أفقد فيروس كورونا المستجد قرقيعان هذا العام حلاوته، معطلاً أحد أهم العادات الرمضانية التراثية في الكويت. شوارع الديرة، المحظورة جزئياً حتى الآن، بدت خالية من الأطفال الذين اعتادوا في مثل هذا التوقيت وخلال الليالي الرمضانية الثلاث (13 و 14 و 15) أن يملأوا الطرقات بحلاوة البهجة، متنقلين كالفراشات من بيت لبيت ومن شارع لآخر.
تقلصت مظاهر الاحتفال وانتقلت من الشوارع إلى البيوت، لتصبح مظاهر منزلية، لكن البصمة الكويتية دائماً متواجدة، رغم أنف الفيروس، إذ قامت جمعية الهلال الأحمر بتوزع قرقيعان في المحاجر على نزلائها، مع الالتزام بالاحترازات الصحية المطلوبة. فيما بث عدد من الأسر مقاطع الاحتفال عبر هواتفهم أونلاين عن بعد، من داخل منازلهم.
ورغم أن ترنم الأطفال بالقرقيعان بدا حزيناً وعلى استحياء، بفعل الأيام الطويلة التي قضوها في المنزل، بعد أن حبسهم الفيروس، إلا أن هذه الأهازيج لم تخلو من نبرة أمل، في أن تتعدل الأحوال، وإلى أن يحدث ذلك فليس أمامهم سوى البقاء في البيوت، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
ومن المنازل إلى أسواق بيع الحلوى، التي جالت عليها «الراي»، فوجدت حالها لا يسر الناظرين وبدت شبه خاوية، بينما أكد البائعون فيها أن معدل بيع القرقيعان هذا العام وفي ظل هذه الظروف يكاد يكون معدوماً. محمد حسن، بائع في أحد محلات بيع الحلوى، تحدث لـ «الراي» قائلاً «كنا في العادة في السنوات الماضية نبيع أطنانا من القرقيعان، أما هذا العام فما تم استهلاكه من قبل الزبائن لا يعدو عشرات الكيلوات، رغم أن الكثير من المحلات وفرت خدمة التوصيل للمنازل، وخفّضت الأسعار».
أما البائع مسعود حبيب، فتحدث لـ «الراي» متأثراً من ضعف حركة البيع والشراء، قائلاً «بيع القرقيعان هذا العام اقتصر على بعض الجمعيات الخيرية والتعاونية، أما الأفراد فتواجدهم شبه منعدم».
على صعيد متصل، دعت جمعيات خيرية إلى توجيه الأموال التي كانت تنفق على القرقيعان إلى محتاجي الصدقات، فيما رأى آخرون أن الجانب الإيجابي في عدم الاحتفال بالقرقيعان هذا العام، هو اختفاء التنافس بين النساء في مستوى«كشخة» القرقيعان، فضلاً عن غياب الجدل الفقهي المتكرر كل عام حول مدى شرعية الاحتفال به.
وفي وقت بدت فيه أكياس القرقيعان حزينة على الأرفف تشكو التجاهل، كان لسان حال الباعة والمشترين «ما باليد حيلة وليس بالإمكان أفضل من ما كان».
فرصة لرفع مناعة الأطفال بالأطعمة المفيدة
عائلات تبتدع طرقاً جديدة للاحتفال
| كتبت مريم الحكيم |
رغم تفشي فيروس «كورونا» المستجد، إلا أن عادة الاحتفال بالـ«قرقيعان» لا يمكن التخلي عنها في شهر رمضان من كل عام، ولم يفقد هذا الطقس التراثي حضوره في زمن «كورونا»، فكان أن ابتدعت عائلات كويتية طرقاً خلاقة للاحتفال به كي لا ينتصر الفيروس على هذا التقليد الجميل.
واعتبر عدد من المواطنين في تصريحات متفرقة لـ«الراي»، أن «قرقيعان» من أكثر المناسبات التي تسعد الطفل، وأن الأطفال بأمس الحاجة للشعور بالفرح، وسط الحذر الذي يعيشه العالم اليوم، ما يزيد إصرارهم على الاحتفال به كما العادة، لكن بطرق جديدة.
وفي هذا السياق، قالت سلوى الزيد إنه من الممكن جداً أن يستغل الأهالي فرصة الاحتفال في قرقيعان، لتقوية مناعة أطفالهم، ما يمكنهم أن يصبحوا أقل عرضة للإصابة بالفيروس، وذلك عن طريق استبدال الحلويات المضرة بالصحة، بثمار الفواكه التي تحتوي على فيتامين «ج»، والذي يعزز الجهاز المناعي للجسم، ويزيد من إنتاج خلايا الدم البيضاء التي تساعد على مكافحة العدوى، وإضافة بعض المكسرات النيئة، التي تحتوي مواد مضادة للأكسدة.
بدورها، لفتت سامية عبدالرحمن، إلى ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية الصادرة عن وزارة الصحة، للوقاية من الإصابة بالعدوى، وللاحتفال بالمناسبة في الوقت ذاته.
واعتبر فهد العتيبي، أن الأطفال بحاجة للشعور بالسعادة، لأنهم افتقدوا هذا الشعور، منذ أن اصبحوا سجناء في بيوتهم، وقال إن «قرقيعان فرصة لادخال السرور إلى قلوبهم، وأنها دوماً تفرحهم الأشياء البسيطة، ولا مانع من الاحتفال بعد أخذ الحيطة والحذر».
ومن جهته، أشار عبدالله جابر إلى أن الاحتفال بقرقيعان سيكون مختلفاً هذه السنة بسبب الفيروس، وأن العائلة قررت أن تحتفل في منزل الجد والجدة الكبير، قائلا «احنا الكبار كلنا رح نتوزع على الغرف، وعيالنا رح يقرقعون، ويطقون باب غرفة غرفة، وعند كل غرفة رح يغنون الأغنية الشهيرة (قرقيعان وقرقيعان...)».