رواق

وفاة في الإدارة!

1 يناير 1970 04:12 م

ينقسم العمل، أي عمل، في أي مكان في العالم، إلى ثلاثة جوانب، سياسي وإداري وفني، وفي الكويت، الكويتيون موهوبون فنياً، مبدعون سياسياً، لكنهم متخبطون إدارياً و«هذا بلا أبوك يا عقاب»!
الإدارة علم وفن واسع ومتشعب لدرجة أن الراحل غازي القصيبي اعتبرها حياة في كتابه الخالد: حياة في الإدارة، هذا الكتاب الذي تحوّل إلى منهج دراسي في المملكة العربية السعودية، يفترض أن يدرسه كل مرشح إلى منصب مدير وينجح في امتحانه حتى يعيّن!
لكن الواقع أن من ينجح يستبعد والساقط يترأس النجاح و«هذا بلا أبوك يا عقاب» أيضاً!
نأتي إلى أحد جوانب الإدارة الحديثة أو فروعها المسمى بإدارة الأزمات، هذا اختصاص في حد ذاته، لا يمكن أن يعيه من كان جاهلاً بعلم الإدارة في أبسط مبادئها، ولا يمكن اجتياز الأزمات من دونه إلا برحمة الله وبركة دعاء الأولياء والصالحين وصدقات المحسنين كما يحصل حالياً: كورونا والكويت على سبيل المثال!
لدينا أطباء أكفاء، يغطون الجانب الفني بمهارة تُحسد عليهم، ولدينا سياسة دولة شفافة وواضحة نفخر بها وما بينهما لدينا إدارة مترهلة تعز عن ربط السياسة بالفن و«هذا بلا أبوك يا عقاب» أيضاً!
والعقاب هنا هو محور الموضوع أو لنقل العواقب، عواقب الا قرار، وترهل الأنظمة الإدارية في التعامل بجدية مع أزمة بحجم وباء، نجد التخبط واضحاً في الفجوة الكبيرة بين تصريحات المسؤولين وقراراتهم، سببها أن المسؤولين حفظهم الله (بسبب تخبط إعلامي يفوق التخبط الإداري) لا يعون الفرق بين التصريحات والتسريبات!
التسريب يسبق القرار لجس النبض، والتصريح يعقل القرار لإعلان العمل به، وعليه لا يجوز أن يعقد مسؤول مؤتمراً صحافياً للإعلان عن إجراء لم يصدر به تعميم رغم مرور ثلاثة أيام على التصريح، ويوم الأزمة بسنة ضوئية، نرى ما تثيره التصريحات الرسمية من قلق وهلع!
تخبطان واجهتهما شخصياً من دون مبالغة، أولاً توقيع تعهد المغادرة عند الوصول، لأن الهرم الإداري مقلوب، وثانياً عدم تطبيق الفحص المعلن عنه، وثالثاً تركي حتى هذه اللحظة «لأني مقيد ولا مفكوك» محتارة في التعامل الشخصي من وسوسة الوباء في ظل بسبسة الدواء (من التردّد في تعاطيه من عدمه)، وكل في ظل التخبط الإداري يفتي من جهة حول جواز إعلان وفاة الإدارة بعد موتها إكلينيكيا منذ زمن!