على الرغم من آلاف الدراسات والأبحاث

«كوفيد 19» يسبح في بحر الغموض ... عشرات الأسئلة بلا أجوبة

1 يناير 1970 02:22 م

الفيروس ما زال مجهول النسب وقد لا تُعرف الحقيقة إلا بعد سنوات

حتى المسافة الفاصلة بين شخصين المانعة للإصابة ما زالت مثار جدل

لا إجابات وافية بشأن النموذج الأفضل ومستوى المناعة ومدتها

الأسئلة تشمل أيضاً أعداد الإصابات والوفيات وطرق العلاج

يوماً بعد آخر نعرف أكثر عن الوباء 

الخيار الوحيد يتمثل حالياً باتباع تعليمات السلطات الصحية

 

في بحث بسيط بموقع المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة الأميركية، وهو أحد أهم المواقع التي تصنف الأبحاث الطبية المنشورة، هناك أكثر من 4 آلاف بحث طبي منشور عن فيروس «كورونا» ومرض «كوفيد 19» الذي اجتاح العالم منذ مطلع العام الحالي.
وتشير الباحثة مريم عبدالله المطوع إلى أن هذا الرقم يزداد يوماً بعد آخر، فضلاً عن عشرات آلاف المقالات العلمية التي تعج بها المواقع والصحف أو الأبحاث التي لم تجد طريقها للنشر، وكل ذلك حدث في أقل من خمسة أشهر.
وتقول إنه «بقراءة متأنية لمسار الأحداث، ولأهم هذه المقالات، من المؤكد أن معرفتنا وفهمنا لهذا المرض ازداد بشكل مطرد ومتغير أحياناً، وحتى منظمة الصحة العالمية غيّرت توصياتها وتوقعاتها مرات عدة، ولكن الخطر الأكبر يتمثل باحتمال أن نكون ما زلنا نجهل أكثر مما نعلم حقاً عن المرض».
وتوضح أن «الفيروس ما زال مجهول النسب، فمن أين أتى هذا الوباء الفتاك؟، هل من الخفافيش في مدينة ووهان في الصين أم من حيوان آخر؟ أم أن الحيوانات منه براء؟ هل هو تطور طبيعي من سلالة الفيروسات التاجية أم أن يد البشر كانت وراء تعديل الفيروس وإنتاج النسخة الحالية منه؟».
وتضيف أنه «على الرغم من وجود آلاف القصص والادعاءات والاتهامات المتبادلة، فقد لا نصل إلى الحقيقة إلا بعد سنوات طويلة عندما تكشفها وثائق الاستخبارات، أو أننا لن نصل أبداً».
وتلفت إلى أنه «بالنسبة لتاريخ الميلاد فهو كما نعرف انه في ديسمبر 2019، ولكن هل هناك حالات قبل ذلك ولم يتم وصفها أو تشخيصها بالاسم الحالي للمرض؟ وهو خيار قد يكون مرجحاً بقراءة منطقية لأي مرض حديث أو مستجد، كما أن هناك نقطة أخرى مجهولة التفاصيل، تتمثل بكيفية انتقال الفيروس ومقاومته وقدرته على التكيّف خارج جسم الإنسان».
وتقول في هذا السياق «لقد بدأ العالم التعامل مع المرض الجديد، كما تعامل مع (سارس) و(متلازمة الشرق الأوسطية ميرس) اللذين تسبب بهما فيروسات من عائلة مشابهة، ولكن ما زلنا بحاجة لوقت أكبر لفهم لماذا هذا الفيروس أسرع انتشاراً، فهل يمكن انتقاله عبر الهواء فعلاً أم أنه فقط يقاوم أكثر خارج الجسم وهذا هو السبب لانتقاله؟».
وتضيف «حتى المسافة الفاصلة بين شخصين التي تمنع الإصابة ما زالت مثار جدل، وهل يجب ارتداء الماسك أم لا للوقاية بشكل روتيني؟، وما نوع الوقاية التي يجب أن يستخدمها مقدمو الرعاية الصحية؟».
وعلى مستوى الدول، هناك تساؤلات أيضاً من قبيل «أي النماذج أفضل في السيطرة على المرض، هل هو الصيني أم السويدي؟ هل يتمثل بالسيطرة والمحاصرة أم مناعة القطيع؟ لا سيما أن هناك شكوكاً حيال القدر الذي سيكون فيه المرضى المتعافون مقاومين للمرض وهل ستدوم مناعتهم لشهر أو سنة أو مدى العمر؟ ثم ما هي طريقة الفحص الأفضل؟».
أما عن الأعراض، فتشير المطوع إلى أنها «أساساً تتفاوت كثيراً من مريض لآخر، وما زلنا بحاجة إلى معرفة محددات الخطورة التي تترافق مع إصابة أشد وكيف يمكن التنبؤ بردة فعل الجسم والتعامل معها؟».
وبالانتقال إلى عدد الاصابات، لا يختلف المشهد كثيراً، «فكل يُنجّم كما يحلو له، وخصوصا السياسيين، فمنهم من يقول إنه قريب ممن تم إثبات حالاتهم ومنهم من يقول إنه عشر العدد الحقيقي. أما الوفيات فأكبر مثال على تغيّر الأرقام، هو ذلك المرتبط بالقادمين من ووهان مع وصولها إلى الضعف أخيراً عن التقديرات المبدئية... وحتى هذه الأرقام تبقى غير دقيقة - بنظر الباحثين - لأن عدد المصابين مجهول فعلياً، فضلاً عن أن هناك وفيات ملتبسة لم تعرف أسبابها بشكل قاطع».
وتضيف المطوع: «ان الأسئلة تتمدد أيضاً للعلاج، الذي يتركز حالياً على ثلاثة محاور أساسية وهي مضادات فيروسية، منها الدواء الواعد remdisivir، وهناك الخلطة (الترامبية) من دواء المالاريا هيدروكسي كلوروكين مع المضاد الحيوي المعروف الازيترومايسين، وهناك البلازما من المتعافين».
وإذ تؤكد أن «لا أحد يعرف على وجه التحديد ما هو العلاج الصحيح والأفضل لأننا ما زلنا بحاجة إلى فهم أعمق للفيروس»، تشير المطوع إلى أنه في الوقت نفسه «لا أحد يستطيع الجزم هل العلاج المنزلي أفضل أم في المستشفيات، حتى بالنسبة للحالات البسيطة، وكذلك الأمر في ما يتعلق بنهاية المرض، فهل تنتهي الجائحة بإيجاد لقاح، أم أنه سيكون مرضاً موسمياً، أم سيتكيّف وستأتي سلالات أشد فتكاً؟».
وتخلص إلى القول: «عشرات الأسئلة المعلقة التي سيكون الوقت فقط كفيلاً بإعطاء إجابات دقيقة عنها، ولكن كل ذلك لا ينفي أننا نزداد فهماً للمرض يوماً بعد آخر، ويبقى الخيار الوحيد أمامنا الآن هو اتباع تعليمات وتوصيات السلطات الصحية».