اضطراب التأقلم يطول 40 إلى 50 في المئة من الناس عند انتشار الأوبئة

خدمات نفسية للمحجورين... «online»

1 يناير 1970 05:58 م
  •   سليمان الخضاري لـ «الراي»:
  • قدمنا الدعم لحالة تعاني  من انزعاج تقييد الحرية 
  • - يومياً يأتيني من 80 إلى 90 استفساراً نفسياً  من الجالسين في بُيوتهم 
  • - ما يتم تقديمه هو دعم نفسي لأننا لا نتكلّم  عن مرضى نفسيين 
  • - لا تقسوا على الموجودين  في المحاجر لأن بعضهم ممكن أن يخطئ

في موازاة الملحمة الطبية والإنسانية التي يسطرها جيش الكويت الأبيض من الأطباء، في مواجهة فيروس «كورونا» المستجد، يقف على خط المواجهة جيش ثانٍ، لا يقل أهمية عن الأول، يقدم الدعم والعلاج النفسي للمحجورين.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ الطب النفسي في جامعة الكويت الدكتور سليمان الخضاري، الذي خاض تجربة عملية في تقديم الدعم النفسي لبعض الحالات الموجودة في الحجر «أونلاين»، أهمية هذا الدعم.
وقال الخضاري في تصريح لـ«الراي»، إن «الجميع يحاول أن يساعد بما يستطيع، فوزارة الصحة ممثلة في مركز الكويت للصحة النفسية فتحت المجال عن طريق مؤسساتها الرسمية والمتطوعين بالتنسيق مع المسؤولين عن المحاجر، حيث خصص المركز مجموعة من الأطباء لتقديم خدمات نفسية للمتواجدين في المحاجر، كما أن جامعة الكويت شكلت لجنة بقرار من مدير الجامعة في ذات السياق، وكذلك جمعية الخدمة الاجتماعية تقوم بجهد كبير أيضاً في الاتجاه نفسه، بالإضافة إلى الأطباء الذين يتبرعون بوقتهم. كما أن المستشفى الأميري يعد من الجهات الرائدة في هذا الأمر فقد بدأ في تقديم الخدمات النفسية عن طريق اتصال فيديو بتوجيه من مدير المستشفى الدكتور علي العلندا الحريص على تسهيل كل العقبات وإشراف استشاري الطب النفسي الدكتور عبدالله العزيري».
وتابع الخضاري إن «ما يتم تقديمه هو دعم نفسي لأننا لا نتكلم عن مرضى نفسيين بل أناس يمرون بفترة عدم اتزان نفسي واجتماعي بسبب الظروف الضاغطة عليهم حالياً، وثمة فئات عدة من الموجودين في المحاجر فهناك الفرق العلاجية المتواجدة في الخطوط الأمامية، والمتطوعون الذين يعملون لساعات طويلة من دون رؤية ذويهم ويعانون من القلق من اكتساب العدوى، وكل هذه ضغوطات تجعلهم معرضين للتوتر خلال الفترة الحالية والمقبلة، بالإضافة إلى قلقهم من الوصمة الاجتماعية فمثلاً يدور بذهن بعضهم أنه عند عودته للبيت ربما يخاف أبناؤه من احتضانه خوفاً من العدوى»، مضيفاً «أما الخاضعون للحجر فهم فئات مختلفة أيضاً منهم من كان في الخارج بغرض السفر وآخرون بغرض العلاج والبعض للدراسة، وهناك من يلوم نفسه لأنه سافر».
وشدّد الخضاري على أن «الغالبية الساحقة يشعرون بالامتنان لما تقدمه الدولة لكن يظل الحجر مقيداً للحرية ولا يسمح بالتواصل مع الناس، هناك من لديه مشكلة مع الروتين ومن هنا تأتي أهمية الدعم النفسي عبر اجتماعات في غرف المحادثة في تطبيقات إلكترونية ومحاضرات توعوية للجمهور والفرق الطبية في كيفية التعامل مع هذه الظروف».
وعن أهم الأمراض التي قد تصيب المتواجدين في المحاجر، أجاب: «اضطراب التأقلم يصيب الكثير من الناس الذين يمرون بظرف ضاغط ويؤثر على حياتهم اليومية، ويتسبب في أعراض متوسطة الشدة من القلق، ومن المتوقع أن قرابة 40 إلى 50 في المئة من الناس في الكوارث الطبيعية والأوبئة سيعانون من هذا الاضطراب بسبب حجم الأزمة وتأثيرها على المستوى العالمي، ويمكن علاجه عن طريق الدعم النفسي إما بالجلسات الفردية وإما الجماعية مع تأهيل الفرق المتخصصة لتقديم خدمات متنوعة والتدخل الدوائي بشكل محدود لعلاج أعراض مثل الأرق أو التوتر الشديد».
وعن الحالة التي قام بالتدخل لتقديم الدعم النفسي لها، قال الخضاري «كانت تعاني من انزعاج شديد من تقييد الحرية والرغبة في استعادة الأنشطة الحياتية وتم التدخل عن طريق الحوار المباشر وجلسة دعم نفسي».
ووجه الخضاري رسالة إنسانية قائلاً «لا تقسوا على الموجودين في المحاجر لأن بعضهم ممكن أن يخطئ ويصور شيئا موجودا في المحجر ولكن هم يعانون من حالة توتر شديد وقد يخطئون في ما يتذمرون منه، فيصبحون مادة للتنمر والتندر الاجتماعي. نحن في ظرف استثنائي ونحتاج لتفهم نفسيات بعضنا البعض».
وتابع الخضاري «يومياً يأتيني من 80 إلى 90 استفساراً نفسياً من الجالسين في بيوتهم عن كيفية التعامل مع القلق والربكة التي يمرون بها»، موضحاً أن العلاج يكمن في التأكيد على أن «البقاء في المنزل ليس فعلاً سلبياً بل هو ايجابي، وبالتالي كل فرد يجلس في المنزل يساهم في القضاء على الفيروس وهو أهم شيء».

وصفة الخضاري النفسية

• المحافظة على نمط حياة صحية.
• عدد ساعات نوم كافٍ في أوقات معتادة.
• أكل صحي وممارسة الحركة داخل البيت.
• التقليل من الأخبار خصوصاً من غير المصادر الموثوقة.
• ممارسة أنشطة جماعية مع مَن هم في المنزل.

نعيمة طاهر لـ «الراي»:
تعزيز غريزة البقاء للقضاء على القلق

قالت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت الدكتورة نعيمة طاهر، إن «الإنسان لديه نمط معين في حياته اليومية يعيشه كل يوم، وعندما يختل هذا النمط ويتغير هذا النظام الذي اعتاد عليه في يومه، فإنه يتعرض لكثير من الضغوط النفسية».
وأضافت طاهر، في تصريح لـ«الراي» إن «الوضع في الحجر الصحي كونه مكاناً مختلفاً عن المنزل وبه اجراءات صحية مكثفة واحترازات تتعلق بالتقارب، فإن كل هذه الإجراءات تصيب الشخص بالقلق والخوف على صحته وصحة مَن معه من أفراد أسرته ومع طول الحجز والروتين اليومي والبعد عن العائلة والأصدقاء ربما يصاب البعض بالاكتئاب».
وذكرت انه «لتجنب الإصابة بالاضطرابات النفسية والاكتئاب، يجب أن نعزز غريزة البقاء والحياة عند المحجورين، والحمدلله أن مناطق الحجر خصوصا الشاليهات لها تأثير ايجابي، فضلاً عن تأثير النتائج الإيجابية للفحوصات»، معربة عن أملها في أن «يكون هناك استشاري نفسي أو اكثر لمعاينة الحالات التي تعاني من اضطرابات في الحجر الصحي». وعن كيفية تخفيف الضغوط عن المحجورين، أجابت بالقول «هناك طرق عدة، من بينها تحديد مصادر وأسباب الضغط النفسي، من خلال كتابتها على ورقة لتنظيم الأفكار والتعبير عن المشاعر: هل هي الخوف من المرض أم الاحتجاز في مكان ضد رغبة الشخص ولا ينبغي أن ننسى أن بعض الأفراد عندهم رهاب الأماكن الضيقة أو الحجز»، مشددة على أهمية «البحث عن التنوع والتجديد، لأنه سيبقي المحجور في حالة إثارة وحماس».
ودعت المحجور إلى «الاستمتاع بالوقت وابتكار ألعاب يقوم بها مع المجموعة التي معه»، مقترحة «القيام بختم القرآن بقراءة جماعية، بحيث يتم توزيع الأجزاء بين مجموعة من الأفراد»، ومشددة على أن «وجود الأسرة الواحدة مع بعضها يعد مصدر قوة، لأنه يقوي من العلاقة بينهم لخوفهم على بعض وتآزر الكل لمواجهة الضغوط النفسية والتخفيف من حدة الحظر وطول مدة البقاء في المنزل».

البارون لـ «الراي»:
التوتر يقلل من كفاءة الجهاز المناعي

أكد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور خضر البارون، أن «القلق المصحوب بالتوتر النفسي يقلل من كفاءة الجهاز المناعي ما يضعف فعالية مواجهة فيروس كورونا المستجد وغيره من الفيروسات»، لافتاً إلى أن «عدداً كبيراً من المحجورين قد أصيبوا بالكآبة بسبب توقف حياتهم الاعتيادية ما يستدعي التدخل النفسي».
وأضاف البارون، في تصريح لـ«الراي»، أن «المشاكل النفسية تطول أيضاً الموجودين في المنازل بسبب حظر التجول»، مشيراً إلى أن «تقليل التوتر بات ضرورة حتى نجتاز جميعاً هذه الأزمة». وتابع «الجلوس في البيت قد يثير بعض الشجار بين الأزواج لكننا مطالبون بالصبر وتقبل هذه الأمور، والاستعانة بالأخصائيين النفسيين يساعد في تقليل هذا التوتر».