وزراء فتحوها بحري للنواب وآخرون أوصدوا الأبواب... فطاروا
حوادث بسيطة في مدارس حوّلها نواب إلى كوارث للإطاحة بمن وقفوا بوجه معاملاتهم
التعليم يرتبط بخلطة التركيبة الوزارية التي تخضع إلى اعتبارات لا علاقة لها بالكفاءة والإمكانات
وزير يضع جهده برسم سياسة تستنزف الجهد والمال ثم تعود إلى نقطة الصفر حين تنسف على يد التغيير
عادل الطبطبائي : في عهده قفز رؤساء أقسام إلى وكلاء مساعدين
نورية الصبيح : مراهق معتوه تسلّق روضة «سندس» فطالب نواب باستجوابها
موضي الحمود : تشبّثت بالكرسي حتى النهاية وهادنت النواب قدر المستطاع
أحمد المليفي : تقلد المنصب مرتين بلا إنجاز سوى «الفلاش ميموري» المثير للجدل
نايف الحجرف : أقال 5 وكلاء مساعدين ثم الموجهين العامين
بدر العيسى : وزير شفاف وصريح بعكس بعض أقطاب الوزارة
محمد الفارس : أحبه الجميع فكان كبش فداء في التغيير الحكومي
حامد العازمي : حوّل الوزارة إلى ثكنة عسكرية وضرب حولها سوراً من التعتيم
مع استقالة الحكومة ودوران التوقعات حول نفسها عمن سيتولى الحقيبة الوزارية، تبقى مسيرة التعليم في الكويت تدور ضمن حلقة التغييرات الحكومية ولا تتوقف، إذ ثمة خيط يربط التعليم بالسياسة، يقصي هذا ويدني ذاك، إلى أن تكون التركيبة الحكومية متناغمة، ولا ضير أحياناً في تواضع إمكانيات الوزير الجديد، أو نسف إنجازات سلفه ما دامت التركيبة تقتضي.
وهنا دق كثير من التربويين والمهتمين بالشأن التعليمي الأجراس في هذا المضمار، مؤكدين أن «الأوان آن لوضع استراتيجية ثابتة للتعليم ولوزارة التربية تستمر إلى نهايتها، لا يضيرها بقاء الوزير أو رحيله، فالمهم أنها لا تنطلق لتعود من المربع الأول مع كل تشكيل حكومي».
مصدر تربوي عاصر 8 وزراء تربية خلال عقد، وبمتوسط 15 شهرا لكل وزير، قال «إن التعليم يدور بالفعل في حلقة التغيير الحكومي، بل يخضع إلى خلطة التركيبة الوزارية في كثير من الأحيان، وهي التي عادة ما تخضع إلى بعض الاعتبارات المختلفة ليس لمعاييرها علاقة بالكفاءة والإمكانات والمؤهل، وهذا أمر يعرفه الجميع»، مستغرباً «تحديد فترة التوزير في معظم الجهات الحكومية بسنتين تقريباً، فيما لا تكاد تكون عاما ونصف العام في وزارة التربية التي تقلدها 8 وزراء خلال عقد واحد، وهي فترة ضئيلة جداً لا تسعف الوزير في إجراء أي تطوير أو إصلاح، بل ربما وضع الوزير جهده خلالها في رسم سياسة عامة تستنزف منه الجهد والوقت والمال، ثم ما تلبث أن تعود إلى نقطة الصفر، حين تنسف على يد التغيير الجديد وتبقى أطلالها شاهدة على هذا الدوران».
وتطرق المصدر إلى إمكانات الوزراء الذين تعاقبوا على التربية خلال العقد الأخير ومؤهلاتهم، بدءاً بالوزيرة نورية الصبيح التي تقلدت حقيبة التربية في العام 2007، مودعة منصب الوكيل المساعد للتعليم العام، ومتدرجة من سفح الجبل إلى قمته، بعد عهد الوزير عادل الطبطبائي الذي شهد جدلاً واسعاً في كيفية إدارة الوزارة والتعيينات غير العادلة التي قفزت ببعض رؤساء الأقسام إلى وكلاء مساعدين فجأة، مبيناً أن «الصبيح كانت وزيرة عادلة وقوية صاحبة قرار، تهتم بالشكاوى وتتبعها وتحقق إلى أن تصل إلى الحقيقة، ولكن هناك بعض المآخذ بشأنها وأهمها أنها قامت بتأنيث المناصب القيادية في الوزارة، وقلدت زميلاتها 3 مناصب مهمة، ووضعت الأخريات في مناصب أرفع، سواء في التوجيه العام أو بعض المراقبات، أو في مناصب مديري المناطق التعليمية، ولكن هذا لا يمنع أن نقر بعدلها وإنصافها وحرصها على مصلحة التعليم والطالب وكل من ينتمي إلى المنظومة التربوية».
وأضاف «كانت علاقتها مع النواب في بادئ الأمر عادية، ولكن اشتدت المواجهة في نهايتها حتى بلغت أشدها، الأمر الذي دفع كتلة منهم إلى التحزب ضدها والوقوف لها بالمرصاد في أي موقف تافه، حيث نسج بعضهم الكوارث والأساطير من حوادث بسيطة، منها تسلق مراهق معتوه جدار روضة سندس متجرداً من ملابسه، فيما طالب هؤلاء باستجواب الوزيرة نظراً لما أسموها آنذاك بـ(اغتصاب روضة سندس) وبعد ذلك سقطت أجزاء بسيطة من دكات التكييف في سقف مسرح مدرسة في الأحمدي، فطالبوا أيضاً بالاستجواب بسبب ما أسموها بحادثة انهيار الصباحية».
وبين أن الصبيح كانت ضحية لتكتل بعض نواب التأزيم ضدها، ممن أوصدت الأبواب في وجه معاملاتهم غير المشروعة، الأمر الذي تداركه الوزراء اللاحقون، حين أدرك كثير منهم خيوط اللعبة، الأمر الذي أوجد نوعين من الوزراء منهم من فتحها «بحري» للنواب، وآخرون أوصدوا الأبواب في وجوههم وطاروا، وهنا يكون الخيار الصعب بين كرسي الوزارة ومصلحة التعليم، إذ يكون الاختيار عادة بقدر يقظة الضمير.
وانتقل المصدر إلى وزير التربية الذي خلف الصبيح، وهي الدكتورة موضي الحمود، حيث تقلدت حقيبة «التربية» في عام 2009، وظلت حذرة من كل شيء، مهادنة لكل صوت، ولا سيما صوت عضو مجلس الأمة سلوى الجسار التي هددت باستجوابها، مؤكداً أن «الحمود تشبثت بكرسي الوزارة حتى النهاية، وهادنت النواب قدر المستطاع، ولكن جاء التشكيل الحكومي التالي يبعدها ولتحمل حقيبتها وتغادر».
وتسلسل إلى الوزير الذي يليها، وهو أحمد المليفي الذي تقلد حقيبة «التربية» مرتين بدءاً من عام 2011، ولم تكن له أي إنجازات تذكر سوى مشروع الفلاش ميموري الذي شهد حملات شرسة من النقد، إزاء تبديد المال العام وتحميل ميزانية التربية مصروفات إضافية، كان من الممكن الاستغناء عنها بتحميل المناهج الدراسية على الموقع الإلكتروني للوزارة وتجاهل هذا المشروع غير المبرر.
وأشار المصدر إلى العهد الذي عقب الوزير المليفي، كان عهد الإقالات الجماعية التي زلزلت الوزارة على يد الدكتور نايف الحجرف، حيث شهد عهده إقالة 5 وكلاء مساعدين لديهم مراسيم قائمة، ثم أقال الموجهين العامين للمواد الدراسية، بسبب ظاهرة الغش التي انتشرت آنذاك في مقاطع فيديو مصورة في بعض الثانويات، مبيناً أن «عهده كان ساخناً ومضطرباً ولم تنعم الوزارة فيه بأي استقرار، بل شهدت حالة فراغ كبرى في كثير من المناصب التي أقيل أصحابها وبقيت بلا قياديين».
وتدرج المصدر حتى عهد الوزير الدكتور بدر العيسى الذي تقلد حقيبة الوزارة عام 2014 «فكان نعم الوزير الهادئ والشفاف والصريح، نعمت الوزارة في عهده بحالة هدوء واستقرار لا مثيل لها، وتم خلال عهده تسكين نحو 80 في المئة من الشواغر الوظيفية، وفتحت وزارة التربية لوسائل الإعلام في عهده أوسع أبوابها، وكانت تدار بمجموعة مترابطة من القياديين المثقفين الراقين بتعاملهم مع الموظفين والمراجعين وسائر الجمهور، وقد تم تعيينهم في هذه المناصب في عهد الوزير العيسى، وهم وكيل وزارة التربية السابق الدكتور هيثم الأثري، وهو غني عن التعريف بأخلاقه ورقيه في التعامل، ثم الوكيل المالي يوسف النجار الذي يعتبر حالة نادرة في قاموس الأدب ودماثة الأخلاق، ثم صديق الجميع الوكيل الذي قفز بقطاع الأنشطة من حالة إلى أخرى وهو الوكيل فيصل المقصيد»، مبيناً أن هذه المجموعة لن تنسى من قبل العاملين في التربية أبداً ولن تتكرر.
ومن عهد العيسى، انتقل المصدر إلى ما أسماه بعهد الوزير الراقي الخلوق الدكتور محمد الفارس الذي تقلد الحقيبة عام 2016، وأحبه جميع العاملين فيها ولا يزال كثيرون يتمنون عودته، إلا انه للأسف وقع كبش فداء في التغيير الحكومي الذي حدث، فغادر وزارة التربية وظلت كلمته الشهيرة لـ«الراي» تردد «مطلوب استراتيجية ثابتة للتربية لا تتغير بشخطة قلم وزير لا يستمر في منصبه أكثر من عامين».
ومن العهدين الجميلين ابان فترة العيسى والفارس، اختتم المصدر بما أسماه أسوأ العهود، وهو العهد الحالي في فترة تقلد الدكتور حامد العازمي الذي عين وزيراً للتربية في أواخر 2017، حيث حوّل، بحسب المصدر، وزارة التربية إلى ثكنة عسكرية، نأى بها عن المجتمع ووسائل الإعلام وكانت نتائج الثانوية العامة 2018-2019 التي أعلنت للمرة الأولى في تاريخ الوزارة دون مؤتمر صحافي شاهدا على ذلك.