باريس - أ ف ب - يهدد احتمال إلغاء الموسم في البطولات الأوروبية الوطنية لكرة القدم بسبب فيروس «كورونا» المستجد، بالتسبب بخيبات أمل كبيرة لعدد من الأندية التي كانت تنافس بقوة على اللقب المحلي، أو تلك التي تواجه الهبوط، مرورا بالمتربصة بمراكز المسابقات القارية.
ليفربول على سبيل المثال، كان يلهث وراء لقب الدوري الانكليزي للمرة الأولى منذ 1990، ويتقدم على منافسه المباشر مانشستر سيتي بـ25 نقطة (ومباراة أكثر) بعد 29 مرحلة من 38.
كان «النادي الأحمر» قاب قوسين أو أدنى من حسم اللقب لصالحه، حين علقت منافسات الدوري الممتاز بسبب وباء «كوفيد-19» منتصف مارس، وبات أنصاره يخشون ان يندثر الحلم الذي طال انتظاره.
بيد أن رئيس الاتحاد الأوروبي (يويفا)، السلوفيني ألكسندر تشفيرين، سعى إلى طمأنة مشجعي النادي، وقال الأسبوع الماضي: «من المستحيل أن لا يكون ليفربول بطلا. إذا لعبت المباريات، فمن شبه المؤكد انه سيفوز باللقب. من الناحية النظرية لم يحصل على اللقب بعد، لكنه بالتأكيد قادر على ذلك»، مضيفاً: «في حال تعذر خوض المباريات، سنحتاج إلى إيجاد طريقة ومفتاح يتم على أساسه الإعلان عن النتائج وتحديد الفائزين. لا أرى أي سيناريو لا يكون فيه ليفربول (بطلاً)».
وعلى الرغم من ان الاتحاد الأوروبي لا يحبذ إنهاء المواسم بشكل مبكر، بات احتمال إلغاء الموسم 2019-2020 هاجسا مؤرقا للأندية، في ظل تواصل فرض الحجر المنزلي الصارم في العديد من دول «القارة العجوز»، كغيرها من دول العالم.
وفي حال الإلغاء، فإن خيار اعتماد الترتيب الحالي كنتيجة نهائية يتقدم على حساب الخيار الآخر الذي يعتمد سيناريو الغاء النتائج المسجلة لدى توقف الدوري.
في مطلق الأحوال، أي خيارات يتم اللجوء إليها في هذا الشأن، ستكون لها تبعات رياضية كبيرة.
وإذا كان الوضع في إنكلترا شبه محسوم في ظل الفارق الكبير لصالح ليفربول، مثله مثل فرنسا حيث يتقدم باريس سان جرمان على أقرب منافسيه مرسيليا بفارق 12 نقطة، فالمشهد مختلف في البطولات الأخرى.
في ألمانيا، يحتل بوروسيا دورتموند المركز الثاني بفارق 4 نقاط فقط عن بايرن ميونيخ المتصدر، في حين يتقدم برشلونة على غريمه التقليدي ريال مدريد بفارق نقطتين في إسبانيا. وفي إيطاليا، تبدو المنافسة مستعرة بين يوفنتوس المتصدر بفارق نقطة واحدة عن لاتسيو روما الباحث عن لقب «سيري أ» الذي لم يتوج به سوى مرتين في تاريخه الذي يمتد 102 سنتين.
ويعد رئيس نادي لاتسيو، كلاوديو لوتيتو، في مقدمة المطالبين بمعاودة النشاط في إيطاليا، إحدى أكثر الدول تأثرا بـ»كوفيد-19» من حيث عدد الوفيات التي بلغت نحو 20 ألفا، علماً بأن إجراءات العزل المنزلي لمكافحة تفشي الفيروس ستبقى قائمة حتى 3 مايو أقله.
وفي حال اعتماد الترتيب الحالي بصفة نهائية، فإن الأندية التي تحتل مراكز غير مؤهلة الى المسابقات الاوروبية لكنها لا تزال تحتفظ بآمالها لتحقيق ذلك، ستكون في خانة «الخاسرة» أيضا.
الأبرز في هذه الفئة توتنهام الإنكليزي وصيف دوري أبطال أوروبا والذي يحتل حاليا المركز الثامن أمام أرسنال الذي يواجه أيضا الحرمان من المشاركة القارية.
وسيغيب ليون الفرنسي الذي يحتل المركز السابع حاليا، عن المسابقات القارية للمرة الأولى منذ 1995، ما سيكبده خسارة كبيرة لا سيما من الناحية المالية.
وكان رئيس ليون، جان-ميشال أولاس، من أبرز الداعين الى «موسم أبيض» في فرنسا، أي إلغائه من دون احتساب النتائج، معتبرا ان ثمة شكوك بالقدرة على استئنافه، ما يجعل «حظوظ انهاء كل المباريات ضعيفة».
بعض الأندية التي لم تقدم عروضاً جيدة في الجزء الأول من الدوري تجد نفسها في مراكز يتهددها الهبوط، مثل بورنموث الذي جمع العدد ذاته من النقاط مع واتفورد (أول الاندية غير الهابطة في الدوري الممتاز)، لكنه يتخلف عنه بفارق الأهداف.
في المقابل، يملك ريال مايوركا نقطة أقل من صاحب آخر المراكز غير المؤدية الى الهبوط في إسبانيا، لكنه قد يجد نفسه بين الأندية التي ستسقط الى مصاف الدرجة الثانية.
لكن الخسارة لن تكون معنوية فقط لأن الهبوط يعني خسائر مالية ضخمة قد تؤدي إلى اهتزاز أي نادٍ.
ولخّص رئيس رابطة الدوري الإسباني، خافيير تيباس الذي يعتبر ان الالغاء ليس «خيارا»، الوضع بالقول إن الأندية الإسبانية ستخسر ما مجموعه «مليار يورو إذا لم نعاود اللعب».
وأقيمت، في 12 مارس الماضي، آخر مباراة مهمة في «القارة العجوز» في حضور المشجعين، حيث استضاف ملعب «إيبروكس» نحو 50 ألف مشجع حضروا خسارة رينجرز الأسكتلندي أمام ضيفه باير ليفركوزن الألماني 1-3 في ذهاب الدور ثمن النهائي للدوري الأوروبي «يوروبا ليغ».
وشهدت تلك الأمسية أيضا مباريات أخرى خلف أبواب موصدة، وهو نسق كان قد بدأ اعتماده تدريجيا، قبل ان تلجأ السلطات الى التعليق الكامل للمنافسات حتى إشعار آخر.
وبعد انقضاء شهر على التوقف، يسود عدم اليقين: فالملاعب لا تزال تفتقد روادها، ودول كبرى مثل إسبانيا وإيطاليا وإنكلترا تجد نفسها في عين العاصفة، لكونها من الأكثر تضررا بالفيروس لجهة عدد الوفيات. الأمر الوحيد المؤكد، هو أن أحدا لا يعرف متى يمكن معاودة النشاط، وإن كان من دون جمهور. بعض التقارير بدأت تتطرق أيضا الى مخاوف الناس من استئناف الاختلاط والحضور في مدرجات تغصُّ بعشرات الآلاف، بعدما فرض الوباء تباعداً اجتماعياً وعزلاً منزلياً متواصلين منذ أسابيع.
واختصر مدرب ليفربول، الألماني يورغن كلوب، الواقع بالقول في رسالة الى المشجعين الشهر الماضي: «علينا القيام بكل ما يلزم لحماية بعضنا البعض. قلت سابقا إن كرة القدم تبدو الأهم بين أمور غير ذات أهمية. اليوم، كرة القدم ومباريات كرة القدم ليست مهمة على الإطلاق».
ووجد «يويفا» نفسه في موقف غير معتاد. فقد أوقف مسابقتي الأندية (دوري الأبطال والدوري الأوروبي)، ومباريات المنتخبات، وصولا الى تأجيل موعد بطولته الكبرى «كأس أوروبا 2020» الى صيف 2021.
وسعى الاتحاد القاري الى منح البطولات الوطنية الأولوية، وفتح من خلال تأجيل البطولة القارية، المجال أمام استكمال المواسم المحلية، وإن خارج المواعيد المعتادة.