رئيس الاتحاد الإنكليزي: عدم اكتمال الموسم سيؤدي إلى خسارة ما يقرب من 750 مليون جنيه استرليني من عائدات بث المباريات تلفزيونياً فقط
تتسابق الصحف ووكالات الإعلام العالمية على رصد الخسائر التي تسبّب بها تفشي فيروس «كورونا» المستجد، على المستوى الرياضي عموماً، وكرة القدم على وجه الخصوص.
صحيح أن التوقف يبدو موقتاً في المبدأ، غير أن عدم القدرة على تحديد موعد للعودة هو ما يضع معظم البطولات القائمة وتلك الموعودة، في دوامة الشك.
وبحلول مساء الجمعة الماضي، كانت البطولات الخمس الكبرى (إنكلترا، ألمانيا، فرنسا، إسبانيا وإيطاليا) قد أعلنت وقف المباريات التي عادة ما تملأ جدول عطلة نهاية الأسبوع، وذلك لفترات متفاوتة، مثلها مثل بطولات أخرى كالبرتغال وهولندا. كما أرجأ الاتحاد الأوروبي (ويفا) مباريات الأسبوع المقبل ضمن مسابقتي دوري الأبطال و«يوروبا ليغ»، ودعا الى اجتماع فاصل، الثلاثاء المقبل، لبحث مصيرهما، ومصير بطولته الأهم للمنتخبات، كأس أوروبا، التي من المقرر أن تقام بين 12 يونيو و12 يوليو، في 12 مدينة استثنائياً وذلك احتفاءً بمرور 60 عاماً على انطلاقها.
وعمدت البطولات الوطنية بداية الى إقامة مباريات من دون جمهور، وهو ما طال أيضاً المسابقتين القاريتين. لكن مع اتساع رقعة «كوفيد-19» الذي بات مصنفاً وباءً عالمياً من قبل منظمة الصحة العالمية، والقيود الكبيرة التي فرضت من قبل دول عدة على حركة السفر، وجدت الهيئات الكروية نفسها مرغمة على فرض تعليق شامل حتى مطلع أبريل على الأقل.
المشكلة أن الواقع الاقتصادي والمالي بدأ يفرض نفسه على أندية «القارة العجوز» التي تنفق كميات هائلة من الأموال على فرقها، وتعتمد بشكل كبير على مداخيل المباريات والمشجعين وحقوق البث التلفزيوني.
إذاعة «كوبي» الإسبانية أجرت دراسة خرجت من خلالها باستنتاج أن أندية الدوري المحلي التي أعلنت، هذا الأسبوع، التوقف لمرحلتين على الأقل، ستخسر ما مجموعه 600 مليون يورو (665 مليون دولار) في حال عدم إقامة مباريات أخرى في الموسم الراهن.
وأشارت إلى أن ذلك سيؤثر بشكل كبير على الأندية، لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها والتي لا تتوافر لها قدرات مالية كبيرة أو عقود رعاية ضخمة. ويخشى أن يمتد التأثير الاقتصادي إلى أبعد من كرة القدم، إذ تساهم الرياضة بـ1.4 في المئة من مجمل الناتج المحلي في البلاد.
من جهتها، نشرت صحيفة «آس» الإسبانية تقريراً كشفت فيه أن تعليق الدوري المحلي، إن استمر، فسيكلف الأندية والاتحاد خسائر بقيمة 678.8 مليون يورو، وتابعت: «الأندية ستخسر 549 مليون يورو من حقوق البث التلفزيوني، إلى جانب 88 مليوناً للاشتراكات و41.4 مليون من غياب الجماهير عن المدرجات، في كارثة اقتصادية قد تحل بالجميع، سواء الكبار أو الصغار في إسبانيا».
وأكد نادي برشلونة استعداده لفقدان نحو 6.5 مليون يورو من إقامة المباراة أمام ضيفه نابولي الإيطالي في إياب ثمن نهائي دوري الأبطال من دون جمهور، قبل أن يجري تأجيل المواجهة، فيما أشارت تقارير إلى أن النادي سيتكبد خسائر تصل إلى نحو 170 مليون يورو جراء إيقاف الـ«تشامبيونز ليغ» والـ«ليغا».
وتحدث رئيس الاتحاد الإسباني، لويس روبياليس، عن أزمة «كورونا»، مؤكداً أن خيار إلغاء الدوري، هذا الموسم، يبقى وارداً إذا فشلت الخطط البديلة.
وقال: «صحة الناس لها الأولوية. نتواصل مع الاتحادات المعنية كافة. لدينا بروتوكولات خاصة بنا وكذلك بروتوكولات الصحة. سنعمل وفق السيناريوهات الممكنة ونقدم ردودا مسؤولة. قررنا قبل أيام إيقاف كرة القدم الإسبانية. أما بالنسبة إلى دوري الدرجتين الأولى والثانية، فهناك عناصر تنسيق وأردنا الاستماع إلى الأطراف كافة. سنعمل على الحلول الممكنة. في 25 مارس، سنعيد تقييم الوضع ونتخذ قرارات جديدة».
وتابع: «لاعبو كرة القدم يتصلون جسدياً ببعضهم البعض، وبالتالي هناك مخاطر واضحة. سنبحث عن حلول عندما يحين الوقت المناسب. حتى الآن، لا نفكر في خوض المباريات في الصيف. هناك تدابير أخرى على المستوى الدولي، والأمر معقّد. على صعيد نهائي كأس الملك، نحن نريد أن تقام المباراة بحضور جماهيري، لكن لا نعرف إن كان ذلك واقعياً الآن أم لا».
وعن الأنباء التي تتحدث عن إلغاء «يورو 2020»، قال: «الأولوية للناس وصحتهم. إذا قرر الاتحاد الأوروبي إلغاء البطولات، فسيكون ذلك لضمان الصحة. لا نعرف ما قد يحدث، لكن الأهم هو صحة الناس».
وفي إنكلترا التي تأخرت بعض الشيء في إعلان تعليق نشاطها الرياضي، يتوقع ان تتمكن أندية الدوري الممتاز من تحمّل الخسائر التي قد يسببها إيقاف المباريات لفترة وجيزة، إلا أن التأثير الأكبر سيطول أندية الدرجات الثلاث الأدنى، والتي أرجئت منافساتها أيضاً مثل مباريات دوري السيدات.
معلوم أن عقود البث التلفزيوني لمباريات الـ«بريمير ليغ» تعد من الأغلى في العالم.
ومن المقرر عقد اجتماع بين الاتحاد ورؤساء أندية الـ»بريمير ليغ»، الخميس، لتحديد مصير الموسم.رئيس نادي ستوك سيتي من الدرجة الإنكليزية الأولى، بيتر كوتس، قال لهيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن الأمر يختلف بالنسبة الى الأندية خارج الدوري الممتاز «إذ تعتمد بشكل أساسي على إيرادات حضور المباريات والنشاطات التجارية، في حين أن جزءاً بسيطاً من عائداتها مصدره وسائل الإعلام»، في إشارة الى مالكي حقوق البث.
وتابع: «هذا (التوقف) سيتسبب بمضاعفات مالية خطرة» قد تصل الى حدود الإفلاس بالنسبة إلى عدد من الأندية.
وأعلن رئيس الاتحاد الإنكليزي، غريغ كلارك، ان استكمال الموسم اصبح محل شك كبير، وذلك بعد اجتماع طارئ بين عناصر اللعبة كافة في البلاد.
ووفقاً لصحيفة «تايمز»، فإنّ ما يُشعر كلارك بالقلق أن الرابطة الانكليزية لا يمكنها اعتماد ليفربول بطلاً بعد الموسم الكبير الذي قدمه.
وقال كلارك: «في حال عدم اكتمال الموسم، فسيؤدي ذلك لخسارة أندية الدوري الممتاز مليارات الجنيهات الاسترلينية من أموال البث التلفزيوني حيث يتوقع أن يخسر البريمير ليغ ما يقرب من 750 مليوناً من عائدات البث فقط».
واستطرد: «الواقع التجاري للدوري الممتاز وقيمته التسويقية، إلى جانب دوري أبطال اوروبا، إذا لم يُستكمل الموسم، فسيحصل انتهاك لعقود البث، وبالتالي لن يسدد الرعاة باقي المستحقات. وبالنسبة للدوري الممتاز وحده، فأنت تتحدث عن دخل 3 مليارات جنيه سنوياً. ليس هذا فقط، بل ان الشركات الراعية ستطالب بتعويض عن الخسائر الفادحة نتيجة إلغاء الموسم».
وختم: «ستكون هناك آثار مالية ضخمة إذا تم ضغط الروزنامة وخيضت مباريات فاصلة على سبيل المثال لتحديد المراكز كما هو مذكور في مسودة الاجتماع، ما يعني خوض عدد أقل من المباريات، وهذا ينتج عنه خسائر بالجملة لأن الشركات التلفزيونية اشترت عدداً معيناً منها، وإذا قلّ العدد فستدفع رابطة البريمير ليغ تعويضاً عن عدم الالتزام بما هو متفق عليه».
وذكرت صحيفة «ليكيب» الفرنسية بأن الاتحاد الأوروبي يميل إلى تأجيل «يورو 2020» ليقام في 2021، على أن تستكمل البطولات الأوروبية بشقيها المحلي والقاري في الصيف.
وفي ظل هذا الواقع المبهم، تقف «القارة العجوز» على مفترق انتظار ما سيسفر عنه اجتماع الثلاثاء المقبل لتحديد مصير البطولات القائمة... وتلك الموعودة منها.