الحياة تتعدّد مشاهدها وصورها ومناظرها، وتتباين من يوم إلى آخر، والناس يروحون ويغدون ويتلقون المشاهد والصور على مختلف ألوانها، فمنهم الصابر المطمئن، وآخرون قد تهزهم الأهوال فيضطربون منها وتتسبّب في آثار لا تحمد عقباها.
وقى الله الكريم الجميع من الآثار السيئة، خصوصاً الذين يواجهون الصعاب بروح من الصبر والإقدام، والتفكير الذي يفضي إلى الأمل ويؤدي الى سبيل الخير.
كثير من الأمراض عصفت بالدنيا ليمحّص الله الكريم الناس ويختبرهم، إنه هو الرؤوف بعباده والرحيم بهم.
فهذا فيروس كورونا الذي عصف بالدنيا ومن قبله عصفت أمراض كثيرة.
إنه يعد الحلقة الأحدث في سلسلة من الأوبئة التي ضربت العالم، وراح ضحيتها الملايين من البشر منها:
الطاعون الأنطوني ظهر عام 165 للميلاد، قيل إنه أودى بحياة الآلآف حينها.
في ما ذكرت دراسات أنه لم يكن سوى مرض الجدري، لكن الأكيد أن العالم عرف أنواعاً أخرى كثيرة من الطاعون، أكثر شدة، كالطاعون الأسود الذي شهدته أوروبا عام 1348 وأسفر عن مقتل نحو 20 مليون شخص على مدى 10 أعوام.
أيضاً شهدت العاصمة البريطانية عام 1665 طاعون لندن العظيم، الذي وصل قادماً من هولندا وتجاوزت ضحاياه 100 ألف وهو ربع عدد سكان المدينة حينئذ.
الحمة الصفراء انتشرت في منطقة فيلاديفيا الأميركية عام 1793، وتسبّبت في مقتل حوالي 45 ألف شخص.
الكوليرا التي فتكت بالكثير من جنوب شرق آسيا ظهرت عام 1820 في مدينة كولكتا الهندية، وأصابت أكثر من 100 ألف حول العالم.
الإنفلونزا الإسبانية اجتاحت العالم 1918 وقضت على نحو 50 مليون شخص، ثم الإيدز ظهر في الكونغو عام 1976 وانتشر في مختلف أنحاء العالم، ليصيب حوالي 36 مليوناً... ومع نهاية عام 2013 عرفت غينيا الأوبولا ومنها انطلق إلى ليبيريا وسيراليون، وأخيراً (كورونا) الذي عرفته بواكير 2020 كفيروس غامض في مدينة ووهان الصينية، قبل أن تطلق عليه منظمة الصحة العالمية (كوفيد 19)، وتجاوز وفياته وإصاباته الآلاف في الصين والعالم حتى الآن.
تصدت الدنيا لهذا الفيروس، وحشدت كل ما في وسعها من مستلزمات مختلفة للقضاء على هذا الوباء وصده، وهذه الديرة الطيبة فزع أهلها مع جميع الأجهزة المتخصصة في التعاون من أجل القضاء على هذا الفيروس والحد من زحفه، حتى تعيش الديرة في أجواء نظيفة خالية من آثار الوباء ولا بد أن يستمر هذا التعاون وهو ديدن أبنائها في مختلف المجالات وعلى جميع الأصعدة، وأن تتحد جميع الجهود والأفكار من أجل أمنا الكويت، وأن نقذف بالإشاعات والإشارات غير المسؤولة والأنفاس الطائفية، التي لا تمت لأهل هذه الديرة بصلة في مكان سحيق، وأن يكون هدفنا هو حماية الكويت وأهلها والعمل على أن تكون هذه الديرة نظيفة خالية من كل شائبة نقية كقلوب أبناء أهلها، ونسأل الله الكريم أن يبعد الشر ويصد المرض عن جميع بقاع الدنيا، ويحفظها كما صد غيره من الأوبئة والأمراض التي تعرّضت لها عبر القرون.
إن ربي هو ولي ذلك، والقادر عليه.
عزيزي القارئ ودعنا يوم السبت الماضي أماً كريمة من أمهات هذه الديرة العزيزة، هي مريم يوسف المتروك، تلك الأم التي ربّت فأخلصت وأشارت فهدت ونصحت فأبلغت، نسأل الله الكريم أن يتغمدها بواسع رحمته.
اللهم بارك لأم عادل في حلول دار البلاء وطول المقامة بين أطباق الثرى، واجعل القبر بعد فراق الدنيا خير منزل لها، واخلف على أهلها وذويها بالصبر والسلوان... إنك ولي ذلك والقادر عليه.
أماه لو أن الجنان موقعها
من تحت رجليك فيما ينقل الخبر
فما بصدرك من خير ومن كرم
يظل أكبر مما تحدس الفكر
في أمان الله يا أم عادل.