حروف باسمة

الناصفوه

1 يناير 1970 04:27 ص

ليلة مباركة فيها عبقٌ طيب من تراث هذه الديرة الحبيبة، هي ليلة النصف من شعبان، حيث تجتمع النسوة لدق الهريس في مناحيزهن الجميلة، وكلهن تفاؤل في استقبال الشهر الفضيل، والرجال يبتهلون بالخير والسداد والأطفال يجوبون الفرجان والبرايح ويقولون:
سلم ولدهم يا الله
خله لأمه يا الله
ما أجمله من تراث، وما أحسنها من ليلة وما أحلاها من دعوات، ونحن في رحاب النصف من شعبان في هذا العام، والدنيا بأسرها تقاتل مرضاً فتاكاً انتشر في أصقاع الدنيا انتشار النار في الهشيم، والجميع يقاتل هذا الوباء بكل ما أوتي من قوة.
نعم إنه عدو لا يرى ولا يدخل الأماكن المغلقة والمعزولة، إنما يستدعيه الذي يخرج من معزله ويخالط المصاب فيرجع إلى بيته ومعه هذا العدو الفتاك ليفتك بمن معه.
وهذه الديرة الطيبة شمر أبناؤها المخلصون عن سواعد الجد، وأعملوا الفكر في محاربة هذا الفيروس.
فالتحية لجميع البواسل المرابطين لصد هذا العدو الفتاك عن ربوع هذه الديرة الطيبة على اختلاف تخصصاتهم الصحية والأمنية والتنموية، حتى يعيش الناس في رحاب نظيف خال من أي شائبة تعمل على تعكير العيش والصحة، فلا بد من السكون في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة والالتزام بالتباعد الاجتماعي، حتى تنتشر الصحة ويُقضى على الوباء والابتعاد عن الآراء التي تهدم، والإشاعات الضالة المضللة والعراك في الطوابير أمام الجمعيات.
فالأخبار المطمئنة ترى بأن الخير يكثر والنعمة تنتشر، وهم لا يصغون إلى هذه الدعوات الحقيقية التي تشير إلى الخير وازدياد النعمة، فتراهم يكسرون الحظر ويخرجون ويعملون الأعمال المنكرة لماذا؟
أهم مرضى يحتاجون العلاج أم في قلوبهم مرض... عجيب ؟!
ما ينشرونه من مقاطع فيديو، فبعضهم يحتضن كيس البصل وآخر يضع أمامه أكياساً من البصل سعيد باقتناصها كأنه حصل على كنز، وآخر يأتي من ديرة بعيدة ويحضر معه «صوغة» لأهله كيساً من البصل حقاً «شر البلية ما يُضحك»، لا يرون الناس الذين يعملون في مواجهة هذا العدو الخطير، فلو ضموا أصواتهم إلى الذين يدعون لهذه الجيوش بالخير والتوفيق لكان أحسن لهم أو بادروا إلى التطوع مع الذين يجدون في هذا المضمار، لكان أفضل لهم ولكن:
لم تنته الأنفس عن غيّها
إن لم يكن منها لها زاجرُ
فتحية مباركة لجميع الذين يواصلون الليل بالنهار، من أجل القضاء على الوباء في جميع أشكاله وصوره وأنواعه، حتى يجعلوا ديرتهم نقية وخالية من كل درن.
وما لنا إلا أن ننشد مع أطفالنا ونحن في منازلنا ونتداول في ما بيننا المخلط، ونشدو مع بنات هذه الديرة اللاتي يرتدين البخانق الموشاة بالزري، لجميع أبناء وبنات وأمهات وآباء هذه الديرة، ومعهم ولدي سلطان حسين:
ناصفوه ناصفوه
يا الله سلم سلطان
ناصفوه ناصفوه
يا الله خله لأمه
ناصفوه ناصفوه
عسى البقعة ما تطمه
ناصفوه ناصفوه
ولا توازي على أمه
ولا على أمهات هذه الديرة الرائعة.