فلسفة قلم

كورونا = أمن وطن وحياة

1 يناير 1970 02:38 م

العالم أصبح قرية أصغر مما نتوقع، ففي غضون أيام انتفض العالم بأكمله بسبب فيروس صغير وقف العلماء حائرين في مواجهته، وانشغلت وسائل الإعلام في ملاحقة آخر التطورات والمستجدات عن الوباء السريع وعرض إحصاءات الأرقام التي ترتفع في ثوان.
تصدرت النظريات المختلفة المجالس والدواوين بين حرب بيولوجية وراءها الولايات المتحدة وممارسات غذائية صينية بسبب أكلهم لكل شيء يتحرك من الضفادع والأفاعي والخفافيش، ومافيا شركات أدوية عالمية التي تبحث عن تسويق العلاجات والثراء الفاحش.
وتبقى تلك احتمالات غير مؤكدة، إلا أن ما يحدث في العالم من نتائج حققت لدونالد ترامب حتى الآن ما يتمناه، وهو انشغال العالم عن صفقة القرن، وضرب الصين تجارياً فتتباطأ سرعتها في تسيّد عرش اقتصاد العالم، بالإضافة إلى زيادة المصائب على الحكومة الإيرانية، التي لم يكن ينقصها سوى أن تتحول كدولة إلى حجر صحي علاوة على الحصار الاقتصادي الذي تعانيه لتنهار.
وفي سياق الظنون والاحتمالات نفسها، نتساءل: هل كان ذلك ضمن الخطة أم أنها الصدفة؟
الله أعلم.
قبل أن ندخل في الشأن الكويتي دعوني أشير إلى القليل عن الحرب البيولوجية، رغم أنني لست من المهتمين في الرؤى التآمرية ونظرياتها، ولست أغض الطرف عن المقدمات وحتمية النتائج والمتغيرات الكونية، ولكنني اليوم أقف حائراً بعد انتقال المرض وتفشيه بشكل كبير وبطريقة مثيرة للشكوك في الجمهورية الإيرانية، لتصبح في المرتبة المتقدمة بعدد الوفيات بعد الصين تجاوزاً لمنطقية ومناطقية الانتقال العلمي للفيروس!
أتذكرون الجمرة الخبيثة وكيف بدأت من خلال رسائل وزعت على أشخاص تبين أنها تحمل غبار بكتيريا! عندها اقتنع العالم أجمع بأن السلاح البيولوجي واقعياً موجود ولم يعد مجرد نظريات وتحليلات، ولعل تصريحات زعيم الحزب الليبرالي الديموقراطي الروسي فلاديمير جيرينوفسكي، الذي اتهم فيها الولايات المتحدة صراحة بأنها وراء انتشار فايروس كورونا حول العالم، ومقال العضو السابق في لجنة الأمم المتحدة للأسلحة البيولوجية إيغور نيكولين عن ظهور هذا الفيروس يمكن أن يكون نتيجة لاستخدام سلاح بيولوجي، يؤكد أننا لسنا نحن العرب الوحيدين المهووسين في نظرية المؤامرة.
وسواء كان هذا أو هذه أو تلك، فالحقيقة الجلية هي أننا أمام وباء لا يعترف بالحدود ولا كثرة الكلام الذي نمتاز به، ومواجهته لا تصح إلا بالعمل.
في الكويت كثُر الحديث، الباحثون عن البطولات في ظل الأزمات كُثر، في وقت يفترض أن يتم فيه دعم أجهزة الدولة بشكل عام ووزارة الصحة خاصة، نعم... نحن لا نملك القدر الكافي من الجهوزية في إدارة الأزمات ومواجهة الأوبئة، وكلنا يعلم ذلك، لذلك أجلوا بطولاتكم في وقت لاحق.
أما من يتحدث عن أن المواطن المتواجد في الدول الموبوءة يفترض أن يبقى بها حتى يُتِم عملية العلاج ثم يعود، فتلك هي الهرطقة بعينها! لأن كل دول العالم ملزمة بحماية رعاياها وإجلائهم مهما كانت الظروف، فلا تحملوا المصابين سبب انتشار المرض ولا تزيدوهم مرضاً بالكلام المسموم، فنحن اليوم بحاجة إلى التآزر ودعم الحكومة لا التفريق ونشر الإشاعات في مواقع التواصل الاجتماعي، والتهويل والرعب الذي يؤخر ولا يقدم.
من يدرك خطورة الموقف ويثير اللسعات الطائفية والإشاعات فتلك مصيبة، ومن لا يدرك تبعات الوضع حتى الآن فتلك المصيبة الأعظم.
وأخيراً إلى نواب الأمة... نحن اليوم نمر بمرحلة غير مسبوقة تتطلب وعي وصدق نية بعيداً عن المكاسب السياسية، فعليكم كنواب مجلس أمة مسؤولية تجاه الوطن، وعليكم تأجيل خلافاتكم والتراشق في التصريحات والابتعاد عن العرض الإعلامي ومساندة الحكومة في هذه الأزمة، فعندما يتعلق الأمر بأمن الوطن وحياة المواطنين لا تعتقدون أن المكاسب الانتخابية ستؤتى ثمارها بل ستسقطون من أعين ناخبيكم وتسقطون في صناديقهم الانتخابية، وسيذكرون تقديمكم لمصالحكم الشخصية على أمن وطنهم وصحتهم.
حفظ الله الكويت ومن يعيش على ترابها من كل مكروه.