سكون الملاعب

1 يناير 1970 01:44 م

كرة القدم حول العالم تبكي «العزلة» عن جمهور لطالما اعتبر قلبها النابض.
ماذا يعني أن تقام مباراة بلا مشجعين وبلا الصخب «اللذيذ» المرتبط بآهاتٍ من هنا وأهازيج من هناك؟
في «عهد كورونا» اللعين، غلب السكون على الملاعب التي لطالما ملأت مسامعنا ألحاناً لا يذوب فيها إلا عشاق «المستديرة الساحرة».
ملاعب تعيش، اليوم، مباريات بلا طعم ولا لون، بلا جمهور، فيما دخلت ملاعب أخرى أتون الابتعاد التام عن استضافة اللاعبين والمشجعين والمباريات، حتى إشعار آخر. والخطير أن هذا الإشعار... قد يطول جداً جداً.
ليست فترة حداد، ولا ظرفاً «طبيعياً» فرض قوة قاهرة استلزمت نقل حدث مجمّع من مكان إلى آخر.
نحن نعيش رهنَ واقعٍ نجهل موعد «آخرته»، فيزداد قلقنا، ومن ثم شوقنا إلى صخب «كامب نو»، عظمة «سانتياغو برنابيو»، أناقة «أليانز أرينا»، تأثير «إيدونا بارك»، رعب «أنفيلد»، هيبة «أولد ترافورد»، جنون «بارك دي برانس»، واحتفالات «فيلودروم».
نتابع مباريات فيها نجوم لطالما تُقنا إلى الاقتراب منها، وها نحن اليوم، نعيش معها انعكاسات «مرض العصر» المرعب، «كورونا».
ثمة وحدة «عالمية» يعيشها عشاق كرة القدم. ففي الأفراح التي ترافق المناسبات الكبرى، تكون المتعة لغتنا الموحدة، لكننا اليوم نتوحّد حول آفّة نعاني منها جميعاً، وتدفعنا إلى القلق على مصير تلك الكرة، متنفسنا الوحيد.
الدوريات الأوروبية المحلية «ترتجف» تحت نار التهديد بالإيقاف. أخرى توقفت فعلياً. دوري أبطال أوروبا، المسابقة التي ننتظرها موسمياً على أحرّ من جمر، تعيش في مدار علامة استفهام «كورونا».
بطولة «يورو 2020» التي أريدَ أن تقام في 12 دولة ضمن «القارة العجوز» احتفاءً بمرور 60 عاماً على ولادتها، باتت في خطر. والحال نفسه ينطبق على «كوبا أميركا» المقررة في الفترة نفسها للـ«يورو» (12 يونيو إلى 12 يوليو المقبلين) في الأرجنتين وكولومبيا معاً. كان الصيف المقبل واعداً، قبل أن يفرض الوجوم نفسه على معشر كرة القدم.
وكي لا نظلم رياضات أخرى، لا ننسى «أولمبياد 2020» في طوكيو، بطولة العالم للفورمولا واحد، بطولات التنس، والدوري الأميركي للمحترفين في كرة السلة، وغيرها.
كل هذه المناسبات لا تقام فقط لمجرد أن تقام، بل تجرى، في جانب من جوانبها، بداعي ترفيه الجمهور.
الملاعب حول العالم تستجمع أنفاسها تحت رحمة «كورونا»، عسى ألا تلفظها.
إنّه السّكون المطبق، الموت الموقت لملاعب باتت يتيمة بلا جمهور، أو معزولة عن أي نشاط.
اشتقنا، سنشتاق... عسى ألّا يطول الغياب.