نسمات

مخلوق ضعيف يهزم البشرية!

1 يناير 1970 12:02 ص

من يصدق أن «تنعفس» الدنيا بين ليلة وضحاها بسبب فيروس خبيث بدأ في مقاطعة صينية، ثم انتقل إلى بقية دول العالم بلمح البصر، وبدأت أرقام الإصابات بذلك الفيروس ثم الوفيات تتزايد بينما العالم الذي أصيب بالهلع يقف عاجزاً عن التصدي لذلك المرض الخبيث، فهو لم يكتشف له أي علاج، وتحدثت التقارير عن أن سبب الإصابة بفيروس كورونا الجديد أكل سكان الصين للخفافيش، ويعتقد على نطاق واسع أن سلالات الفيروسات التي سببت انتشار وبائي (سارس) و(ميرس) والوباء الحالي لم تنشأ عند البشر بل عند الحيوانات، ولحسن الحظ يندر أن تنتقل الفيروسات الخطرة التي تنقلها الحيوانات الى البشر!
وتشير الإحصائيات الحالية إلى أن واحدا من كل أربعة تكون إصابته خطيرة، لكن ما أزعجنا هو مشاهدة أفلام لبشر يسقطون موتى وهم واقفون بسبب ذلك المرض الخطير!
المهم هو أن العالم اليوم يعيش في صدمة خوفاً من فيروس كورونا، وقد اتخذت السلطات في جميع بلدان العالم إجراءات صارمة لمنع انتشار المرض ومنها منع استقبال المسافرين من الصين ومن هونغ كونغ كما فعلت الكويت، وفحص القادمين من كل مكان، وإعلان حالة الطوارئ.
يعمد كثير من الناس إلى ربط هذه الظواهر التي تحدث للبشر اليوم بالواقع المضطرب الذي تعيشه البشرية من ازدياد الظلم وانتشار الفساد، ولا شك أن ذلك صحيح، مصداقاً لقول الله تعالى في سورة الروم: «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ليريهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون»، أي أن كل ما يحصل في الكون، براً وبحراً سببه أعمال العباد وأن الهدف منه هو أن يذوقوا بعض ما عملوا لعلهم يتوبون إلى الله ويرجعون إليه؟!
وأرجو ألا يتفلسف متفلسف ليقول لنا: ما بال الدول الغربية تتنعم بالخبرات ولا تصيبها المصائب، رغم بعدها عن الإسلام بينما يحظى المسلمون بالحظ الأوفر من المصائب؟!
فهذه الآية عامة ولا تحدد أناساً بعينهم أو أجناساً معينة، وليس صحيحاً أن الغربيين لا تصيبهم المصائب بل قد شاهدنا في الحرب العالمية الأولى والثانية حجم المصائب والدمار الذي أصاب الغرب والولايات المتحدة، وكيف دُمرت بلدانهم وقتل الملايين من أبنائهم! وما يديرك أن من أسباب قلة مصائب الغربيين اليوم، هو حرصهم نسبياً على إقامة موازين العدل والمساواة في بلدانهم!

النوم ليلة في الثلج!
أصابتنا نفحة من موجة الهواء الباردة، فتفقدت مخزن الملابس لديّ لأجد عشرات الملابس الشتوية مصففة ومعلقة وكلها تنتظر من يلبسها!
أما الدفايات في البيت فقد سئمت من طول الإقفال على مدى أشهر السنة!
تذكرت فيديو أرسله لي أحد الأخوة عن أحوال اللاجئين السوريين في المخيمات السورية أو التركية، وقد غطى الثلج مخيماتهم وبلغت درجات الحرارة عندهم أقل من عشرين درجة تحت الصفر، ونحن نعلم أن مخيماتهم تفتقد أدنى مقومات الحماية لهم، مثل الكهرباء والماء الحار والأكل واللباس الدافئ، وفوق ذلك كله فإن هؤلاء اللاجئين قد فقدوا الأمل في الرجوع إلى ديارهم أو حل قضيتهم، وبعضهم ممن آثر عبور البحر للوصول إلى أوروبا، والحصول على حياة جديدة، قد ابتلعه البحر وغرق!
لاشك أننا مهما فعلنا فنحن مقصرون بحق أخواننا المهاجرين، وأتمنى أن نبذل المزيد لنصرتهم، ويستطيع كثير منا إخراج زكاة ماله مقدماً من أجل إخوانه المهاجرين، وليتصور كيف سيكون حاله لو أنه قضى ليلة واحدة في البرد من دون أن يكون لديه لحاف أو ثياب  تقيه من الصقيع!
«للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض، يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحفاً، وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم».