رواق

طعم المشاركة

1 يناير 1970 04:29 م

للمشاركة طَعم وطِعم، في الحزن والفرح يكشفان اختيارك، لو خيّرت بين أن يشاركك أصدقاؤك أحزانك أم أفراحك أيهما ستختار؟
أجب عن هذا السؤال: قل لي ماذا ستختار لأقول لك من أنت!
الأقوياء لا يشاركون أحد الحزن، الضعفاء يخشون الحسد على الفرح!
ما معنى أن تحزن وحيداً، أن تتكفل بحزنك وتكون أكبر منه، أما أن تفرح وحيداً فهو الحزن الحقيقي، ألا تجد أحداً يراك في أروع حالاتك، وهذا في حد ذاته أمر محزن.
الذين يعتقدون أن الحزن يقل بمشاركة الآخرين، هم أنفسهم الذين يعتقدون مشاركة الآخرين تقلل من أفراحهم، رغم أن العكس صحيح!
عندما نتجاوز أحزاننا سيحزننا تذكير من شاركونا بها ولو على سبيل الاطمئنان فنبقى أسرى الحزن، أما الفرح فلا يضاعفه شيء مثل فرح الذين يفرحون لفرحك، إسعاد الناس سعادة لا تدرك.
الذين يخفون أفراحهم محرومون من الفرح، فالفرح إشهار وإجهار وحفاوة واحتفاء واحتفال.
والذين يخفون أحزانهم يتجاوزونها، فالحزن والفرح صناعتان، فلا ينسينا الحزن إلا تذكر الفرح، ولا يلهينا عن الفرح شيء مثل تذكر الفرح، ولمسح ذكرياتنا الكئيبة نحتاج صنع ذكريات جديدة مبهجة، تمسحها حتى لو بدأت بمقارنات غير عادلة سرعان ما ينعدل الحال!
الذين يتذمرون في أوج فرحتهم محرومون من الفرح، فلا معنى لفرحة سرية، والنكديون الذين يعلنون أحزانهم ويخلقون أحزاناً جديدة يحزنون بها، إنهم مساكين لا يعرفون معنى الفرح أو قيمته، ولو عرفوا لتوقفوا عن الدراما التي يقاتلون لنيل منصب «الكوين» فيها!
لا عجب أن يعاني مجتمع ما من الاكتئاب وهو يوزع مصائبه على القاصي والداني كالبشارة، ويحزنه عدم مشاركة أحد حزنه، أما أفراحه فـ«كل شي صار بسرعة بسرعة»!
المفارقة يقولون إنهم سيختارون مشاركة الفرح ثم يشاركونك أحزانهم ويخفون أفراحهم، والذين لا يقولون إنهم سيختارون مشاركة الفرح يشاركونك!
‏لو خيّرت بين أن تشاركك أصدقاؤك أحزانك أم أفراحك أيهما ستختار؟ الكارثة الحقيقية ألا تجد من يشاركك الحزن أو الفرح!