عون أمل أن تتشكّل الحكومة في الأيام القليلة المقبلة و«بطاقة صفراء» درزية بوجهها

لبنان «يدشّن» 2020 بالاستعداد لمواجهة متجدّدة بين السلطة والانتفاضة

1 يناير 1970 01:11 ص

عون أمل أن تتشكّل الحكومة في الأيام القليلة المقبلة و"بطاقة صفراء" درزية بوجهها

 

 

 

لم تسترِح بيروت، التي تُعانِد الشعورَ بـ "النكبة" في إجازة رأس السنة، فالسلطةُ التي تستعدّ للإفراج عن الحكومة الجديدة، والإنتفاضةُ التي أحيتْ "ليلةَ فرحِ"، على سلاحهما عشية الأجواء التي توحي بإنتقالهما إلى فصل جديد من المواجهة في أول أيام عمل من الـ2020، السنة التي تشي إستحقاقاتها بأنها ربما تكون الأسوأ على الإطلاق في تاريخ لبنان الحديث، وخصوصاً في ضوء التقارير التي تنطوي على مخاوف فعلية من "إنهيارٍ كبير" مالي- إقتصادي ما لم يتم تَدارُكٌ عاجل وبمعونةِ المجتمع الدولي للإنزلاق اللبناني المُتسارِع نحو مصيرٍ مشؤوم.

فرغم محاولةِ "تدليكِ" مَظاهر الفرَح بالعيد عبر إحياء معقل الإنتفاضة في وسط بيروت إحتفالاً شعبياً بعنوان "ثورة رأس السنة"، فإن اللبنانيين الذين إنهمكوا في "جرْدة الربح والخسارة" مع وداعِ عامٍ مضى وإستقبال سنةٍ جديدة لم يحصدوا سوى الخيْبة مع تَعاظُم الشعور وكأنهم في "العراء" وسط تصدّعات حادة أصابتْ السلطةَ وتهاوت معها "التسويةُ السياسية"، والقفزاتُ المضطردة لـ "خط الفقر" والمأزق المالي المفتوح على المزيد من الفصول الكارثية، والإنكماش الإقتصادي غير المعهود، والإضطراب الإجتماعي وخطر إنزلاق إلى فوضى.

وعلى وقع هذا العصف الداخلي الذي يزداد حماوةً مع وهج الصراع الإقليمي على لبنان وفيه، سادتْ أجواء في الساعات الماضية تؤشر إلى إمكان ولادة الحكومة الجديدة قبل نهاية الأسبوع الحالي على أبعد تقدير في تطوّر تكمن له على الطريق أكثر من "قنبلة موقوتة" بسبب الملابسات التي أفضتْ إلى تكليف تحالف فريق رئيس الجمهورية ميشال عون - الثنائي الشيعي (حزب الله، حركة أمل) الأستاذ الجامعي حسان دياب تشكيل الحكومة، وما إنطوتْ عليه عملية التأليف من معايير من شأنها إغضاب الشارع الذي إستكان في إنتظار الإعلان عن الحكومة.

ورغم ميل أوساط سياسية إلى القول "ما تقول فول تيصير بالمكيول"، فإن المعلومات المتقاطعة تحدثت عن أن تشكيل الحكومة يخضع للمسات أخيرة بعدما أُنجزت خطوات فعلية في اتجاه الإفراج عنها، ومنها حسْم رسْمها التشبيهي حجماً وحصصاً وتوزيعاً للحقائب على القوى السياسية الراعية لها، والتفاهم على مجموعة من الأسماء بعد أخْذ وردّ، والعمل على حلحلة تعقيدات محدودة ما زالت تحتاج إلى مشاورات أخيرة.

ولن يكون مفاجئاً إنفجار معارضة متعدّدة الجهة للحكومة المرتقبة التي ستواجه:

* غضب الانتفاضة انطلاقاً من الوقائع التي أظهرتْ أن السلطة عاودت تقاسم الحكومة وتسمية الوزراء فيها على نحو يعاكس مطلب ثورة 17 أكتوبر بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وخصوصاً أن أسماء متداوَلة للتوزير تفوح منها رائحة الفساد.

* غضباً سنياً باعتبار أن هذه الحكومة تعكس، رئيساً وتشكيلة، انقلاباً مقنَّعاً ذات طبيعة مسيحية - شيعية على التوازنات السياسية - الطائفية في البلاد بعدما جرت الإطاحة برئيس حكومة تصريف الأعمال، زعيم "المستقبل" سعد الحريري الذي يحظى بتزكية سنية كاملة من المرجعيات الدينية والسياسية في البيئة السنية.

* الإحجام الدولي – العربي المتوقع عن مدّ يد المساعدة للبنان عبر الحكومة المرتقبة بعدما سارع الخارج إلى رسم شكوك حول هوية تلك الحكومة التي تعكس إرادة الغالبية البرلمانية التي يديرها "حزب الله".

* ارتسام ملامح اصطفاف درزي على خلفية ما اعتُبر تهميشاً للمكّون الدرزي في التأليف عبر إسناد حقيبة البيئة إلى ممثّلها في الحكومة، وهو ما عبّر عنه كلام رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الذي أعلن "بالأساس فإن الأقنعة ساقطة واللعبة مكشوفة. إن تفاهم البوارج التركية والاتصالات? بين البرتقالي والأزرق والذي خرب البلاد يبدو يتجدد بصيغة أخرى مع لاعبين جدد في ?حكومة? التكنوقراط الشكلية وهيْمنة اللون الواحد. لكن أحذّر من احتقار ?الدروز? وحصرهم بموقع ?وزارة البيئة? بأمر من صهر السلطان" (في إشارة ضمنية إلى الوزير جبران باسيل)، قبل أن يعلن شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن "أن ما يتناهى إلينا من مقاربات في الوضع الحكومي يدعونا إلى التحذير من الإجحاف المتمادي بحق طائفة الموحدين الدروز، وليكن معلوماً لدى الجميع أننا لن نرضى إلا بحقوق الطائفة التمثيلية عدداً ونوعاً على أتمّ وجه في هذا النظام السياسي القائم على التمثيل الطائفي حتى الساعة".

ولم يمرّ كلام جنبلاط الذي حمل غمزاً من قناة الرئيس سعد الحريري من دون ردّ من الأخير (الموجود في عطلة في فرنسا) الذي غرّد: "فعلاً الأقنعة سقطت واللعبة انكشفت... في ناس عندن عمى ألوان بالسياسة ونظرهن مروْكب على اللون الأزرق... رافضين يفوتو عالحكومة من الباب وراكضين يفوتو من الشباك. مشاكلكن ما تحلوها على ضهر غيركن. خلصنا بقا".

وفي موازاة ذلك، أعرب الرئيس عون عن تفاؤله بإمكان الخروج من الأزمة الراهنة "لأننا نبذل كل جهودنا لتذليل الصعوبات، لكننا نحتاج على الدوام لتضامن المجتمع"، آملاً أن تتشكل الحكومة الجديدة في الأيام القليلة المقبلة، ومعلناً "ما نفعله اليوم، هو محاولة لجمع الشمل السياسي لتأليف حكومة فعالة تخاطب المجتمع الدولي الذي يريد مساعدتنا، بعدما عانينا من تأثيرات الحروب الدولية في منطقتنا، وعلى رأسها النزوح السوري الكثيف الى لبنان"، ومعتبراً "ان الفوضى التي حكمت البلاد في العقود الثلاثة الاخيرة أنتجت الانفجار الذي يحصل اليوم، بسبب عدم قدرة الناس على تحمل المزيد".