في تصديها لجائحة كو?يد - 19 تواجه الكويت شأنها شأن سائر دول العالم القرار الصعب، حول توقيت استعادة البلاد لنشاطها الاقتصادي ومواجهة الآثار والتبعات الثقيلة، التي تراكمت على الاقتصاد العالمي وانعكاساتها الصعبة على الاقتصاد المحلي.
لا شك أن الاستعجال غير المدروس في تحرير البلاد من قيود مكافحة الجائحة، هو بمثابة الدعوة المفتوحة لعودة انتشار كو?يد - 19 وضياع الجهود التي بذلت في السيطرة عليه واحتوائه، في المقابل فإن اختيار التوقيت المناسب لفك عزلة البلاد وإنهاء سلسلة الخسائر المتصلة على الوطن والمواطنين سيكون إضافة عملاقة لنجاح الحملة الموفقة في التصدي له، وتيسير الأخذ بتجارب الدول التي سبقت الكويت في تطويق الجائحة ككوريا وسنغافوره وجمهورية الصين الشعبية، وفي العودة المتدرجة للانفتاح الداخلي والخارجي على العالم كجمهورية الصين الشعبية تحديداً، فيجب اتخاذ قرار العودة إلى الحالة الطبيعية في توقيتها الأمثل، مع مراعاة ارتباط اقتصاد الكويت بالاقتصادين الأميركي والأوروبي.
إن تقلبات أسعار النفط العالمية هي المؤثر الأكبر على اقتصاد الكويت، وهي خارجة عن إرادة الدولة، وللحد من تأثيرها لا بد من اللجوء إلى التصنيع النفطي ليكون بديلاً لا رديفاً فقط لبيع النفط المسال، وذلك بالتوسع في صناعات تكرير النفط ، والصناعات التحويلية، والخدمات التجارية.
معلوم أن تنشيط الاقتصاد المحلي لا يخرج عن أطر الإنعاش التقليدية، في وجود مسببات ركود واضحة، وتبقى معالجة الجانب الأكثر تأثراً فيه وهو انكماش مستوى الطلب على السلع، وذلك بضخ السيولة في السوق، وتحرير 40 في المئة من المواطنين من أعباء القروض التي قيدتهم سنين طوالا أو تخفيفها عليهم، مع تعويض المتضررين من التجار لضمان تدفق المنتجات المتطورة وذات الجودة العالية للسوق ومن ثم ضبط الأسعار عبر المنافسة.
من المهم بمكان لأمن الكويت ومستقبلها أن يكون لها إسهام في رفاه البشرية وتقدمها، وذلك بتطوير التعليم وانتشاله من الهاوية التي تردى إليها وتوجيهه لسد حاجة السوق والصناعة من خلال العمالة الماهرة القادرة على الإبداع، ومزامنة هذا مع تبني اقتصاد المعرفة والشروع في إنشاء المختبرات المتطورة الجاذبة للعلماء والباحثين، الذين سيكون لأبحاثهم وابتكاراتهم دور مهم في نماء البشرية ورخائها، فضلاً عن كونها مصدراً مهماً لدخل البلاد، ويمكن في هذا المجال الاقتداء بالتجربة السنغافوريه الرائدة.
إن تطبيق النظام الضريبي في الكويت ضرورة، على أن يكون وفق الاشتراطات الدستورية والرؤية الشعبية ، التي تصدر عن قناعات ثلاث أولها الالتزام بروح الدستور وبنص المادة 24 منه، وثانيها السيطرة على الفساد بدرجة تمنع إساءة الجباية والتصرف في أموال الضرائب، وأخيرا الارتفاع بمستوى الخدمات لتتناسب وما يتكبده المواطن من أجلها، وما يطمح لأن تكون عليه.