شيء ما في «الصديق» يشبه اسمها، فسرعان ما تحوّلت المنطقة الهادئة، القريبة جغرافياً من كل المحافظات، إلى غرفة عمليات مركزية للطوارئ لوزارة التجارة والصناعة، في حالة انعقاد دائم لمواجهة تداعيات انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
ربما لا تعدّ مجافاة للموضوعية القول إنه في مركز الصديق بات للكويت فجأة قلب نابض بالحدث الصادق، إجرائياً وفنياً ورقمياً، مدعوم برقابة حاسمة، لا تدع مجالاً للاحتمالات أو الفراغات الرمادية، التي قد تضر الجهود المبذولة في تعزيز متانة المخزون الإستراتيجي للدولة غذائياً ودوائياً واقتصادياً.
من مركز الصديق للطوارئ تأتي الاستجابة الفعّالة سريعاً من مسؤولي الوزارة في مواجهة تداعيات الفيروس، بفضل التأهب لأيّ طارئ قد تفرزه الأزمة الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد، فمن هناك يستطيع مسؤولو الوزارة التحدث بلغة الواثق رقمياً لحظة بلحظة عن جميع سلع المخزون الإستراتيجي، سواء كان صعوداً أو هبوطاً.
يقول وكيل الوزارة عبد الله العفاسي، إنه قبل بروز تهديدات الجائحة إلى السطح بأسبوعين، اتخذت «التجارة» قرارات حازمة عدة، وسلسلة إجراءات أسهمت في مساندة أجهزة الدولة المختلفة في مكافحة منع تفشي «كورونا»، عبر مصدّات إجرائية ورقابية سريعة.
ويضيف أنه منذ هذا التوقيت يتعامل مسؤولو «التجارة» مع هذه القضية على أنها مسألة تتعلق بالأمن القومي، فشكّلوا لذلك مركز طوارئ في الصديق، مجهزاً بجميع الإمكانات الفنية، التي جعلت الوزارة سباقة دائماً بخطوات في مواجهة الأزمة المفتوحة، وليصبح مع ذلك الحد من المخاطر عنصراً أساسياً في سياسات «التجارة»، مع تمكنها في تقوية عمل المؤسسات ذات العلاقة بالمخزون الإستراتيجي من السلع الغذائية، عبر تعظيم قدرات الدولة في مواجهة المخاطر بشكل منهجي، وإدراج نهجه وجعل التأهب سمة عمل دائم.
ويكشف العفاسي، أن «التجارة» نجحت في تعزيز متانة المخزون الإستراتيجي للسلع الغذائية، مدعومة بتحسين جودة مؤشرات بياناتها الإحصائية، ما أرسى للوزارة نظام إنذار مبكرا، زاد قدرتها على التنبؤ والرصد، والتأهب لمواجهة الحد من التهديدات المختلفة، ورفع إمكاناتها الحقيقية للاستجابة مبكراً للحد من المخاطر في القطاعات الرئيسية.
ويلفت العفاسي إلى أن فريق «التجارة» في مركز الصديق تحوّل إلى خلية عمل على مدار الساعة، فيما يؤكد أن «التجارة» ما كانت لتنجح في ضمان تدفق السلع وتحديداً الرئيسية منها، لولا تناغم فريقها، وقوة المخزون الغذائي الذي تم بناؤه وتدعيمه بفضل الجهود العالية للحكومة الحالية، ومكتسبات الحكومات السابقة، التي راعت في تخطيطها نحو المستقبل كل السيناريوهات، التي يمكن أن تتعرّض لها البلاد، حتى الأسوأ منها.
أزمة حقيقية
من ناحيته، يلفت الوكيل المساعد لقطاع الشركات الدكتور صالح العقيلي، إلى أن توسيع نطاق عناصر التأهب لدى «التجارة» ساعدها بكفاءة في تجاوز اختبارات الضغط الحقيقية، التي واجهتها مع الأزمة، وليس افتراضية مثل التي يجري إعدادها عادة في وقت الرخاء.
ويضيف أن «التجارة» واجهت باقتدار عالٍ الهجمات الشرائية التي تعرّضت لها منافذ البيع بغرض التخزين من المستهلكين المدفوعة بالهلع غير المبرر، حيث عوّضت الكميات المسحوبة، والتي صُنّفت على أنها عالية جداً في التو واللحظة، بخلاف دول كبرى استهلكت الكثير من الوقت في إعادة ملء أرففها مرة ثانية، بعد أن فرّغت في أول مواجهة لسحوبات غير تقليدية من المستهلكين.
ويوضح العقيلي أن جهود قطاع التجارة الخارجية التابع لإدارته بالوكالة، تضاعفت في الأسابيع الماضية، لجهة التواصل مع السفراء الموجودين بالكويت، وتحديداً الدول المصدرة غذائياً، ويبين أن هذه الجهود تكلّلت بالعديد من النتائج الإيجابية ليس أقلها حلحلة العديد من الملفات التي كانت عالقة لفترة طويلة، وإزالة الكثير من العراقيل التي تقلّل معدلات الاستيراد، والحفاظ على سلامة سلعها لأطول فترة ممكنة.
وينوه العقيلي بأن من نتائج هذه الجهود أن خصّصت الحكومة الأسترالية صندوقاً بـ110 ملايين دولار، لدعم الشحن الجوي لمنتجاتها أمام الموردين الكويتيين، فيما نجح القطاع في رفع فترة جواز عرض اللحوم المبرّدة على الأرفف لـ90 يوماً صعوداً من 70، بعد تخفيف التشدد المبالغ فيه، مع الأخذ بالاعتبار أن مدد هذه المنتجات الآمنة تصل لـ120 يوماً.
ويبدو بحسب العقيلي أن جهود «التجارة» لم تقتصر على النظرة المحلية فقط في مواجهة الأزمة، حيث سعت للتكامل خليجياً، وإلى ذلك حصلت الكويت على الموافقة بإنشاء شبكة موحدة لأمن إمدادات الغذاء على غرار شبكة الربط الكهربائي، لتحقيق الأمن الغذائي لهذه الدول، فيما تم تكليف الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي ببدء الدراسات الفنية، حيث تضمن الاقتراح الذي قدّمه وزير التجارة والصناعة خالد الروضان خلال الاجتماع الاستثنائي لوزراء التجارة في مجلس التعاون إنشاء خطوط سريعة في مراكز الجمارك لضمان انسيابية وعبور المنتجات الأساسية للمعيشة كالمواد الغذائية والطبية مع عقد اجتماعات دورية لوزراء التجارة ووكلائهم لمناقشة الوضع الحالي.
ويأتي التطور الخليجي الغذائي وسط التداعيات الاقتصادية التي تلف العالم ما يستدعي تعاضداً خليجياً يقوي الأمن الغذائي في منظومة بلدان مجلس التعاون.
وإلى ذلك، وتأكيداً على حجم التجارة البينية غير النفطية خليجياً، يستدل العقيلي بحجم التبادل التجاري بين الكويت والمملكة العربية السعودية، حيث يشير إلى أن قيمة صادرات الكويت للسعودية بلغت بنهاية الربع الثالث من 2019 أكثر من 153.8 مليون دينار، والواردات نحو 486.8 مليون، فيما بلغت قيمة الصادرات إلى المملكة حتى نهاية الربع الأول من 2020 أكثر من 25.6 مليون، مقابل واردات بـ209.8 مليون.
وما يؤكد تزامن «التجارة» مع كل التطورات ما يشير إليه العقيلي في أنه ورغم الإغلاق الاقتصادي الذي أقرّته الحكومة منذ 11 مارس الماضي، وتوقف أعمال شريحة واسعة من الشركات، إلا أن قطاع الشركات في الوزارة استمر على فعاليته، فالتعقيدات الواسعة التي فرضتها الأزمة على مجتمع الأعمال دفعت «التجارة» إلى تقديم مبادرات تضمن استمرار الأعمال الضرورية من الحفاظ على أعمالها.
ويبين العقيلي أن قطاع الشركات دفع إلى تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الشركات، في ما يتعلق ببند التصويت الإلكتروني، في الوقت الذي يوضح أنه بالتنسيق مع هيئة أسواق المال والشركة الكويتية للمقاصة تم تقليص الفترة المطلوبة لإقرار هذا الإجراء إلى أقل معدل زمني ممكن، ليتم إطلاقه رسمياً في مسعى للتسهيل على الشركات ومساهميها.
ويفيد العقيلي بأنه إلى جانب ذلك قادت «التجارة» مبادرات إضافية لتخفيف الضغط على السحوبات الغذائية، بإشراك جهات معنية في عملية الاستيراد، حيث منحت الوزارة تراخيص استيراد للجمعيات الخيرية، ضمن مبادراته لتخفيف السحوبات المحلية، لصالح زيادة خطوط الاستيراد، خصوصاً من الجهات التي تحصل على حصة مؤثرة من سوق المستهلكين.
وكاستجابة سريعة للإغلاق الحكومي، يشير العقيلي إلى أن الوزارة أصدرت 3 قرارات تستقيم مع تعطل الأعمال، شملت تمديد صلاحية الرخص التجارية حتى 31 يونيو المقبل، وإقرار العمل برخص الاستيراد المنتهية حتى إشعار آخر، وأخيراً وقف جميع المدد القانونية التي لها علاقة بالتظلمات والطعونات.
وفي الوقت نفسه، يشدد العقيلي أن تحركات «التجارة» مع البنك الدولي في ما يتعلق بالعمل على استمرار تحسين مؤشرات الكويت على مؤشر تحسين بيئة الأعمال، وبدء النشاط التجاري لم يتوقف رغم كل التحديات التي فرضها «كورونا»، حيث قدمت الوزارة كل البيانات لإنجاز المطلوب من أجل تحقيق الاصلاح المستهدف، مع التركيز على الاستمرار في التحسن والربط مع هيئة القوى العاملة، ما ترتب عليه زيادة تقليص فترة تأسيس الشركات.
تعاون جماعي
أما الوكيل المساعد للشؤون الفنية وتنمية التجارة محمد العنزي، فيبين أنه نتيجة للجهود التي تم تتويجها بتعاون جماعي مع شركتي التموين والمطاحن ووزارات الشؤون والداخلية والصحة وغرفة التجارة والصناعة واتحاد الجعميات التعاونية والموردين واتحاد المزارعين، تمكنت «التجارة» من ضمان استمرار تدفقات السلع، رغم التعقيدات العديدة والمختلفة التي تواجهها حركة نقل البضائع عالمياً، وإغلاق بعض الحدود في مواجهة تفشي «كورونا».
ويشير العنزي إلى أنه وفقاً للنتائج العملية في هذا الخصوص كانت الوزارة حاسمة في مراقبة ومتابعة هذا التدفق، على نحو هدأ كثيراً من الهاجس المحلي، والذي ضرب دولاً عديدة، من تعرّض مخزونها إلى التآكل أو لضمانة الحفاظ على استمراره لفترة أطول مثل الكويت التي تمتلك مخزوناً تدوم بعض سلعه لسنة كاملة، لا سيما إذا تم تدبره جيداً من قبل المستهلكين.
وينوه العنزي الذي لعب دور العرّاب في التواصل مع المورّدين وشركات القطاع الخاص، وأيضا مع «التموين» و«المطاحن»، إلى أن عملية تعظيم المخزون الإستراتيجي لدى القطاع الخاص ليست سهلة، خصوصاً في ظل تباطؤ حركة النقل عالمياً وارتفاع تكلفة الشحن، ما دفع الوزارة إلى تبني إجراءات استثنائية في تحريك الموردين إلى زيادة استيرادهم.
ويلفت إلى أن «التجارة» قرّرت تحمل رسم الشحن الإضافي للموردين، مع توفير مخازن مجانية لهم، وإعفائهم من بعض الرسوم الحكومية، على أن يقابل ذلك زيادة معدلات استيرادهم من السلع الرئيسية بكميات مؤثرة، لترفع مع ذلك التحدي مع القطاع الخاص، الذي عرضت على شركاته للمواد الرئيسية إمكانية قيام الوزارة بشراء كامل مخزون أي مورد نقداً على أن يقوم بتعويضه سريعاً.
ويوضح العنزي أنه تم تشكيل فريق عمل بين الوزارة والموردين وجميع الجهات ذات العلاقة بالأمن الغذائي لرصد المستجدات المرتبطة بتدفق السلع، والعمل على حل المشاكل التي قد تعيق انسيابيتها، مع تقديم كل التدابير الاحترازية للتصدي للجائحة، والتشاور في أنجع وأمثل السبل والممارسات لتخفيف آثارها على القطاع الخاص، بالعمل على تذليل العقبات والعوائق التي تواجه الموردين خلال الظروف الاستثنائية الحالية.
بيانات ضخمة
لكن كيف يمكن لـ«التجارة» الرصد والتنبؤ وسرعة التحرك في مواجهة مستجدات الأزمة العالمية؟
هنا يجيب الوكيل المساعد لشؤون الدعم الفني والتخطيط ناصر المطوع، بابتسامة الواثق، فرغم أن الرجل يحمل بين يديه ملفين كلاهما أثقل من الثاني، وهما الدعم الفني، وتوفير الحصص التموينية من دون انقطاع، لا يشعرك بأي حِمل إضافي وكأننا نعيش ما قبل «كورونا».
وإلى ذلك يسارع المطوع ويقطع طريق التكهنات على محدّثه، حتى لا يدخله في متاهات شبكة التقنيات المتطورة التي نقلتها «التجارة» إلى «الصديق»، ويقول إن الوزارة ارتبطت آلياً مع جهات عدة شملت اتحاد الجمعيات والشؤون والهيئة العامة للمعلومات المدنية، وشركة المطاحن، لينتج عن ذلك توفير قاعدة بيانات ضخمة ودقيقة.
ويضيف «أعددنا كل البنى التحتية اللازمة في (الصديق) لإدارة الأعمال المتشعبة خلال الأزمة، فأصبحنا أكثر حضوراً في غالبية الجمعيات التعاونية، عبر غرفة عمليات مربوطة بغالبية الجمعيات عبر كاميرات ترصد بشكل لحظي جميع الكميات المعروضة على الأرفف وفي المخازن والسحوبات منها، وقياس أي نقص، وتقديره، وكأن مسؤولي الوزارة يشاهدون المبارة في ملعب المستهلكين، رغم إدارتهم للأزمة من مكاتبهم، ومن ثم توفير البيانات بوتيرة فورية، ما أتاح سرعة تدخل الوزارة لتعويض أي نقص قد يطرأ«.
يلامس المطوع هاتفه الذكي، ليقفز بضيفه إلى نقلة تقنية نوعية للوزارة، يعرفها بـ«الباركود» وهو اختصار نظام حجز مواعيد التسوق المسبق في الجمعيات التعاونية خلال فترة الحظر، والذي عممت الوزارة المرحلة الرابعة منه، ليشمل التطبيق الجديد 36 جمعية حتى الآن، تمهيداً لتعميمه على 65 جمعية، بما يضمن تقديم تجربة تسوق سهلة، وفي الوقت نفسه توافر التباعد الاجتماعي بين المستهلكين.
وما يزيد من أهمية هذا التطبيق بحسب المطوع أنه مقدم لجميع فئات المستهلكين من مواطنين وغير كويتيين.
وتموينياً، يلفت الوكيل المساعد، إلى أن نظام المعلومات في الوزارة عزّز آلية صرف التموين للمستفيدين من البطاقة التموينية، بتوفير الحصص المطلوبة، ورفع كميات التخزين والصرف، عبر التنسيق مع الاتحاد لفتح أفرع التموين على مدار الأسبوع، وتمديد فترات العمل، علاوة على جرد وتفتيش وتحديد النواقص التموينية، دون التوقف عن استقبال فتح التسجيل للبطاقات الجديدة والتعديل على القديمة منها، ما ساعد في تنظيم الطلب الكبير على صرف الحصص التموينية في الفترة الماضية بكفاءة عالية.
ورقمياً، يكشف المطوع أن الوزارة أصدرت في شهر مارس 645 بطاقة جديدة، وجدّدت 1132، فيما عدّلت بالحذف والإضافة 10.414 ألف بطاقة.
مراقبة الأسواق
وبالطبع، ووسط هذه القفزة التقنية يكون السؤال مشروعاً حول الرقابة على الأسواق في ظل هذه الأزمة، وأمام ذلك لا يخفي الوكيل المساعد لقطاع الرقابة التجارية عيد الرشيدي، زهوه وهو يقبض على يده بشدة، غامزاً من نافذة تطبيق الوزارة للقبضة الحديدية في مراقبة الأسواق خلال الأسابيع الماضية.
ويقول الرشيدي «الهاجس الحقيقي الذي يسيطر على الأنظمة الرقابية في الأزمات، تثبيت أسعار السلع، على المعدلات نفسها التي كان معمولاً بها قبل أزمة «كورونا»، مع المحافظة على توفير معدلات مطمئنة وآمنة بشكل مستمر في جميع منافذ البيع»، ويضيف أنه بجردة بسيطة يمكن ملاحظة أن الوزارة حققت المعادلة الصعبة، والتي تتمثل بالحفاظ على ثبات الأسعار، وسلامة السلع المعروضة كمّاً وكيفاً.
ويعزو الرشيدي كفاءة إجراءات «التجارة» إلى خطة الطوارئ المسبقة التي تبنتها الوزارة بإشراف الوزير خالد الروضان، ويقول «دمجنا كل المناوبات، وفرق الطوارئ، وخصّصنا مركزاً للرقابة في كل محافظة، واثنين للمحافظات الكبيرة، وأدخلنا خدمة التواصل عبر اللاسلكي، ما سرّع كثيراً من التواصل بين المفتشين ومسؤوليهم، في خطوة زادت أكثر من قبضة الوزارة رقابياً على الأسواق، ما وفّر هامشاً أوسع لسرعة التحرك في مواجهة أي تلاعب».
ويشير الرشيدي إلى أن الوزارة تلقّت منذ بداية 11 مارس الماضي حتى 15 من الشهر الجاري على الخط الساخن، 10786 شكوى، متنوعة بين مخالفة الأسعار، وخلافات تجارية مع المحلات، وغيرها من الشكاوى الرقابية المعتادة، فيما بلغ أعداد الجولات التفتشية 9630.
ويضيف «لدينا كتيبة من أصحاب السترات الزرقاء بنحو 201 مفتش كويتي والذين لاقوا تقدير المجتمع المحلي، علاوة على نحو 133 إدارياً واصلوا الليل بالنهار لضمان سلامة المواد الغذائية، وعرضها بأقل حدّ ممكن من التلاعبات التجارية التي تمت مواجهتها بقوة وعلى الفور.
وعند الحديث عن استعدادات الوزارة لشهر رمضان وكيفية تعاملها مع ضغوط ثنائية متأتية من هلع التخزين وزيادة معدل الاستهلاك المعتاد في هذه الفترة، لا يخفي الرشيدي ثقته في منظومة الوزارة الرقابية.
ويفيد بأن «التجارة» شكّلت فريقاً للتدخل السريع للتعامل مع الشكاوى في رمضان، مع وضع برنامج جولات تفتيشية ورقابية إضافية على الأسواق والمخازن، بالقدر الذي يضيّق الخناق على أي محاولات مفتعلة لزيادة الأسعار أو تقليل المعروض من السلع.
الحاجة المستجدة
وأمام كل هذه الجهود الاستثنائية التي قدّمتها «التجارة» خلال الأزمة ولا تزال مستمرة في تقديمها، يبرز السؤال عن السيولة المطلوبة لتدعيم الصرف الإضافي الذي يقابل الحاجة المستجدة لتوفير كميات إضافية من السلع الرئيسية، واستغلال الطاقات الانتاجية القصوى للطحين والخبز العربي بهدف تغطية الطلبات المتزايدة في الأسواق المحلية لمدة 6 أشهر كما هو مقرر، وهنا ينتقل الحديث طبيعياً إلى القطاع المالي والإداري بالوزارة، باعتباره المسؤول عن توفير الرافعة المناسبة لذلك مالياً وإدارياً.
وفي هذا الخصوص، واضح أن الأرقام لا تفارق مخيلة الوكيل المساعد للشؤون المالية والإدارية يوسف الحسيني، الذي يدير ميزانية تقديرية لتكاليف المواد التموينية والوقائية الاستثنائية خلال أزمة انتشار «كورونا»، بأكثر من 144.3 مليون دينار، جرى تقديرها وفقاً لتقديرات الشركة الكويتية للتموين وشركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية والهيئة العامة للصناعة، وطيران شركتي الكويتية و»الجزيرة».
وتشمل القائمة المستهدفة للصرف دعم وتخزين المواد الأساسية في حال نقصها، ويأتي في مقدمتها الطحين والخبز والشعير والذرة والزيت والدجاج والحليب ولحوم البقر والكمامات ودعم الأغنام الحية، علاوة على المستلزمات الوقائية.
وعملياً، لا يعدّ هذا الملف كل ما يشغل الوكيل الحسيني، بعد أن أُسندت إليه مهام إضافية، تتعلق بإدارة ملف تغطية المنطقتين المعزولتين، (جليب الشيوخ والمهبولة)، لجهة تأمين دخول المواد والسلع الأساسية وأسطوانات الغاز والخبز إلى نقاط البيع بالمنطقتين.
وبحضور الأرقام، يستطيع الحسيني إبراز الجهود المبذولة بشكل لا يتجمل، حيث يشير إلى أن كميات الخبز العربي الموزعة على منطقة الجليب بلغت في أول 5 أيام من العزل نحو 4.5 مليون رغيف، فيما تجاوز الخبز الموزع على منطقة المهبولة بالفترة نفسها 1.105 مليون رغيف.
أما بالنسبة لكميات أسطوانات الغاز الموزّعة خلال الأيام الخمسة الأولى فقد بلغت في منطقة الجليب 19845 أسطوانة، علماً بأن معدلات السحب اليومي من الأسطوانات كانت تقارب 1470 قبل العزل، فيما نجحت الوزارة بتوفير فائض يقدر بـ500 أسطوانة في فرع الغاز بالجليب ما يعدّ دليلاً واضحاً على تغطية النقص بالمنطقة وتحويله لفائض.
وفي المهبولة بلغت سحوبات أسطوانات الغاز خلال الفترة نفسها 7770 أسطوانة، مع فائض بنهاية هذه الفترة يصل لـ300 أسطوانة.
وإلى جانب ذلك، ينوه الحسيني إلى اتخاذ تدابير لوجيستية أخرى لزيادة نقاط البيع، حيث يوضح أنه تم السماح بدخول 40 عربة متنقلة لمنطقة الجليب و20 عربة للمهبولة، علاوة على تجهيز فروع تموين للمواطنين في المهبولة بالتعاون مع جمعية الفنطاس خلال 48 ساعة، ما عزّز الجهود المبذولة في توفير السلع الرئيسية لهما، والمساهمة في مقابلة قفزات السحوبات المتوقعة التي يمكن أن تصاحب هلع الحظر.
ورغم كل هذه الضغوط غير التقليدية، لم يفوت الحسيني إنجاز استحقاقات العمل التقليدية، حيث تمكن رغم تعطيل الدوام الحكومي من تقييم كفاءات نحو 3.5 ألف موظف بالوزارة ، مع صرف الأعمال الممتازة في مواعيدها، علاوة على صرف جميع دفعات المستحقة على عقود الشركات المتعاقدة مع «التجارة» في مسعى لدعم هذه الجهات في مواجهة انعاكسات الأزمة الاقتصادية، إلى جانب العمل على إقفال الحساب الختامي لميزانية الوزارة عن السنة المالية 2019/2020 ليسير الحسيني وقطاعه مع ذلك في اتجاهات عدة، لكن ببوصلة واحدة عنوانها العريض «فعلنا ما يتعين فعله رغم التحديات».
الوكيل لموظفي «التجارة»:
لولاكم... ما نجحنا
قال العفاسي إن موظفي الوزارة ومسؤوليها من المواطنين أثبتوا كفاءة خاصة خلال الأزمة، للدرجة التي بات إقناعهم بتخفيض عدد ساعات عملهم، تحدياً يواجه دائماً بالرفض والاصرار على استكمال دورهم الوطني في مكافحة تداعيات الأزمة وحماية أمن الدولة الغذائي، وتابع «لولا موظفو الوزارة لما نجح مسؤولوها في مواجهة الأزمة المتشعبة حتى الآن».
وتقدم العفاسي من جميع موظفي الوزارة ومسؤوليها بالشكر للجهود التي بُذلت، وقال «رغم أن جميع كلمات الشكر لا توفيكم ولو جزءاً بسيطاً من حقكم، وذلك تقديراً لما تقدموه من جُهد متميز وعملٍ دؤوب لأجل المصلحة العامة لعطائكم الدائم والمستمر في سبيل دعم جهود الوزارة في مواجهة الأزمة، والسير بها نحو الأفضل».
وأضاف «أتمنى لكم مزيداً من الإبداع الموصول، وكل كلمات الحب والوفاء لكم، وأتمنى لكم الاستمرار أكثر فأكثر لتحقيق جميع الأهداف والوصول لأهدافكم وأهداف بلدكم الحبيب الكويت منكم».
أزمة غير هادئة
بينما تسير كل قطاعات وزارة التجارة والصناعة بخُطى ثابتة في مواجهة جائحة كورونا، يقف الوكيل المساعد للشوؤن القانونية الدكتور محمد مشبب الجلال وفريقه القانوني جاهزين لتقديم العون والإسناد القانوني لجميع قطاعات الوزارة في لأي إجراء تقوم بها الوزارة في هذا الصدد.
علاوة على مراجعة القرارات المتعلقة بإغلاق المحلات التجارية المخالفة للقوانين، والقرارات والإجراءات الاحترازية، فضلاً عن الدور المحوري والمهم للقطاع القانوني في إنجاز العقود التي تبرمها الوزارة في هذه الآونة.
ويشدد الجلال على ضرورة التزام المحلات التجارية والشركات بالقوانين واللوائح والقرارات الصادرة من السلطات الصحية والأمنية والاقتصادية المختصة نظراً لما تمر به البلاد من ظروف استثنائية وحرصاً على سلامة الجميع، وعدم تعرض المخالف للمساءلة القانونية.
ويؤكد الوكيل المساعد للشؤون القانونية على أن الأزمة التي يمر بها العالم والكويت أثبتت أن «الديرة» عامرة بالكفاءات القيادية والتنفيذية القادرة علي تأمين مصالح المواطنين، وتلبية احتياجاتهم، مشيداً بتوجيهات صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، والجهود الرائدة لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، وبالدور المشهود لوزير التجارة والصناعة خالد الروضان في التعامل مع هذه الظروف الاستثنائية العصيبة.