- الضغوط النيابية أدت إلى خلق «البطالة المقنّعة» في الوزارات
- لا مكاتب للموظفين الجدد في بعض الوزارات نتيجة «التكدس»
دقت مصادر حكومية ناقوس الخطر من تضخم تقديرات «الباب الأول» في مشروع ميزانية السنة المالية المقبلة، محذرة من أن استمرار هذا التضخم سيؤدي خلال السنوات المقبلة إلى تخصيص ميزانية الدولة السنوية بأكملها لتقديرات «الباب الأول» (الرواتب) على حساب المشاريع التنموية.
وجاء التحذير غداة نشر «الراي» في عددها الصادر الأحد الماضي تقديرات عدد المواطنين الكويتيين المتوقع تخرجهم وتعيينهم في الجهات الحكومية خلال السنة المالية المقبلة (2020 - 2021)، بنحو 24 ألف خريج، تبلغ كلفة تعيينهم 144 مليون دينار سنوياً، علماً أن عدد الكويتيين المعيّنين في وظائف حكومية، خلال سنة (من أكتوبر 2018 إلى أكتوبر 2019) بلغ 24531 موظفاً، مقابل 11131 كويتياً وكويتية انتهت خدماتهم خلال الفترة ذاتها، ما يعني أن المعينين الجدد أكثر من ضعف المتقاعدين (بنسبة 120 في المئة).
وأكدت المصادر الحكومية لـ«الراي»، أمس، ارتفاع نسبة التضخم في ميزانية الباب الأول للسنة المالية المقبلة (2020 - 2021) إلى 53 في المئة من إجمالي مشروع الميزانية، بفارق 2 في المئة عن ميزانية السنة الحالية التي وصلت فيها نسبة التضخم إلى 51 في المئة.
وحذرت من «أن استمرار التضخم في ميزانية الباب الأول (الخاصة بالرواتب ومكافآت العاملين في الوزارات والجهات الحكومية والجهات الملحقة والمستقلة) على هذا النحو، سيجبرنا خلال السنوات المقبلة على تخصيص ميزانية الدولة السنوية بأكملها لتقديرات الباب الأول على حساب المشاريع التنموية من مدن إسكانية ومشاريع أخرى تحرك الاقتصاد الكويتي»، داعية مسؤولي الدولة إلى ايجاد حلول عاجلة لخفض ميزانية الباب الأول، أسوة بدول الخليج المجاورة التي نجحت في تشجيع مواطنيها على العمل في القطاع الخاص، بعد وضع سلسلة تشريعات تضمن لموظفي القطاع الخاص من المواطنين استقراراً وظيفياً في مواقع عملهم.
وكشفت المصادر أن من أهم أسباب تضخم ميزانية الباب الأول خلال السنتين الحالية والمقبلة، هي «الضغوط النيابية التي تمارس على بعض الوزراء لتعيين تخصصات غير مطلوبة وإرسال كتب احتياج لديوان الخدمة المدنية، لأجل تحقيق مكاسب انتخابية من دون النظر إلى مصلحة الوطن، ما أدى إلى خلق ما يعرف بالبطالة المقنعة في وزارات وجهات الدولة الحكومية».
وتساءلت عن «المانع الذي يحول دون قيام النواب بتقديم اقتراحات بقوانين من شأنها أن تفيد الدولة والمواطن في آن واحد، بمعنى لماذا لا يشرعون قوانين تضمن للمواطن الذي يعمل في القطاع الخاص استقراراً وظيفياً مثلما فعلت الدول المجاورة، ونجحت في تجربتها بتحويل نظر مواطنيها إلى العمل في القطاع الخاص، الذي يمنح مزايا مالية أفضل بعد سن تشريعات لصالحهم؟».
وإذ وصفت قانون دعم العمالة بـ«الأعرج» لعدم وجود تشريعات تدعمه وتجعله أكثر فعالية واستقطاباً للمواطنين، لفتت المصادر إلى أن أحد أسباب ارتفاع نسبة التعيينات خلال السنة المالية الجارية في بعض وزارات الدولة، يعود أيضاً إلى سياسة التكويت التي ينتهجها الديوان لإحلال العمالة الوطنية بدلاً من العمالة الوافدة.
وأشارت إلى وجود «تكدس وظيفي كبير جداً» في بعض الوزارات والجهات الحكومية، لدرجة أن قسماً منها يعجز عن توفير مكاتب للموظفين الجدد في مواقع عملهم، وهو ما يعني أن هؤلاء لا يمارسون عملهم ولا حاجة إليهم.
وأكدت أن التعيينات في الجهات الحكومية باتت تشكل عبئاً كبيراً على كاهل الدولة، في ظل عدم وجود استراتيجية حكومية يسترشد بها مسؤولو الدولة، لاتخاذ خطوات فعلية من شأنها أن تحل معضلة التعيينات التي لا حاجة لها.
يشار إلى أن التقديرات التي نشرتها «الراي»، الأحد الماضي، تأتي في إطار رصد ديوان الخدمة المدنية ووزارة المالية للمؤشرات المؤثرة في تقديرات قيمة الباب الأول في مشروع ميزانية السنة المالية المقبلة، وأظهرت أنه تم خلال سنة تعيين 24531 موظفاً، في 47 جهة حكومية، وجاءت وزارة التربية في المرتبة الأولى بتعيين 7432 مواطناً ومواطنة، تلتها «الأوقاف» في المرتبة الثانية بـ 4534، ثم «الكهرباء» بـ 2344، و«العدل» بـ 1333، فيما جاءت «الصحة» في المرتبة الخامسة بتعيين 1275 مواطناً ومواطنة.
ولجهة انتهاء الخدمات، جاءت وزارة التربية في المرتبة الأولى أيضاً بـ2502 مواطن ومواطنة، تلتها «الصحة» بـ1385، ثم «الداخلية» بـ1151، و«المواصلات» بـ918، أما في المرتبة الخامسة فحلت «الأشغال» بـ732 كويتياً وكويتية.