د. وائل الحساوي / نسمات / العرب لا يقرأون

1 يناير 1970 01:31 ص
في عام 1967 نشرت الصحف الاسرائيلية تفاصيل الخطة الحربية للحرب على مصر والدول العربية، وبعد أيام قليلة جاءت الهجمة الاسرائيلية مطابقة لما نشرته الصحف، وعندما سألوا القائد الأعلى موشي دايان عن سبب عدم تغيير الخطة بعد أن نشرتها الصحف أجاب: لاننا نعلم بأن العرب لا يقرأون.
أعتقد بأن هذه المشكلة الأزلية في العرب قد تكررت وتكررت، وآخرها اجتياح غزة الذي جاء مفاجأة للجميع بينما الموضوع قديم جدا ومخطط له ونشرته كثير من الصحف ومراكز القرار في الغرب.
وليس أدل على ان عنصر المفاجأة من المعنيين بالهجوم وهم حركة حماس لم يحسبوا حسابه مع انهم فسخوا الهدنة مع إسرائيل ونصبوا صواريخهم تجاهها، فكانوا يحتفلون يومها بتخريج دفعة من العسكريين في مكان مفتوح بالعشرات حيث تحولوا إلى لقمة سائغة للطائرات العسكرية الاسرائيلية، كذلك فان بقاء القائد العسكري د.نزار ريان رحمه الله في بيته مع زوجاته الاربع وأطفاله في اليوم الخامس للقصف الاسرائيلي حيث ضربتهم الطائرات وقضت عليهم جميعا هو خطأ شنيع.
نحن نؤمن بقضاء الله تعالى وقدره ونسأل للشهداء الجنة والمغفرة لكنني تمنيت لو أننا قد قرأنا الواقع بعمق أكبر وحسبنا حساب ما يجري حولنا من مخططات بدلا من التجارب القاسية التي نكررها في كل مناسبة وندفع ثمنا باهظا لها.
في تحليل للدكتور أحمد البرصان نشرته مجلة «المجلة» السعودية بتاريخ 27 ديسمبر 2008 ذكر فيه أن خطة الهجوم المعدة ليست جديدة بل تم تسريبها قبل أشهر عدة عندما تم الاتفاق بين الرئيس «جورج بوش» ورئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت ونشر على موقع (DEBK AFHE) في 16 فبراير الماضي وهو الموقع المقرب من الاستخبارات الاسرائيلية ويتضمن الاتفاق على هجوم للجيش الاسرائيلي على قطاع غزة مع تجنب دخول المدن الرئيسية المزدحمة بالسكان مثل غزة وخان يونس، وبعد القضاء على مقاتلي حماس والجهاد الاسلامي يتم تسليم القطاع الى قوات السلطة الفلسطينية، بينما نشر «ريتشارد هاس» و«مارتن أنديك» وهما من كبار رجالات السياسة الأميركية ومتوقع ان يأخذا دورا كبيرا في حكومة أوباما، نشرا في مجلة «الفورن أفيرز» - العدد الأخير - بأن تسليم السلطة يجب ان يعطى لقوات عربية واسلامية بدلا من قوات السلطة.
أما (زيجنبو بريجنسكي) المستشار السابق للأمن القومي الأميركي في عهد كارتر والمقرب من أوباما فقد طرح في 17/11/2008 بأن قوات الناتو يمكن ان تضبط الأمن في مناطق السلطة الفلسطينية في ظل دولة منزوعة السلاح، وقد أعاد مستشار الامن القومي الاميركي الجديد (جيمس جونس) تكرار الخيار المطروح لقوات الناتو.
ولا شك ان ضرب غزة ما هو الا جزء من خطة متكاملة لتسوية الأوضاع في الشرق الأوسط وضمان زوال التهديد لأمن اسرائيل وعلى رأسها توجيه ضربة قاسية لايران وترتيب اتفاق شامل بين اسرائيل وسورية لعزل سورية عن ايران.
نحن لا نلوم «حماس» ونحملها نتائج تلك الخطة الماكرة المدبرة من أطراف عديدة على شعب أعزل، ولكننا نعتقد بأنها كانت تستطيع احباط تلك الخطة أو على الأقل تأخير تنفيذها لو أنها راعت جانب الحكمة ولم تعط اسرائيل المبررات للهجوم الهمجي على غزة تحت حجة الدفاع عن نفسها. لقد كررت حماس أخطاءها الاستراتيجية، وتحمل الشعب الفلسطيني النتيجة المريرة لتلك الأخطاء وللحديث بقية بإذن الله.


د. وائل الحساوي
[email protected]