التنمية في إطفاء الآبار

1 يناير 1970 09:41 م

يزخر تاريخنا بأمثلة حية عن عزيمة وإصرار الكويتيين في تنمية بلدهم وحماية ثرواته، ففي أواخر فبراير 1991، قامت القوات العراقية بتدمير ما يقارب 1073 بئراً نفطية، عن طريق تفجيرها، ما أدى إلى احتراق أكثر من 727 بئراً، مسببة غيمة سوداء غطت سماء الكويت والدول المجاورة وأدت إلى حصول كارثة بيئية وتلوث في الجو العام.
ووصلت السحب الدخانية الناتجة عن حرق الآبار إلى اليونان غرباً، وإلى الصين شرقاً، بينما تعدت آثار هذا الدخان تلك المسافة لتصل إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وأضرت هذه الجريمة بالصحة العامة في الكويت، إذ حصل انتشار للدخان الكثيف، ناهيك عن الخسائر المادية اليومية الكبيرة والتي كانت تقدر أكثر من 200 مليون دولار يومياً.
وقامت الكويت بدايةً بتوقيع عقود إطفاء حرائق الآبار مع 4 شركات أجنبية، وبدأت فرق الإطفاء بالوصول إليها في 11 مارس 1991. وتمت السيطرة على أول بئر مدمَّرة (بئر الأحمدي 49) في 20 مارس 1991، بواسطة شركة «ريد أدير»، في حين اقتصرت عملية إطفاء النيران مقتصرة على الشركات الأربع فقط خلال الأشهر الخمسة الأولى، ما ساهم في التأخر في إطفاء الحرائق، وارتفاع معدلات التلوث والخسائر اليومية.
ولذا في نهاية أغسطس 1991 تمت الاستعانة بأكثر من 11 شركة متخصصة في مكافحة الحرائق النفطية، من فرنسا وهنغاريا والاتحاد السوفياتي والمملكة المتحدة والصين وإيران، للمساهمة في عملية الإطفاء.
وارتفع عدد الشركات من 4 في الأشهر الأولى إلى 27 فريقاً بالإضافة إلى الفريق الكويتي، ما أدى إلى مضاعفة معدل إطفاء وغلق الآبار المدمرة والمحترقة من 3 آبار في اليوم في مايو 1991 إلى 8 آبار في أكتوبر 1991، إلى أن تم إطفاء آخر بئر في 6 نوفمبر 1991.
وساهم الفريق الكويتي بإطفاء 6 في المئة من مجموع الآبار المشتعلة، رغم مشاركته في توقيت متأخر مقارنة مع الفرق الأخرى، إذ قام بإطفاء أول بئر في 14 سبتمبر 1991، في حين بلغ مجموع الآبار التي أطفأها 41 بئراً وضعته في المرتبة الثالثة بعد الفرق الأميركية والكندية في التصنيف حسب الدولة وجنسية الشركات.
وكان الفريق الكويتي المؤلف من 29 عضواً من شركة نفط الكويت، موضع إعجاب ومحل تقدير الفرق الأجنبية، وأسهم في تقليص الفترة الزمنية اللازمة لإطفاء حرائق آبار النفط، من خلال حسه الوطني العالي، وعمله الدؤوب وتصديه للحرائق الأضخم، ما أشاع تنافساً محموماً بين الفرق الأخرى. ونستلهم من الدروس المستفادة من إطفاء الآبار، أنه بإمكاننا إطفاء الخسائر، وإيقاف الهدر ومحاربة الفساد، والتغلب على العجز المالي والإداري، لتحقيق أهداف التنمية في الكويت.
ونحن نرى أن التنمية بحاجة لإشراك أكبر عدد ممكن من المتخصصين والمقاولين، والشركات المحلية والعربية والأجنبية، للحصول على عروض تنافسية لإنجاز مشاريع التنمية ضمن الميزانية المحددة، وبأفضل المعايير، وفي إطار زمني متوافق مع تطلعات الكويت الجديدة، التي سترتكز على إدارة حكومية فاعلة، تستند على رأسمال بشري إبداعي، وعلى اقتصاد متنوع مستدام قائم على التعددية والشفافية والتنافسية والعمالة الوطنية.
([email protected])