رواق

«الست» أسابيع!

1 يناير 1970 04:13 م

كنت أنوي كتابة مقالة مختلفة جداً هذا الصباح، عن شيء خفيف ولطيف وظريف، كيوم الخميس، مقالة يمكنكم قراءتها في عطلة نهاية الأسبوع وأنتم في قمة استرخائكم فلا يزعجكم!
«يعني إيه استرخاء؟»، نحن شعب يعيش على أعصابه المشدودة وكأن قائل قال للشعب: لو ارتخت أعصابه يموت، فرحنا نختلق قضايانا بأيدينا، مثل الدبور الذي يزن على خراب عشه!
بحثا عن القشة التي تقصم ظهور البعارين، أو الوزير الذي يقصم ظهر الحكومة، التي اختلقت أزماتها، ولغمت نفسها بنفسها، فتمخّضت طويلاً حتى ولدت أزمة تدحرجت كثيراً، ككرة الثلج لكنها أشعلت النيران على طريقة: لا النار ذوبت الثلج ولا الثلج طغى النار.
أطلت المقدمة حتى باتت أطول من مدة بقاء وزيرة الشؤون في الحكومة، والتي ناهزت الستة أسابيع، ضربت فيها الرقم القياسي في التخبط: التصعيد في وقت التهدئة، والتهدئة في وقت التصعيد!
قبل مقالين كتبت هنا: ‏سمعت جملة واحدة من استجواب غدير أسيري: هذا من أقصر الاستجوابات التي مرت عليّ، ولا أعرف لماذا قالتها بصوت عال جداً، لكنني تمنيت ألا تكون من أقصر الوزيرات عمراً في الوزارة على الأقل... وهو ما حصل!
أقصر الوزيرات عمرا في الوزارة، هي في الواقع الأطول، فالاستقالة المتوقعة بعد أداء القسم، لا بسبب تغريدة، ولكن بأسلوب التعاطي مع أزمة التغريدة - إن صح القول - والتي لا تبشر بالخير تجاه ما ينتظر الوزيرة وحكومتها من أزمات متوقعة قبل الانتخابات!
«الست» وزيرة الأسابيع الستة، استبقت استقالتها مقالة للعم علي المتروك هنا في «الراي» أمس لمّح إلى عدم تفضيله توزير النساء وحسابهن على الشيعة، ويمكن اعتبار المقال آخر ورقة دعم سقطت من يد الوزيرة!
سبق المقال توثيق أجرته «الراي» مفاده أن الاستجوابات منذ 46 سنة لم تطح وزيراً بطرح الثقة، المشهد الذي تمناه رئيس التحرير، ولا أظن سمو رئيس الوزراء يتمناه، وعليه انحصرت الخيارات أمام سموه بين خيارين لا ثالث لهما: الاستقالة أو الإقالة!
استقالة الوزير، أي وزير، هي الوسيلة الأسهل للنجاح في الانتخابات، الذي هو بلا شك أصعب من الحصول على منصب وزاري، بعد أن اعتمدت الحكومة القبول بتوزير من لم ينجح في الانتخابات وهو نهج كان مرفوضاً في السابق، على اعتبار أن من يرفضه الشعب لا تفرضه الحكومة على الشعب... كان ذلك في الماضي!
أما المستقبل فلا أتوقع أن الوزير أو الوزيرة المستقيلين فرصتهما أعلى في الانتخابات، ضف على ذلك، وزير عن وزير يفرق ووزيرة عن وزيرة تفرق!
ختاماً - وكما قلت في بداية المقالة - إنني كنت أنوي الكتابة في موضوع خفيف، إلا أنه اتضح أن مخي هو الذي خفيف، وإلا لما كتبت عن هذا الموضوع الواضح لدرجة لا تحتمل التوضيح، فتوضيح الواضحات من المُعضلات.