عندما يتصارع الموت والحياة على جسد أحد المرضى، وتشتد حالته سوءاً، يسارع أطباء غرف العناية المركزة بمستشفى جابر ليشاركوا في المعركة، لعلهم ينقذون المريض، ويكتبون له، بمشيئة الله تعالى، شهادة حياة جديدة يعود فيها من الرمق الأخير، وإن كان الثمن تعريض حياتهم للخطر... فهؤلاء يسبرون أغوار مرض «كوفيد 19» الفتاك، الذي يحصد الأرواح، لكنه عصيّ على إرادة أطباء لا ينسحبون أمام وقع الموت، فهم لا يتركون غرفة العناية المركزة، فإما أن يتعافى المرضى، وإما أن يبحثوا عن وجه آخر للحياة.
وبنكران الذات، تبذل هذه الطواقم كل المجهودات لإنقاذ أرواح مصابين، تعلّق مصيرهم بين الحياة والموت... يعيشون أوقاتاً عصيبة على مدار الأسبوع وساعات اليوم مع انتكاسة حالة أو تأخر أخرى، وهي نفس الطواقم التي تجد السعادة تملأ الكون حولها، عند تحسن حالة، فحينها ينسون كل عذابات الأيام، والساعات الشاقة والمضنية.
حرب ضروس تخوضها كتيبة فرسان ميدان العناية المركزة في مستشفى جابر، بقيادة الدكتور عبدالرحمن الفارس، وتضم كلاً من الدكتورة سارة بوعباس والدكتور عبدالله المطيري، الى جانب زملاء آخرين، وبمساعدة فريق التمريض والعاملين على تقديم الخدمات اللوجستية وبدعم متواصل من رئيس القسم الدكتور عبدالرحمن الرفاعي.
يُعرّض هؤلاء الأطباء أنفسهم لكل المخاطر التي تهدد حياتهم وسلامتهم، في مواجهة عدو شرس، بهدف حفظ أرواح المصابين في أشد نوبات المرض وأخطرها، متسلحين بعزيمة فولاذية، ونفوس كريمة طيّبة ببذلها وعطائها وبشاشتها ورحابة صدرها، إذ لا ينبع منها إلا كل جمال وخير، انعكاس لما ترسّخ في أعماقها من خير.
هي كتيبة الفرسان التي تحرص على متابعة أدق التفاصيل، لمساعدة المرضى، مع جاهزية دائمة للتدخل حسب تطورات الوضعية الصحية للمرضى، مبتعدين عن أسرهم في مواجهة وضع صعب وقاس، مهما كانوا مهيّئين له... إنها أوضاع طارئة واستثنائية فرضها فيروس «كورونا»، قابلتها تضحيات وأعمال بطولية لجميع كوادر العناية المركزة في مستشفى جابر، لمواجهة حرب ضد وباء هو الأخطر.
ورغم ضغوط العمل المتواصلة لاداء الامانة الوظيفية في معاينة الحالات والوقوف على متطلباتها العلاجية، لا يغفلون الدور الإنساني تجاه ذوي المرضى الذين ينتظرون بصبر كبير، بصيص أمل في تجاوز الظروف الصعبة التي يواجهها مرضاهم، فقد ضربوا أروع الأمثلة في فنون التواصل والتجاوب مع ذوي المرضى المتلهفين لسماع آخر تطورات حالتهم الصحية، هي جهود دؤوبة من فريق يدرك ان لصفة الطبيب معنى خاصاً في كل زمان ومكان، بعد ان قدموا درسا في الرفق والصبر في التعامل مع المرضى وذويهم، وتحمل المريض في كل الاوقات.
وهنا نستعين ببعض كلمات وزير الصحة الشيخ الدكتور باسل الصباح لنقول لهم «من الشكر أجزله، ومن الثناء أجمله، ومن الدعاء أحسنه».