بالهمس

علّمني الـ«كورونا»

1 يناير 1970 06:03 م

أنا أُصغي إليه، وهو يحدثها... هي تبكي اشتياقاً حنيناً للوطن، هو يحدّثها عن الأمل، يخبرها أن فتاة أخرى سألت عنها، وهذا في حد ذاته حدث سعيد.
الـ«كورونا» حديثنا اليومي المعهود، كم غيّر فينا من روتين وعادات وكم أضاف لنا.
القُبل، الأحضان، المسافات، الحجر المنزلي، إلغاء الحجوزات، إغلاق مطار الكويت الدولي، مناعة القطيع، تصنيف بريطانيا من ضمن الدول الموبوءة.
إعلان الحجر، خطة الإجلاء. كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. الانتظار أسبوعين ثم عشرة أيام أخرى.
حياتنا قيد الانتظار، لكن في المجمل ألسنا نعيش حياتنا بأكملها رهن الانتظار.
 ننتظر وكلما انتظرنا وتحقق ما كنا ننتظر، نرغب بالمزيد والمزيد، يسميه البعض طموحاً والبعض الآخر طمعاً.
حقيبتي وما فيها قد سُرقت مني، لكن ما قيمة تلك الأشياء أمام الـ«كورونا».
من كان يدعوني إلى التفاؤل والتماسك، قد توفت جدته اليوم، هو لا يستطيع دفنها.
هو أصلاً لا يستطيع الرجوع إلى الكويت حتى بعد 3 أيام، ولا قبل أسبوعين مباشرة لمنزله، أنا أفكر بما أستطيع قوله لتعزيته ولا أجد.
تخونني الكلمات واللغة العربية بأكملها.
كنت دائماً أردّد بأنّي شاهدت الكثير، حتى أتت هذه المحنة، لأكتشف أنّي فعلاً لم أشاهد شيئاً، ويبقى الكثير طي الكتمان.
كم نأخذ قيماً عظيمة ونعتبرها من المسلّمات، الأمن الصحة الوطن الاستقرار.
كم نحتاج لنُقدّر ونستشعر قيمة هذه النعم.
 تأتي المحن لتهزّنا ولتذكّرنا بما كنّا فيه، لكنّنا غفلنا عنها لنحلم بالمزيد، لك الحمد ربي على البلاء وما تبعه.
استمتعوا بكل لحظة، مارسوا الامتنان، وستعود الحياة إلى طبيعتها تباعاً.