تحليل / إجراءات متسرعة أو تحمّل مشاهدة مزيد من الانهيارات

السقوط الحر للنفط الأميركي يضع ترامب بين نارين... أحلاهما مرّ

1 يناير 1970 07:14 م

يبدو أن الكلمة العليا في انهيار النفط الأميركي باتت لفيروس «كورونا»، والإجراءات الاحترازية المصاحبة له، من عمليات حجر وتوقف للمصانع، ووسائل النقل، براً وبحراً وجواً، ما ينذر بمزيد من الانخفاضات المقبلة للأسعار مع استمرار الأسباب وارتفاع المخزون النفطي حول العالم.
وجاء انهيار أسعار النفط في البورصة الأميركية، ليضع الرئيس دونالد ترامب بين نارين، اما اتخاذ إجراءات «متسرعة» لاستيعاب صدمة الانهيار لتداولات النفط الأميركي والعمل على عودة الحياة الطبيعية لسحب المخزون وتسريع وتيرة الحياة الاقتصادية وتحفيز الطلب على النفط، وهو ما سوف يحمّله فاتورة ضخمة في حال اتساع عواقب فتح الاقتصاد صحياً، وإما التريث وتحمّل مشاهدة المزيد من الانهيارات غير المتوقعة ما يصمه بعدم القدرة على إدارة الأزمة.
وتوضح مصادر لـ«الراي» أن ما حدث للنفط الأميركي تداول ورقي لسلعة لها موعد استحقاق آني ومحدد، كما العروض في الجمعيات، فكلما اقترب موعد انتهائها يتم الإسراع في خفض أسعارها، مضيفة أن طريقة إنتاج النفط الصخري تختلف عن التقليدي، فالتقليدي يمكن التحكم في إيقاف وإعادة انتاجه أما الصخري فيعتمد على الإنتاج من البئر لحين إفراغه.
وتقول مصادر إن أي نفط يتم بيعه في أسواق العالم يعتمد في تسعيره على معيار «نفط إشارة» متفق عليه، مثل خام «برنت»، الذي يستخدم كمعيار لتسعير غالبية النفوط العالمية، ويتميز أنه من النفوط الخفيفة، ونسبة الكبريت فيه منخفضة، ويستخدم بشكل كبير في أوروبا، إضافة إلى أميركا وأفريقيا، وبالنسبة إلى نفوط المنتجين مثل الكويت ودول الخليج، يتم تسعيرها وفق معيار نفط الإشارة، «خام دبي وعمان»، لافتة إلى أن هناك بعض الفروقات في النفط المباع تعكس نوعيته ووجهته، فمثلاً الخام الكويتي إلى آسيا يباع على أساس متوسط نفط خام «دبي وعمان»، بمعنى أن لكل جهة التسعير وفق خام إشارة متفق عليه.
وبالنسبة لخام غرب تكساس المتوسط «WTI»، فهو نفط خام يُستخدم كمعيار في تسعير النفط المورّد لأميركا في العقود المستقبلية لبورصة نيويورك «نايمكس»، وهو خام سهل التكرير منخفض الشوائب.
أما الأسواق النفطية فتنقسم إلى:
1- السوق الفوري: ويتم فيه بيع النفط بشكل مباشر بين المنتج والمستهلك، والتسليم والتسلم فيه وفق العقود.
2- السوق الآجل: هي سوق «ورقية» تتداول فيها العقود النفطية كعقود لها أجل لاحق للتسليم والتسلم مثل السوق الأميركي، والمتداولون فيه من جميع فئات المجتمع وهيئاته.
وبما أن أي منتج أو بضاعة يحل أجلها أو يقترب وقت تسليمها وتتطلب تخزيناً أو معاملة خاصة، يقل سعرها تدريجياً وفقاً لفترة الصلاحية أو الوقت المحدد لها، فإن ذلك ما حدث مع النفط الأميركي الذي انهار لأن موعد استحقاق التسليم، وما زاد من ذلك أن غالبية المتداولين «ورقياً» مستثمرين وشركات ليست لهم علاقة مادية بالنفط.
وبالطبع، هناك أسباب جوهرية داعمة لمثل هذا الانهيار الحر لأسعار النفط «الورقية»، أبرزها عدم وجود سعة تخزينية مناسبة خلال المرحلة الحالية، بعدما امتلأت خزانات النفط العالمية براً وبحراً، في ظل عدم السحب من المخزون.
ويعيد انهيار النفط الأميركي إلى الأذهان أزمة العقار الأميركي خلال 2008، كما يثير علامات الاستفهام حول دور منتجي النفط الأميركي في الأزمة النفطية العالمية، إذ تحذر مصادر من أن استمرار انهيار أسعار الخام الأميركي وتراجعها للشهر الجديد، سينعكس ويؤثر سلباً على أسواق النفط العالمية.