مثقفون بلا حدود

ليلى السبعان ودورها في علم اللغة (3 من 5)

1 يناير 1970 07:56 ص

من النماذج التي عرضتها الباحثة الأكاديمية أستاذة علم اللغة في جامعة الكويت الدكتورة ليلى السبعان، في كتابها دور الأمثال في التقعيد النحوي دراسة في أمثال مغني اللبيب لابن هشام نختار المثل الآتي:
- المثل (بالرفاء والبنين) لعل من الأخطاء اللغوية الشائعة أن نقول للعروسين مهنئين ومباركين هذا الزواج «بالرفاه والبنين» على اعتبار الرفاهية، وهو مخالف للمثل؛ فالمثل (بالرفاء والبنين). ونقلت الدكتورة ليلى السبعان، عن الأصمعي موضحا معنى «الرفاء» على معنيين يكون من الاتفاق وحسن التآلف ومنه رفأت الثوب ومعناه ضممت بعضه إلى بعض والوجه الآخر يكون بمعنى الهدوء والسكون، وهذا من أمثال العرب في النكاح على بدء الخير واليمن فقولهم بالرفاء دعاء بالاتفاق وحسن الحال أ.هـ.
ومع دراسة لغوية نقدية للدكتور ليلى السبعان، الأديبة والناقدة اللغوية، التي مازجت بين الحس اللغوي والقريحة الأدبية، والنظرة النقدية الثاقبة للنصوص، جاءت هذه الدراسة النقدية المقارنة بعنوان «عرار وفهد العسكر» نشرت في مجلة كلية التربية، في جامعة عين شمس، مصر، المجلد الثامن العدد الأول 2002م. ومن خلال مولد الشاعرين؛ فقد ولد الشاعر الأردني عرار سنة 1897م، وتوفي عام 1949م، في حين ولد الشاعر الكويتي فهد العسكر سنة 1914م، وتوفي عام 1951م، مما يوحي بأن هناك معاصرة ومقاربة وأن هناك سمات مشتركة بينهما - ولاسيما - أن كلا الشاعرين قد وجد نفسه أمام بوابة القومية العربية وعلى ساحة ساخنة تفور ضد المستعمر، وفي هذا تقول الدكتور ليلى السبعان: عاش الشاعران ظروف الحياة السياسية التي كانت تعيشها الأمة العربية، ولم يكن الاثنان بعيدين عن الظروف وما رافقها من إحساس بالخطر، ولم يكن توجه الشاعرين إلى الخمرة والمرأة ليغيب التفاتهما إلى هموم أمتهما، يقول عرار مستشعرا هموم أمته:
- إني أرى سبب الفناء وإنما
سبب الفناء قطيعة الأرحام
- فدعوا مقال القائلين جهالة
هذا عراقي، وذاك ( شآمي )
- وتداركوا بأبي وأمي أنتم
أرحامكم برواجح الأحلام
- فبلادكم بلدي وبعض مصابكم
همومي وبعض همومكم آلامي.أ.هـ
وتسترسل الدكتورة ليلى السبعان قائلة: ولم يكن فهد العسكر بعيداً عن هموم أمته، فكما دعا عرار إلى توحيد كلمة العرب وعدم إيمانهم بالمستعمرين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون، فالأمة العربية التي تربطها رابطة الدم واللغة والدين والتاريخ، فكان حرياً بها أن توحد كلمتها وموقفها، لأنها أمة مستهدفة. يقول محذرا من الكوارث التي يمكن أن تحيق بهذه الأمة:
- يا بني العرب والكوارث تثرى
أوقفوا سيرها وصونوا البقية
- يا بني الفاتحين، إنا بعصر
لا مساواة فيه لا مدنية
- لا إخاء كما ادعوا لا حقوق
لضعيف عان ولا حرية
- بل بعصر فيه الضعيف به مهان
فالنجاة النجاة بالمشرفية
- يا بني العرب إنما الضعف عار
أي وربي سلوا الشعوب القوية. أ.هـ.
ونشرت الدكتور ليلى السبعان، بحثاً بعنوان«التعريب وأثره في الثروة اللغوية»، في مركز الدراسات الشرقية، جامعة القاهرة، رسالة المشرق، مجلة دورية محكمة المجلد الثاني عشر، الأعداد من الأول إلى الرابع 2003م.
وفي هذا البحث تؤرخ الدكتورة ليلى السبعان، للتعريب قائلة: «إن العرب قبل الإسلام اقترضوا أو بمعنى آخر عربوا بعض المصطلحات عن طريق نسبتها إلى البلد الذي استوردوا منه مدلولاتها، وننتقل إلى العصر الإسلامي جاء الإسلام فنقل العرب حضارة مترامية الأطراف من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً، ومن المحيط الهندي جنوبا إلى تركيا شمالاً، وقد برع المسلمون في كل العلوم فبجانب العلوم الإسلامية كالفقه وأصوله والحديث وعلومه، كانت علوم اللغة كالنحو والصرف والعروض والقافية، ولم يكتف المسلمون بهذه العلوم بل درسوا علوماً أخرى دخيلة عليهم كالطب والفلسفة والرياضيات والنبات والكيمياء...» أ.هـ. وللحديث بقية.

* كاتب وباحث لغوي كويتي
[email protected]