ولي رأي

في رثاء سلطان الحكمة

1 يناير 1970 03:24 ص

عندما تسير في عُمان ترى انسجاماً في ألوان وارتفاع مبانيها، وتلاحظ أن الشوارع شديدة النظافة، والناس تسير بهدوء ونظام، وفي الأماكن السياحية تشاهد جمال الطبيعة البكر، من دون أن تمسّها أموال الاستثمارات الخارجية وتحولها إلى ملاهٍ ومجمعات سكنية، وعندما تخالط شعبها تشعر بمدى الرقي في الثقافة والعلو في الأخلاق، وبكرم يفوق كرم حاتم الطائي وقبيلته كلها.
وعندما تتساءل: مَن وراء كل هذه الأمور؟ يكون الجواب هو السلطان قابوس، الذي لم يشغل شعبه بحبه، بل انشغل بحبهم وأشغلهم معه في بناء وطن صنعوه كما يريدون.
وطن غابت عنه الواسطة والطائفية وساد وضع الرجل العماني المناسب في المكان المناسب، وساووا بين المواطنين في كل أمور الحياة، وابتعد مع بلده عن أي خصومات وحروب خارجية، وتمسك بالحياد، فأصبحت عُمان تحت حكمه الوسيط لحل الخلافات، المسموع الرأي.
ولم يرسل أي جندي من جنوده في أي حروب خارجية، وفارقنا فجر السبت الماضي وليس في رقبته دم أي مؤمن.
وحرص السلطان رحمه الله على مصلحة وتماسك شعبه حتى بعد مماته، فاختار لخلافته خير الرجال، هو السلطان هيثم بن طارق ابن عمه وتلميذه ورفيق دربه، الذي مثّله في مهمات خارجية كثيرة، وكان خير من يمثله، ونتمنى لجلالته التوفيق والسير على الطريق الذي سار عليه سلفه الراحل العظيم.
ويكفي سلطان الحكمة قابوس بن سعيد أنه لم ينتظر جنازة يحضرها الملوك، بل جنازة يحضرها شعبه.
إضاءة
خالص العزاء لسعادة الدكتور عدنان الأنصاري، سفير سلطنة عمان في الكويت، وللصديق الغالي الأستاذ حسن الأنصاري، وجميع الشعب العماني الشقيق، بوفاة الراحل العظيم (إنا لله وإنا إليه راجعون).