واكبت «الراي» تطور سوق «تكييش الهواتف» منذ 2016 حين نشرت موضوعاً تحت عنوان «الوافدون وتهريب الهواتف: رحلة البحث عن الربح السريع والمضمون»، لتبدأ تقصي أصول القصة مجدداً العام الماضي وتحديداً في منتصف يونيو 2019، بعدما تفشت إعلانات توفير الخدمة، على صفحات موقع «فيسبوك»، وأخيراً نشرت «الراي» موضوعاً حول ما يحدث في مكاتب «تكييش الهواتف» الخميس الماضي.
وبالرجوع إلى بدايات هذه السوق في الكويت، كشف مصدر مطلع أنها بدأت منذ أكثر من 10 سنوات، لكنها كانت مقتصرة على بعض الأفراد الذين يعملون بصورة شخصية غير مُنظمة، فالكثير من المواطنين والوافدين كانوا يلجأون إلى التعاقد على عروض شركات الاتصالات، ومن ثم إعادة بيع الهواتف لاستغلال ثمنها في إنهاء ضائقة مالية سريعة، أو شراء سلعة أخرى هم في حاجة لها.
وقال المصدر «بدأت عملية (التكييش) تتطور خلال الفترة من 2011 إلى 2014، مع عمل العديد من موظفي محلات الاتصالات والهواتف في ذلك النشاط كوسطاء، من خلال استقطاب العملاء لشركات اتصالات وإجراء تعاقدات رسمية، يليها إجراءات بيع وشراء لأجهزة الهواتف بأسعار متفاوتة وفقاً لأصول السوق».
ونوه إلى أن عملية استقطاب العملاء كانت تتم بشراء باقة اتصالات وإنترنت مسبقة الدفع مع هاتف أو هاتفين من كل شركة (كانت متاحة في وقت سابق)، ومن ثم يبادر الوسطاء إلى عرض خدماتهم بشراء الهاتف بسعر مناسب، والدفع فوراً، ومن ثم تتم عملية إعادة البيع مجدداً داخل الكويت، بأسعار أقل من السعر المتاح للجمهور.
وخلال الفترة من 2014 حتى 2016 بدأت عملية «التكييش» تأخذ منحى جديد أكثر تنظيماً وربحية، عن طريق إعادة تصدير الهواتف إلى بلدان عربية للاستفادة من فروقات السعر وتحقيق ربح أكبر، وخصوصاً إلى مصر في فترة ما قبل تعويم الجنيه، إذ إن الأرباح من بيع الهاتف الواحد حينها كانت مضاعفة عن التي يحققها بيعه داخل الكويت.
وقالت مصادر متابعة إنه «خلال تلك الفترة ظهرت بعض التحالفات بين محلات هواتف، ومن سينقلها تهريباً خارج الكويت لبيعها داخل مصر»، مضيفة أنه بعد اتخاذ مصر قرار تعويم عملتها لم تعد الأمور مجزية، ما دفع معظم العاملين في السوق إلى الدخول في تحالفات بمقدار السيولة المتوافرة لديهم، وبحد أدنى 1000 دينار للفرد الواحد، بمجموعات من 3 إلى 5 أفراد، ليتحول العمل من مجرد سلوك شخصي إلى تحالف يقوم بمهامه وفق إستراتيجية تستهدف إجراء ما لا يقل عن 3 عقود يومياً، لتحقيق متوسط عائد يومي يبلغ 10 في المئة من حصة الفرد الواحد بواقع 100 دينار عائداً صافياً على كل 1000 دينار.
ونوهت المصادر إلى أن بعض العاملين في السوق كان متوسط دخلهم اليومي خلال تلك الفترة بين 100 إلى 150 ديناراً، ما مكّن الكثيرين منهم من تحقيق رؤوس أموال بين 25 و40 ألف دينار، ليدخل السوق مرحلة جديدة أكثر تنظيماً في 2018، من خلال فتح شركات جديدة في بعض المجمعات، وذلك في منطقتي حولي والفروانية تحديداً.
وتابعت «كانت الأمور تسير نحو أرباح أكثر، ما تطلب إعطاء (برستيج) للشركات، مع توفير وسيلة أسرع لاستقطاب العملاء من خلال توفير موظفات لمراكز الاتصال، يستقبلن مكالمات العملاء ويتفقن معهم، ومن ثم يوجهونهم للتعاقد من خلال مندوب للشركة».
وأفادت المصادر بأنه حينها كان يمكن إنهاء المعاملة، بتوافر بطاقة مدنية سارية، وحساب بنكي فعال للعميل، بعدها يقوم المندوب بإيداع قيمة 9 أقساط شهرية في الحساب المصرفي للعميل (3 أشهر مقدماً لـ3 عقود)، ليتم سحبها خلال إجراءات التعاقد، مبينة أنه عند التعاقد يتم إيداع الأقساط من قبل المندوب في حساب العميل، وبعد إنهاء الإجراءات يشتري المندوب جميع الأجهزة التي حصل عليها العميل، وذلك بعقد مبايعة قانوني يوقع عليه العميل ليحصل على المبلغ الذي لن يتجاوز 700 دينار، إلا أن العميل يظل يملك خيار بيع أجهزته للشركة أو لغيرها، مع سداد قيمة الأقساط، بالإضافة إلى عمولة إنهاء المعاملة للشركة، مشيرة إلى أن التعاقدات خلال تلك الفترة كانت تتجاوز الـ30 تعاقداً للشركة الواحدة.
وفي نهاية 2018، بدأت السوق تتكشف أمام العديد من متخذي القرار، وصولاً إلى افصاح «ساي نت» عن استعدادها لمشاركة شركات الاتصالات معلوماتها الائتمانية، والذي واكبته «الراي» بموضوعها «وداعاً... لـ«تكييش» الهواتف والأجهزة الذكية» في ديسمبر 2018، حيث بدأت «ساي نت» حينها خطتها فعلياً في هذا الخصوص، كما بدأ السوق يشهد تحولاً في الربع الثالث من عام 2019، مع تطبيق قواعد جديدة لمنح عروض خطوط الاتصالات مع الهواتف، من خلال سياسة تحوط وإدارة للمخاطر لمواجهة تخلف العملاء عن السداد، ارتكزت على ربط عملية منح الهواتف بالتزام العميل بالسداد، فلم يعد باستطاعته الحصول على جهازين من بدء التعاقد، ما شكّل ضربة قاصمة للعاملين في «التكييش».
وتوالت الضربات خلال الأشهر الأخيرة تباعاً، إذ تم ربط عملية منح تلك العروض للعملاء بمعايير أخرى منها محل الإقامة، فمن يسكن في منطقة جليب الشيوخ مثلاً ليس كمن يقطن الروضة، إضافة إلى ربطها بالجنسيات والوظائف... إلا أنه رغم ذلك، فإن شركات «تكييش الهواتف» مستمرة في عملها من دون توقف!
هكذا تتحقق الأرباح
1 - عمولات البيع.
2 - الشراء بسعر أقل.
3 - إعادة البيع بسعر أعلى.
4 عوامل محفزة
1 - لا تدقيق عبر «ساي نت» حال الحصول على عرض هواتف ومقارنته بالحالة الائتمانية للعميل.
2 - لا توجد إجراءات طويلة أو براءات ذمة، وتنفيذ المعاملات فوري.
3 - يمكن للعميل الحصول على عرض من أكثر من شركة إذا كان متعثراً لدى أخرى.
4 - الحصول على «الكاش» بصورة فورية وخلال دقائق.