كالنار في الهشيم انتشر فيروس كورونا في العالم، أصاب أكثر من مليون وأزهق حياة الكثيرين، البعض شفي منه والبعض الآخَر لا يزال يُصارِع على أمل الانتصار، فيما البقية يترقّبون مع الخشية من إمكان اصابتهم ودخولهم في دوامة الألم والعذاب.
وبعدما كان التقاط العدوى "تابو" يرفض الناس الحديث عنه، خَرَجَ بعض المصابين عن صمتهم عارضين تجربتهم، طالبين من الناس أخْذ حذَرهم والبقاء في منازلهم.
توجّهت سحر الدكوير قبل عامين إلى فرنسا للحصول على شهادة الدكتوراه في اختصاص سرطان وتغذية، وإذ بها تلتقط عدوى "كورونا" في الاغتراب، حيث ظهرتْ عليها عوارض المرض قبل نحو أسبوعين، وكما شرحتْ لـ «الراي»: "شعرتُ بدايةً بإرهاق جسدي ووجع في الرأس، وفي اليوم التالي ارتفعتْ حرارة جسدي وَترافق ذلك مع سعال ووجع غير محمول في الرأس إضافة الى تشجنات في الكتفين، كما فقدتُ حاستيْ التذوّق والشمّ، وفي اليوم الذي تلاه بدأ الإسهال، واستمريتُ على ذلك الحال ليومين إضافييْن، وكل تلك الفترة كنت أتوقع أنني أعاني نزلة برد بسبب تَغَيُّر الطقس وهبوط درجة الحرارة بصورة مفاجئة"، وأضافت: "بدأتُ أفقد القدرة على التنفس، وجع بطن لا يمكن وصْفه، للمرة الأولى في حياتي أشعر بهكذا ألم، كنتُ أصرخ داخل غرفتي، وعندها قررتُ الاتصال على الخط الساخن المخصص للمصابين بـ«كورونا»، فأجابني طبيب استفسر عن العوارض، لتتوجّه بعدها سيارة إسعاف وتنقلني الى المستشفى".
عندما وصلتْ سحر الى المستشفى كانت حرارة جسدها 39 درجة ودقات قلبها 128، وبحسب ما قالته: "أَطْلعني الطبيب أن العوارض الظاهرة عليّ تشير الى التقاطي العدوى منذ ما لا يقلّ عن 8 أيام. وضعوا لي الاوكسجين، وأخذوا مسحة من أنفي لإجراء فحص "كورونا"، كما خضعتُ لفحص دم، إضافة إلى إعطائي دواء لوجع الرأس والبطن والتشنجات والحرارة من خلال مصل، من دون الدواء المضاد لكورونا الذي يلجؤون إليه، ربما لأنني شابة وباستطاعتي أن أقاوم الفيروس من خلال مناعتي. وبعد مرور يومين تَحَسَّنَ وضعي الصحي، وأصبحتُ أتنفس بشكل طبيعي، عندها طلب مني الطبيب العودة الى المنزل وإكمال العلاج، مع الاستمرار بالتواصل معي عبر الهاتف لمتابعة حالتي".
ما ساهم في تَدَهْوُر وضْع سحر الصحي كما قالت "وضْعي النفسي السيء بسبب الحجْر المنزلي وابتعادي عن عائلتي". وعما إذا كانت سجّلتْ اسمها في لائحة المغتربين الراغبين بالعودة الى لبنان أجابت: "فعلتُ ذلك لكن في الحقيقة لا أرغب بالعودة خوفاً من ان تفتح الجامعة أبوابها وأنا بعيدة، كما أن سعر بطاقة السفر 1100 يورو وهو مبلغ كبير لستُ بوارد دفْعه".
بدورها، نقلت مريم قبيسي تجربتها مع الفيروس الى العالَم، من خلال مقطع فيديو تحدثت خلاله عن كيفية بدء المعاناة مع «كورونا» الذي انتقل من فرْد الى آخَر في عائلتها.
وفي حديث لـ «الراي» أكدتْ أنه في الرابع من شهر مارس الماضي بدأتْ عوارض الفيروس تظْهر على ابنها البالغ من العمر خمس سنوات، ارتفاعٌ في الحرارة وتعبٌ جسدي لمدة ثلاثة أيام، ليتعافى بعدها لأيام ثلاث قبل أن تعود العوارض للظهور"، وقالت: "بعدها انتقل الفيروس إلى والدتي وشقيقتي وأنا وابني البالغ من العمر عشرة أشهر، لنعيش جميعنا في كابوس لم نستيقظ منه حتى اللحظة".
مريم، التي تعمل في مجال التصوير الفوتوغرافي، قصدتْ فرنسا قبل نحو ثلاثة أشهر للاستقرار وتأمين مستقبلها وعائلتها، حيث قالت: "ترعرعتُ في فرنسا منذ أن كنتُ في السادسة من عمري، لأقصد بعدها لبنان لمدة عشر سنوات، وعندما قررتُ تغيير مسار حياتي والانتقال الى فرنسا من جديد حصل ما لم يكن في الحسبان".