رأي قلمي

الذخيرة الثقافية...!

1 يناير 1970 11:57 م

العلم هو أداة الوصل بين الحضارات، وناقل الإبداعات الإنسانية من منطقة إلى أخرى من خلال قراءة الكتب والتبحر في معانيها، فالنفس البشرية هي الذخيرة الثقافية التي تجمع ما بين ميراث الروح والجسد واعتقاد إيماني ينهض بالذوات التي بدورها تحول المجتمع إلى مجتمع حواري يوازن ما بين الداخل والخارج أي بين الأفكار والسلوكيات.
وبناء أنفسنا يستدعي أن نغير نظرتنا إلى مفهومها، وأن نميز بين الصراع الداخلي الذي يعيشه الإنسان بين نفسه وقلبه وعقله، وبين الصراع الخارجي الذي يتمثل بالحوار الفكري مع أنفس تختلف عنه بشكل النفس والقلب والعقل، فلا نخلط بين صراع النفس الداخلي وبين الحوار الفكري، والتي غالباً ما يتسبب بصراع خارجي، وذلك لأن الثقافة السائدة في المجتمع هي ثقافة مناقشة الأشخاص... مناقشة الأجساد والأعضاء، لا مناقشة الأفكار التي بدورها تبلور وتترجم لسلوك إما يكون إيجابياً وإما سلبياً، ومن يناقش الأعضاء والأجساد فهو يلغي كل إمكانية للحوار العقلي الفكري الذي يثرينا ويطور من ذواتنا ويخفف من حدة الصراعات الداخلية والخارجية.
إن إسقطنا ما قدمناه على علاقاتنا الإنسانية لتجنب الصراعات والخلافات التي قد تنشأ من اختلاف الأفكار والأشخاص والخبرات سواء كانت سلبية أو إيجابية، لا بد أن نغير نظرتنا إلى مفهومها، ونعني بالمفهوم هنا ماذا يريد كل منّا من إقامة العلاقات مع الآخرين؟! إن كان مفهومنا للعلاقة تمّلك وفرض سيطرة وقيود مكبلة فلنبشر بالمشكلات والأزمات والصدامات، لأننا نعيش بتناقض شكلاً ومضموناً، فالطرف الآخر لا يقبل أن يتملكه أحد أو يفرض سيطرته عليه أو يقيده بقيود الهيمنة والنفي والتنكر لذات الآخر.
متعبة هي العلاقات الإنسانية إن لم نحسن التعامل معها، فلا تُسيّد نفسك قيّماً على أفكار وسلوكيات الناس، ولا مصلحاً لعقولهم، ولا رادعاً لأهوائهم ورغباتهم، تذكر دائماً أنك تتعامل مع نفس تشبه نفسك بالمعنى والمضمون وتختلف عنك بطريقة تقبلها وتكيفها وتعايشها مع نفسها والآخر. ما لا ترضاه لنفسك، لا ترضاه لغيرك.