الأجرة الجوالة تعمل بـ «النفر» لتعظيم الإيراد دون احتراز
عمّال يتساءلون: من أين سندفع إيجاراتنا؟ وكيف سنؤمن احتياجاتنا اليومية؟
«الميكروباص» و«التاكسي» ووسائل النقل العام... كلّها تجمُّعات
رغم أن قرار إيقاف وسائل النقل العام، الذي دخل حيز التنفيذ اعتباراً من الخميس الماضي، وحتى إشعار آخر، يأتي ضمن احترازات صحية لضمان عدم انتشار فيروس كورونا، إلا أن التطبيق الفعلي للقرار في الثلاثة أيام الأولى، أثبت أن النقل الجماعي غير المرخّص حلّ بديلاً، فعشرات «الميكروباصات» شهدت نشاطاً في عملها كوسائل نقل جماعي، ناهيك عن أن معظم سيارات «التاكسي» الجوال باتت تعمل بـ«النفر»، ما يعني تزاحماً أكبر للركاب واستمراراً لمخاطر انتشار كورونا بينهم.
يأتي ذلك في ظل عدم قدرة نسبة كبيرة من العمالة الوافدة، منخفضة الأجور، على استخدام وسائل انتقال بديلة للنقل الجماعي لإيصالهم من المنزل إلى العمل وبالعكس، لأن ذلك سيكبدهم إنفاق الجزء الأكبر من رواتبهم المتدنية، وهو ما عبر عنه بعضهم لـ«الراي» متسائلين «من أين سندفع إيجاراتنا؟ وكيف سنؤمن احتياجاتنا اليومية؟ وكيف سنحوّل أموالاً إلى أسرنا؟»، في حين أكد أحد الوافدين الهنود أن «دوام مافي فايدة، أنا ياخد راتب، يدفع تاكسي».
وكشفت جولة قامت بها «الراي» خلال الليلتين الماضيتين، عن عدم توقف وسائل النقل الجماعي غير المرخّص، فعشرات الـ«ميكروباصات» تعمل بصورة غير رسمية كوسائل نقل جماعي، وتحمل العشرات من الوافدين يومياً، ناهيك عن أن الكثير من سيارات «التاكسي» الجوال بات يعمل بـ«النفر» طمعاً في تحقيق عائد أعلى، إذ تتحرك سيارة الأجرة بـ4 ركاب معاً، ليتضاعف معها عائد الرحلة 3 مرات.
وفي يوم الجمعة، ورغم أنها إجازة للغالبية العظمى من الوافدين، إلا لفئة منهم تعمل في قطاع الخدمات، رصدت عدسة «الراي» استمرار «الميكروباصات» و»التاكسي» الجوال بالنقل الجماعي، من دون أي آليات تعقيم لأي منها، ما يعني أن استمرار الوضع يمثل بؤرة خطر لانتشار كورونا.
وخلال الجولة، اشتكى راجو (وافد هندي) الوضع القائم حالياً لـ«الراي»، قائلاً «بابا دوام مافي فايدة، أنا ياخد راتب، يدفع تاكسي»، مبيناً أنه يتقاضى راتباً شهرياً 120 ديناراً كان يدفع منها 12 ديناراً اشتراكاً في الباص، إلا أن فاتورة انتقاله ستصل إلى 4 دنانير يومياً من خلال التاكسي، ما يعني أنه سيدفع راتبه كاملاً فاتورة لـ«التاكسي».
ولعل حال راجو لا يختلف عن حال نحو مليون وافد آخر يتقاضون راتباً يقل عن 125 ديناراً وفقاً لإحصائيات حكومية رسمية، ما يجعل تأثير قرار إيقاف وسائل النقل العام المرخصة كبيراً عليهم، خصوصا وأن كثيراً من الشركات تضطرها ظروف عملها إلى عدم التعطيل أثناء الإجازة الرسمية التي أعلنتها الدولة، البالغة 15 يوماً، ما جعل الكثير من تلك العمالة الوافدة أمام خيارين، أحلاهما مر، فلا هم قادرون على تحمّل تكاليف «التاكسي» التي ستلتهم رواتبهم خلال فترة منع النقل الجماعي المرخّص، ولا هم قادرون على أخذ إجازة على حسابهم لأن ذلك سيؤدي إلى عدم قدرتهم على سداد الكثير من التزاماتهم.
وبدوره، قال أمان، الذي يعمل محاسباً في أحد المطاعم «إن قرار إيقاف النقل الجماعي له آثار سلبية جداً على الموظفين ذوي الدخل المحدود»، لافتاً إلى أن «تعرفة» التاكسي «من مكان عمله إلى المكان الذي يسكن فيه ستكلفه كل يوم ذهاباً وإياباً نحو 8 دنانير، فمن أين له أن يتحمل ذلك إذا كان راتبه لا يتجاوز الـ120 ديناراً؟».
ولفت أمان إلى أن الشركة تمنحه 25 دولاراً بدل مواصلات، لن يكفي سوى 3 أيام، مبيناً أن الهدف من القرار الحكومي منع التجمعات، إلا أن ذلك القرار دفع الكثيرين إلى اتخاذ سبل أخرى فيها تجمعات أيضاً.
أما أحمد (موظف في أحد محلات العطور)، فأكد أن عدداً من الموظفين بدأوا يتفقون مع أصحاب «تاكسي» جوال أو «ميكروباص»، لينقل «التاكسي» 4 أشخاص دفعة واحدة، فيما يصل العدد إلى 13 شخصاً في «الميكروباص»، وذلك لتقسيم الأجرة عليهم، لأن الشخص الواحد بمفرده لا يمكنه تحملها.
وأوضح أن هذه الخطوة تنطوي على مخاطر كبيرة، حيث إن المسافة بين هؤلاء في وسائل النقل تلك صغيرة جداً، ما يعني أن انتقال العدوى محتومة في حال كان أحدهم مصاباً.
ونوه إلى أن بعض أصحاب «التاكسي» بدأوا يستغلون الوضع برفع الأجرة، حيث إن العديد منهم لا يعمل على العدّاد، بل على الاتفاق بينه وبين الزبون، وبذلك يرفعون الأسعار كما يحلو لهم، خصوصاً وأن الموظفين البسطاء لا يعرفون الأماكن والتعرفات المحددة لمثل تلك المسافات، مطالباً بحظر «التاكسي» الجوال و«الميكروباصات»، إذ لا فرق بينها وبين باصات النقل العام الكبيرة، فكلاها يتجمع فيها الناس.
«تاكسي جوال» في محطات الباصات
بدأ سائقو «التاكسي» الجوال بالتوقف داخل مواقف محطات الباصات بصورة شبه دائمة، انتظاراً للركاب، والتحميل أيضاً بـ«النفر» على وجهات متقاربة. كما يتوقف السائقون أمام العديد من الأماكن العامة في طوابير انتظار طويلة لالتقاط الزبائن.