7.3 مليار دينار عجزاً متوقعاً في السنة المالية الحالية
الحكومة أحرزت الحد الأدنى في الإصلاح... تركيزها على تدابير لا تتطلب موافقة مجلس الأمة
الحساب الجاري لميزان المدفوعات سيحقّق 4 في المئة عجزاً ... الأول في عقدين
أكّدت وكالة فيتش تصنيفها الائتماني السيادي للكويت لعام 2020 عند المرتبة «AA» مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وذكرت الوكالة أن الأوضاع المالية والخارجية القوية بشكلٍ استثنائي للكويت تمثّل نقاط قوة للتصنيف السيادي، يقابلها بشكلٍ متزايد العجز المؤسساتي والبطء في معالجة تحديات تمويل الموازنة العامة، الناشئة عن الاعتماد الكبير على النفط، مشيرة إلى أن دولة الرفاهية السخية والدور الاقتصادي الكبير للقطاع العام يُشكّلان تحديات متزايدة أمام المالية العامة، كما أن مؤشرات الحوكمة وبيئة الأعمال تقلّ بشكلٍ كبير عن متوسط أقران الكويت في التصنيف «AA».
وتوقعت الوكالة استنفاد الأصول الأجنبية لصندوق الاحتياطي العام تقريباً في السنة المالية 2020 /2021، مفترضة أن تستأنف الحكومة الاقتراض والسحب من صندوق الأجيال القادمة لتمويل عجز الموازنة العامة بدءاً من السنة المالية 2021 /2022.
وأكدت، أن المؤشرات المالية والخارجية للكويت شديدة الحساسية للتغيرات في أسعار ومستويات إنتاج النفط، منوهة إلى أن تغير متوسط سعر برميل النفط بنحو 10 دولارات للبرميل عن مستوى الافتراضات الأساسية من شأنه أن يُغير من رصيد الموازنة العامة بنحو 9 في المئة من الناتج، كما أن زيادة إنتاج النفط بنحو 100 ألف برميل يوميا ستحقق فائضاً في رصيد الموازنة بنحو 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.وقدّرت الوكالة صافي الأصول السيادية الخارجية التي تُديرها الهيئة العامة للاستثمار بنحو 529 مليار دولار، تشكل نحو 472 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة الأعلى بين الدول المُصنّفة من قِبل الوكالة، موضحة أن تلك القيمة تتضمن صافي أصول صندوق احتياطي الأجيال القادمة المُقدّر بنحو 489 مليار دولار، والذي تتزايد قيمته بشكلٍ مستمر نتيجة التحويلات السنوية المستمرة بنحو 10 في المئة من إجمالي الإيرادات العامة.
وتوقعت «فيتش» انخفاض قيمة صندوق الاحتياطي العام للسنة السادسة على التوالي، بسبب لجوء الحكومة للصندوق لتمويل عجز الموازنة العامة وسداد الديون المحلية المستحقة، مرجحة أن تسجل الموازنة العامة عجزاً ماليا بنحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وبقيمة 7.3 مليار دينار في السنة المالية 2020 /2021، ما يعكس الافتراضات الأساسية للوكالة، بأن يصل سعر خام برنت نحو 35 و45 دولارا للبرميل في 2020 و2021 على الترتيب.
وأشارت إلى أنه من غير المتوقع أن تكون هناك استجابة كبيرة للسياسة المالية مقابل صدمة أسعار النفط واستمرار جائحة فيروس كورونا وانتخابات مجلس الأمة في أكتوبر 2020، مبينة أنه وفقا لمنهجية وزارة المالية «بحساب التحويلات إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، واستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية» تتوقع الوكالة أن تسجل الموازنة العامة عجزا ماليا يفوق 33 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتُقدّر أن تسجل الموازنة العامة فائضا بنحو 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2019 /2020.
ولفتت «فيتش» إلى انتهاء صلاحية قانون الإذن للحكومة بعقد قرض عام، ما يجعل الحكومة غير قادرة على الاقتراض، وإعادة تمويل الاستحقاقات الحالية التي يتعين الوفاء بها في الوقت الراهن من خلال السحب من صندوق الاحتياطي العام، منوهة إلى أنه نتيجة لذلك، انخفض رصيد الدين الحكومي إلى نحو 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية السنة المالية 2019 /2020، في حين أن السندات الخارجية التي أصدرتها الدولة تستحق في عامي 2022 و2027.
وأفادت بأن صندوق احتياطي الأجيال القادمة سيسمح للكويت بتمويل مستويات العجز الحالية في الموازنة لعقود قادمة، لكن ذلك يتطلب موافقة مجلس الأمة وقد يكون مثار جدل سياسي، لافتة إلى أن الحكومة حالياً تدفع مجدداً نحو تمرير قانون الدين العام الجديد، ولا تفكر في تغيير الترتيبات التي تحكم صندوق الأجيال القادمة.
وأضافت «تتفهّم الوكالة أن الدستور الكويتي يمنح الأمير المرونة لإصدار مرسوم طارئ يسمح بإصدار الدين العام أو استخدام صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وحسب رأي (فيتش)، قد يكون من الممكن اتخاذ تدابير استثنائية أخرى لضمان خدمة الدين في الوقت المناسب».
وذكرت «فيتش» أن الحكومة أحرزت الحد الأدنى من التقدم في برنامجها الإصلاحي الذي يهدف إلى تعزيز وضعها المالي الأساسي، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز دور القطاع الخاص في توفير فرص العمل للشباب، لا سيما أن 80 في المئة من المواطنين يعملون في القطاع الحكومي حسب بيانات 2018، مشيرة إلى أن الحكومة تُركّز جهودها على التدابير التنظيمية والإدارية التي لا تتطلب موافقة مجلس الأمة، وتحاول تقليل التكاليف الفورية لمكونات الإصلاح.
وتوقعت «فيتش» أن يسجل الحساب الجاري لميزان المدفوعات عجزاً بنحو 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، في أول عجز يشهده الحساب الجاري منذ عقدين، مشيرة إلى أن القطاعات الخاصة المصرفية وغير المصرفية تُعتبر في وضع صافي دائن خارجي ومستثمر رئيسي في المنطقة، ما يفسر آفاق النمو المحلي الفاتر نسبياً.
وأوضحت أن هذا يوفر دعماً لرصيد الحساب الجاري وصافي وضع الاستثمار الدولي «IIP»، والذي تُقدّره «فيتش» بنحو 514 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018، ما يتجاوز صافي وضع الأصول الأجنبية السيادية بنحو 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
10 دولارات تغير في سعر البرميل يغيّر رصيد الموازنة بـ9 في المئة من الناتج
100 مليون برميل زيادة يومية بالإنتاج النفطي تحقّق 1 في المئة فائضاً في رصيد الموازنة
529 مليار دولار... صافي الأصول السيادية الخارجية
489 ملياراً... أصول صندوق احتياطي الأجيال القادمة
1 في المئة... فائض من الناتج في السنة المالية الماضية
القطاع غير النفطي إلى كساد ... والبنوك ستستوعب القروض المتعثرة
رجّحت «فيتش» ألا يُحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً في 2019، مدفوعاً بتخفيض الكويت إنتاجها النفطي بما يتماشى مع اتفاق تخفيض الإنتاج «أوبك+»، والتأخير في تطوير المصافي النفطية في إطار تنفيذ مشروع الوقود البيئي، متوقعة أن يشهد الناتج نموا موجبا في 2020 تزامنا مع ارتفاع انتاج النفط والبدء بتشغيل منشآت التكرير التي تم تطويرها، رغم أنها تعتقد أن القطاعات غير النفطية ستشهد حالة من الكساد نتيجة انتشار فيروس كورونا خلال هذا العام.
وأكدت الوكالة أن القطاع المصرفي لدية القدرة على استيعاب خسائر القروض المتعثرة، بفضل المعدلات الجيدة للرسملة والسيولة والربحية، توقعت أن تنتج الكويت نحو 2.8 مليون برميل يوميا في 2020 مقارنةً بأقل من نحو 2.7 مليون في 2019، مبينة أن الكويت لم تُعلن لغاية الآن فيما إذا كانت ستزيد من مستويات الإنتاج النفطي، وبأن الزيادة المتوقعة ستعكس عودة الإنتاج في المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية.
عوامل ترفع التصنيف وأخرى تخفضه
عددت «فيتش» أهم العوامل التي يمكن أن تؤثّر إيجاباً بشكل فردي أو جماعي على التصنيف السيادي للكويت، موضحة أنها تتمثل في التحسّن بنقاط الضعف الهيكلية مثل خفض الاعتماد على النفط، وتعزيز مؤشرات الحوكمة وبيئة الأعمال إلى مستويات مقاربة لمتوسط الدول المُصنفة عند درجة «AA».
أما العوامل التي يمكن أن تؤثّر سلباً وبشكل فردي أو جماعي على التصنيف السيادي، وفقاً للوكالة، فتتمثل في تآكل متانة الأوضاع المالية والخارجية نتيجة استمرار انخفاض أسعار النفط، أو عدم القدرة على معالجة الاستنزاف الهيكلي للمالية العامة، واستمرار استنزاف موارد صندوق الاحتياطي العام في ظل عدم إقرار قانون جديد للدين العام، أو تشريع يسمح بالنفاذ إلى أصول صندوق الأجيال القادمة، أو غياب الثقة في قدرة الحكومة على تبني تدابير استثنائية لضمان خدمة الدين.