ذاكرة المسرح / بعد 30 عاما... لا يزال بيننا!
صقر الرشود المسرحي... ودراما الحياة
1 يناير 1970
11:00 ص
| كتب محبوب العبدالله |
بعد ان مرت في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر الماضي الذكرى الثلاثين لرحيل الفنان والمبدع المسرحي صقر الرشود، الذي توفي عام 1978 في دولة الامارات العربية المتحدة في حادث مروري.
ولو كان لايزال بيننا لكان يحتفل هذا العام بعيد ميلاده السابع والستين.
وان تلتقي في هذا العام أيضا لعبة الدراما الحياتية في مسيرة حياته الشخصية، وان يتوفى ولده الوحيد سلمان والذي عاش بعد وفاة والده في حادث سيارة أيضا وهو في الثلاثين من عمره في التاسع والعشرين من شهر يوليو الماضي.
وكان سلمان - رحمه الله - هو الوحيد الذي عاش وقد فقد الفنان الراحل صقر الرشود - رحمه الله - من قبل ولديه نضال وفراس في سن مبكرة. وهذه هي لعبة القدر والايام والارقام تلتقي وتجمع بينهما وهو ان يموتا في حادث سيارة.
اما الحديث عن الراحل صقر الرشود في ذكراه هذه الايام فتتعدد جوانبه وتتعدد الوجوه والشخصيات التي كان يمثلها الفنان الراحل، فقد كان متعدد الوجوه والشخصيات مثل حياته المسرحية التي أبدع فيها فنا مسرحيا نوعيا بين الواقع الاجتماعي والتجريب والدراماتورك واللامعقول قبل ان يعرفها الواقع المسرحي في الكويت ودول الخليج.
وكل هذا نتيجة قراءاته ومشاهدته ومتابعته للحياة المسرحية في الوطن العربي من بغداد الى دمشق الى القاهرة الى الرباط الى تونس وغيرها من عواصم الفن المسرحي العربي في تلك الفترة الزمنية الوردية في الحياة المسرحية العربية.
وكان ما يميز الراحل صقر الرشود عن من حوله تعدد وتنوع قراءاته في الفن والثقافة والتاريخ والاقتصاد والادب، وكان مهموما بالحياة اليومية للناس ودور الفن وبالذات المسرح في التعبير عنها وعنهم، وكان همه اليومي المسرح والقراءة والتأمل، لانه كان يرى بان المسرح يخاطب ويحاكي الناس، ويتفهم همومهم ويتفاعل مع قضاياهم.
كان يجادل من حوله ويناقش في ما يدور من أحداث سياسية، ويحاول ان يربط بين الاحداث السياسية اليومية وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية، وكيف يمكن الربط بين الحدث المسرحي وتأثير هذا على حياة الناس.
وفي زمان صقر الرشود المسرحي أصبحنا جميعا هو، وكانت صورته فينا وستبقى.
لقد قدم في وقته صورة مسرحية معبرة، ورؤية مسرحية جديدة تخطى بها زمانه، وفتح خلال سنوات عطائه المسرحي الفني القصير أبوابا ونوافذ فنية لان حياته اليومية كانت ورشة مسرحية لا تتوقف بين البيت والمكتب وكواليس المسرح.
لقد كتب في بداية فترة الستينات من القرن الماضي خواطر وملاحظات عبر مقالات اجتماعية نقدية عن بعض الظواهر الاجتماعية في المجتمع الكويتي في تلك الفترة، وكنا نكتب معا انا وهو في - زاوية القراء - في جريدة «أخبار الكويت» والتي هي الآن جريدة «الأنباء».
وكتب قصة قصيرة واحدة بعنوان «العربة» نشرت في مجلة «البيان» التي تصدرها رابطة الأدباء.
كان متأملا ومتابعا للتحولات السياسية بالذات وما يحدث ويدور في المنطقة العربية والعالم من أحداث، وكنا نجلس معا في سيارته «الفولكسواجن» مساء كل يوم جمعة لنستمع من اذاعة صوت العرب في تلك الفترة الى المقال الاسبوعي للاستاذ محمد حسنين هيكل - بصراحة - والذي كان يقرأ على الهواء ويتناول فيه كاتبه بالعرض والتحليل تطورات الاحداث في المنطقة العربية والعالم.
كان... وكان... وكان الفنان الراحل صقر الرشود والذي لايزال بيننا بعد 30 عاما من رحيله بما تركه من ابداع مسرحي يتجدد مع كل رؤية، وذلك ان الحديث عنه لا يرتبط بمناسبة معينة، ذلك لانه موجود في كل الاوقات والازمان المسرحية عبر ابداعاته التي لاتزال تشاهد وتدرس والتي هي دليل على موهبته المسرحية التي غابت بعد وفاته بعد ان عاش زمنا مسرحيا قصيرا، لكنه ترك ارثا مسرحيا لا يموت!