شاهدت برنامجاً جريئاً بثته قناة الـ(BBC) البريطانية، قام بتسجيله أحد مراسليها الذي سافر إلى بورما ومنها إلى منطقة أراكان ، التي اشتهرت باضطهاد المسلمين من جنس الروهينغا، ولقد أجرى المراسل العديد من اللقاءات مع القيادات البوذية في أراكان وعلى رأسهم رئيس الرهبان، وسألهم عن سبب اضطهاد المسلمين في بلادهم، يقول المراسل بأنه تعجب من جواب الراهب البوذي وهو أن البوذيين مستهدفون من الآخرين، ولذلك فإنهم يدافعون عن أنفسهم بهذه الطريقة، وأنهم يتعاونون مع الجيش ضد المسلمين ويسهلون عملية اضطهادهم!
ويضيف المراسل بأن فكرة أن البوذيين مستضعفون والذين تحرك الكثير منهم لاضطهاد المسلمين، هي عقيدة متداولة عند كثير من البوذيين في بورما، رغم أن تاريخ المسلمين في بورما يمتد إلى أكثر من ثلاثة قرون وكان لهم مملكة إسلامية دامت أكثر من 350 عاماً في الفترة من (1430 الى 1780) بقيادة الملك سليمان شاه، وجاء بعده 48 ملكاً مسلماً!
وقد واجه المسلمون الاستعمار البريطاني بقوة مما أوغر عليهم صدور البريطانيين، فعمدوا إلى تحريض البوذيين عليهم وأمدوهم بالسلاح، فارتكبوا مذبحة قتلوا فيها نحو مئة ألف مسلم في أراكان عام 1924.
وترى الأمم المتحدة أن الروهينغا هم الأكثر اضطهاداً في العالم، وتقول تقارير دولية إنهم أكثر الأقليات عرضة للانقراض، رغم تمتع مناطقهم بثروات كبيرة مثل النفط والفحم والرخام والثروات الطبيعية والحبوب والفواكه والخضراوات!
مليونان في معسكر اعتقال!
أما مسلمو الصين - الذين تزيد أعدادهم على خمسين مليون مسلم - فلهم قصص طويلة مع الاضطهاد الصيني، وما قصة تركستان الشرقية عنا ببعيد، ولكن قصة مسلمي «الإيغور» التي سلطت وسائل الإعلام الغربية عليها الضوء في الآونة الاخيرة فهي الأغرب، والتي يزيد عدد سكانها عن عشرة ملايين مسلم، فقد مارست معهم الحكومة الصينية سياسة الاعتقال التعسفي والتعذيب، كل ذلك تحت حجة محاربة التطرف، وقد نشرت جريدة نيويورك تايمز أن الصين قد وضعت مليوني مسلم من الإيغور في معسكرات اعتقال سياسية للتلقين العقائدي، وقد نشرت جريدة «النيويورك تايمز» وغيرها أخباراً توثق من خلالها وصف الصين للإسلام بأنه «مرض عقلي»!
وتقوم تلك المعسكرات على نظام غسيل للأدمغة ومحاولة طمس التفكير الديني والعقيدة في نفوسهم، واشترطت تبرؤهم من عقيدتهم قبل إطلاق سراحهم!!
أما ولاية كشمير - ذات الغالبية المسلمة - فقد أصدرت الهند قراراً ينهي الحكم الذاتي لتلك الولاية، بهدف دمجها مع بقية أجزاء الهند وتجريدها من وضعها الحالي!
وهكذا تكرر مآسي المسلمين في العالم، وسط صمت مريب من الدول المسلمة، ومن دول العالم، حرصاً على عدم تعكير صفو العلاقات الطيبة مع الصين أو الهند أو بورما، بينما تتمادى تلك الدول في اضطهاد الأقليات المسلمة في بلادها، غير مكترثة بردات الفعل من المسلمين، وصدق الشاعر محمود غنيم إذ قال:
إني اتجهت إلى الإسلام في بلد
تجده كالطير مقصوصاً جناحاه