فلسفة قلم

طريق «الراي» ... وسر عاداتي

1 يناير 1970 02:43 م

قبل أيام قليلة خرجت من منزلي متجهاً إلى جريدة «الراي» - أو كما اسميها بيتي الثاني - أدرت محرك سيارتي وانطلقت أفكر في ترتيب أولويات الأخبار اليومية والأحداث المتسارعة التي لم تعد صفحات الصحف تتحملها، واعتدنا نحن - ممارسي مهنة المتاعب - عليها، بعد دقائق معدودة وصلت إلى وجهتي إلا أن المفاجأة التي لم أتوقعها عندما وصلت إلى مبنى الجريدة، وإذا بالمواقف خالية من المركبات والحركة شبه معدومة، أصابتني الدهشة! نظرت إلى هاتفي متسائلاً هل اليوم هو الجمعة (عطلة الصحف الورقية)، وإذا به يوم الإثنين، وقفت أتلفت يميني وشمالي حتى استوعبت أنني في المكان الخطأ.
منذ أكثر من أسبوعين كنا قد ودّعنا مبنى جريدة «الراي» السابق، إلى مقر العمل الجديد في منطقة العارضية، ولكن ما الذي قادني إلى مبنى الشويخ؟!، كيف سرت من دون تفكير؟!
المهم... لم أطل التفكير وعدت أدراجي متوجهاً الى مبنى العارضية وانخرطت في العمل من دون أدنى مجهود في التفكير بما حدث معي، وبعد عودتي إلى المنزل جلست أمارس طقوس التأمل والتي أصبحت عادة شبه يومية أمارسها لا إرادياً، فوجدت نفسي أفكر وأبحث عن تفسير، ما الذي قادني إلى مبنى الشويخ؟! ولماذا يحدث دائماً معي ومع غيري أشياء مماثلة؟! وبعد أن انتهيت من عادتي في التأمل والتفكير، قلت لنفسي إنها العادات... نعم العادات التي تسيطر على حياتنا اليومية والتي تتحكم في نصف أفعالنا اليومية من دون أن نفكر فيها.
والآن عزيزي القارئ ركز معي قليلاً، عقل الإنسان شديد الكفاءة فقط يحتاج منك أن تقوم بفعل أو سلوك يومي لفترة من الزمن عندها سيخلق هذا العقل مسارات في الدماغ، تحولك إلى آلة أوتوماتيكية تفعل الفعل بتلقائية ومن دون تفكير حتى يوفر مجهود التفكير في سلوكك المتكرر الذي صار عادة، وفي أغلب الحالات نتحول إلى سجناء عاداتنا التي تقودنا على طريق مسارات أدمغتنا ويتحكم بنا دون أن نعلم!
إذا فهمنا سر تكوين العادات نكون قد كسرنا زنازينها وتحكمنا بها بدل أن تتحكم بنا، وبعد ذلك بكل سهولة تستطيع أن تخلق عادة جديدة أو تتخلص من عادة سيئة، وحتى تخلق عادة جديدة لا تفكر في النتائج فقط اجعل الهدف الاستمرار في العادة، وعندما تتحول العادة إلى تلقائية لا تتطلب منك قوة إرادة ثق تماماً بأن النتائج ستنهمر عليك تباعاً، شريطة أن تستمر في فعلها وعدم تركها مهما كانت الظروف، كأن تعتزم قراءة 10 صفحات من كتاب يومياً.
إذا أردت تحقيق أكبر الأهداف فعليك أن تخلق عادات يومية إيجابية توصلك الى الأهداف الكبيرة، وركز على العادات لا الأهداف فبناء العادة يحتاج إلى تركيز فقط في البداية قبل أن يتدخل العقل ذو الكفاءة العالية ويبرمجها لتصبح عادة لا تتطلب تركيزاً ولا مجهوداً ولا حتى تفكيراً، وثق تماماً أن عملاً بسيطاً بشكل مستمر يصنع أشياء عظيمة، وعادات حسنة يومية تجعل منك شخصاً خارقاً، نعم قد تواجه صعوبة في البداية ولكن بعد أن يتبرمج الفعل ويصبح عادة لن تفكر فيها أصلاً حتى تجد صعوبة في تطبيقها.
عندما توجهت إلى مبنى جريدة «الراي» السابق، كنت مسيّراً بقوة العادات التي رسمت خريطة الشوارع في دماغي، وبعد أن فهمت سر تكوين العادات بدأت في خلق عادات ترسم مسارات طرق جديدة تقودني من دون مجهود التفكير إلى تحقيق أهدافي.