فبراير ذكرى الصّمود

1 يناير 1970 03:27 م

مع مقدِم فبراير من كلِّ عام تغمر كويتنا الحبيبة أهازيج أعيادها الوطنية المجيدة، تلك الذكرى الخالدة التي تحمل إلينا من عبقها؛ ما يبعث في نفس كلِّ كويتي تشبعت نفسه بحب هذه الأرض معاني الصّمود والتحدي.
تتجدد الذكرى وتتجدد معها أصالة هذا الشعب الأبيّ، الذي أثبت ارتباطه بهذا التراب الغالي، مُضحياً في سبيله، يذود عنه، يتحمل بكل إصرار مشاق تحرير كل شبرٍ منه؛ لتظل خفاقة راياته، عالية فوق سواريها، وتحيا أجياله مرفوعة هاماتها.
ليخرج من بين أبنائه مَنْ يحمل مشاعل النور، يضيء الطريق لكل مَنْ يأتي بعده؛ كي يبني ويجد، ويثبت للعالم جدارة الإنسان الكويتي، ويؤكد دوره الحضاري الرائد بين الأمم.
إن ذكرى فبراير تبعث برسالة سامية لا يمكن التغافل عنها، أو تجاهلها أو النيل منها مهما تعاقبت الأيام، تجلي وبكل فخر واعتزاز دور قيادتنا التاريخي الواعي وقت الأزمة، كيف استطاعت بحكمتها المعهودة، وديبلوماسيتها الصلبة، أن تقود سفينة الوطن والوصول بها إلى بر الأمان، وسط أمواج عاتية من التحدي، لم تتقاعس ولم تتخاذل ولم تتوان في تأدية الواجب، مؤكدة في كل المحافل الدولية الحقوق المشروعة للكويت، وضرورة استعادة كامل مقدراتها وعدم التفريط فيها، وإيصال رسالتها السامية التي تنادي بالخير والحق والسلام.
كيف تلاحمت تلك الجموع في لحظة عصيبة من عمر الوطن، فالتفت حول تلك القيادة محتضنة مساعيها، مباركة جهودها، واثقة في قراراتها، حتى تحقق التحرير واندحر العدوان الغاشم.
إن ذكرى فبراير علامة فارقة لفترة استثنائية من تاريخ هذا الوطن العزيز، عندما تشكلت إرادة أبنائه، واتحدت كلمتهم، وامتدت سواعدهم، وتسابقت هممهم، وهانت أرواحهم، يبذلونها عزيزة بكل سخاء، لتسطر بأحرفٍ من نور هذا النصر العظيم، والذي سيظل مفخرة يحق للأجيال جيلاً بعد جيل، أن تتباهى به.
وهذا لا يمنع - في الوقت نفسه - أن أمام أجيالنا المقبلة مهمة شاقة، لا تقلّ في أهميتها عن تحرير تراب هذا الوطن، تتطلب من كل فردٍ - في موقعه - أن يكدّ ويجدّ، وأن يبذل ما في وسعه، متسلحاً بإيمانه، مهتدياً بتقاليد وقيم أجداده، مسترشداً بروح فبراير الخالدة، ليجد فيها ما يدفعه لأن يكمل المسيرة بعزمٍ لا يلين، واضعاً نصب عينيه نهضة بلاده، لتبقى الكويت لؤلؤة الخليج ووطن النهار.