغم من إنشغال (حزب الله) في سورية ووجود قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان، استطاع الحزب بناء وامتلاك ترسانة مؤلفة من 130000 صاروخ من أعيرة مختلفة وطائرات مسيرّة وصواريخ سطح - سطح وصواريخ مضادة للسفن وللطائرات ليصبح مستواه أعلى من دول عدة...».
وفي رأي المصادر أن«هذا بالضبط ما تبحث عنه إسرائيل التي تريد القضاء على (حزب الله) وترسانته وفتْح الطريق أمام قواتها عندما ترغب في إجتياح لبنان أو قضْم جزء من أراضيه ومياهه».
وتذهب المصادر إلى أبعد من ذلك حين تشير إلى أن«حزب الله» يُنْفِق على مؤسساته وعناصره مبالغ نقدية أكثر من ضعف موازنة «يونيفيل» السنوية. وتالياً فإن الأموال التي تصرفها هذه القوات لا تعنينا. فبقاؤها أو زيادة عددها أو خفْضه يتعلق بحاجة إسرائيل. ومن الواضح أنه في أي حربٍ، لا تأخذ الأطراف المتحاربة في الاعتبار وجود هذه القوات. من هنا فإن إسرائيل تعتقد خطأً أنها تستطيع ليّ ذراع الحكومة اللبنانية بالطلب منها تغيير قواعد الاشتباك وليّ ذراع «حزب الله» مقابل مساعدات مالية. هذا لن يحصل لأن «حزب الله»، جزء لا يتجزأ من المجتمع اللبناني ومؤسساته الرسمية من خلال وجوده تحت سقف البرلمان وداخل مجلس الوزراء وفي داخل المؤسسات الأمنية من خلال بيئة هي جزء منه.
وفي اعتقاد المصادر عيْنها أن«إسرائيل تعلم أن (حزب الله) يملك صواريخ دقيقة مدمّرة وتالياً فإن خيار الحرب - على الرغم من عدم استبعاده من (حزب الله) وإبقائه ضمن الفرضيات دائماً - فإنه ولّى إلى غير رجعة ما دامت إسرائيل تعلم بتجدد الترسانة التي يملكها الحزب، ما يجعل القادة الإسرائيليين والأميركيين يبحثون عن طرق أخرى لسحب سلاحه أو وقف خط إمداده. وأصبح واضحاً أنه عندما تعجز إسرائيل وأميركا عن تحقيق هذا الهدف، تلجأ إلى دول أخرى أو لمحاولة حصار الحزب داخلياً أو لمضايقة بيئته الحاضنة أي نحو ثلث سكان لبنان وأكثر إذا ما أضيف إلى هذه البيئة مؤيّدوه من الطوائف الأخرى».
ومحاولة التصويب على دور الأمم المتحدة ليست بجديدة. فالتصادم بين أهالي جنوب لبنان (الموالون للحزب) و«يونيفيل»، محاولةٌ جرت في الماضي وأثبتتْ فَشَلَها. أما الحديث عن قفل الحدود في وجه الطرق«غير الشرعية»التي يستخدمها«حزب الله»لتحديث ترسانته، فإنه، وبحسب مصادر«محور المقاومة»سقط عندما حطت طائرة أميركية داخل حرم السفارة الأميركية ونقلت خلسة المتَّهَم عامر الفاخوري في مارس الماضي إلى الخارج من دون الأخذ في الاعتبار سيادة لبنان.
وتالياً فإن عجز الدولة اللبنانية عن وقف التهريب الأميركي يختلف عن وقف«حزب الله»العمل على تجديد ترسانته لأنه محمي من البيان الوزاري ويمثّل اليد التي تعتمد الدولة عليها لردع إسرائيل وخروقها وفرْض قواعد اشتباك تمنع اجتياح لبنان.
وتذكّر هذه المصادر بأن«حزب الله» برهن في مواقف مختلفة قدرته على إرسال رسائل مباشرة لإسرائيل في كل مرة تحاول فيها تغيير قواعد الاشتباك. وتقبّلت إسرائيل إهانة الحزب لها وصمتت على مضض في محطات عدة. ولذلك فهي تبتعد عن المواجهة وجهاً لوجه وتحاول دفْع أميركا، لمساعدتها في هذه المهمة، إلا أن كل المحاولات السابقة باءت بالفشل.