تجاوزت الكثيرين في مشواري... عدا غافل فاضل وعبدالعزيز المنصور
ليس كل من ينجح في عمل يستحق لقب فنان أو مبدع أو قدير
أتشرف بأن يقترن اسمي باسم الفنانة هدى حسين في أكثر من عمل
في «حياة ثانية»، التقى المخرج البحريني محمد القفاص للمرة الأولى مع الفنانة هدى حسين، قبل أن يبث «عطر الروح» على الشاشة التلفزيونية، ليحقق جزءاً من «أمنيات بعيدة»... ولا يزال يواصل العمل بدأب على ترجمة ما تبقى من أحلامه وطموحاته بـ«شغف».
القفاص، الذي فتح قلبه في حوار مع «الراي» خلال تواجده في استوديوهات تلفزيون «الراي» لتصوير بعض مشاهد مسلسل «شغف»، لم يُخف خَوفه من السقوط من على «السلم الدرامي»، مؤكداً أنه قطع شوطاً طويلاً في مشواره الفني، واجتاز الكثير من زملائه المخرجين، لكنه لم يجتز التاريخ!
ولفت المخرج البحريني إلى أنه متصالح مع نفسه، ولا يستفزه نجاح الآخرين، مكملاً: «حتى وإن تفوق عليّ أحدهم في عمل ما، فهذا لا يعني أنه اجتاز تاريخي». وشدّد على أن هناك مغالطات كبيرة في إطلاق بعض الألقاب والصفات على أشخاص بعينهم، «فليس كل فنان يستحق أن يطلق عليه هذا الوصف».
• شرعتَ أخيراً في تصوير مسلسل جديد بعنوان «شغف» مع الفنانة هدى حسين، التي التقيت بها خلال الموسم الدرامي الماضي في مسلسل «أمنيات بعيدة»، فهل تحدثنا قليلاً عن «شغفك» بالتعاون مع بطلة العمل؟
- لا شك أن الفنانة هدى حسين تعد من الأهرامات الكبيرة في الساحة الفنية الخليجية، وأتشرف بأن يقترن اسمي باسمها في أكثر من عمل، حيث التقينا للمرة الأولى في مسلسل «حياة ثانية» الذي تم عرضه قبل سنوات، خارج السباق الدرامي لشهر رمضان، ومع ذلك فإنه لاقى نجاحاً واسع النطاق. أحياناً يشعر الإنسان بأن هناك أشخاصاً في الحياة يتفق معهم في الرؤى والأفكار، وأعتقد أن «أم حسين» هي واحدة من هؤلاء الناس، وهذا سر التجدد في اللقاءات بيننا.
• هل تتفق مع ما يقال إن الأعمال التي يتم عرضها خارج السباق الرمضاني، تحظى بمشاهدة مرتفعة وتأخذ حقوقها كاملة؟
- لا أتفق مع هذا الرأي، لأن شهر رمضان أصبح محط أنظار وجدل بالنسبة إلى الكثيرين من مشاهدي الشاشة التلفزيونية، فهناك مسلسلات متواضعة في مضامينها، لكنها تلقى أضواء مكثفة على مواقع «السوشيال ميديا»، إبان عرضها في الشهر الفضيل، وتوحي للرائي بأنها أعمال ناجحة، إلا أن نجاحها عادة ما يكون وهمياً، بدليل أنه بعد مضي السنين تذروها رياح النسيان، والحال نفسها تنطبق على بعض الأغاني التي تعج بها القنوات والإذاعات في فترة بعينها، غير أنه سرعان ما تُمحى هذه الأغاني من ذاكرة المستمعين، ولا يعد أثراً على الإطلاق. برأيي، العمل الحقيقي يبقى عالقاً في أذهان الناس لسنوات طويلة ولا يموت. أيضاً، هناك مغالطات كبيرة في إطلاق بعض الألقاب والصفات على أشخاص بعينهم، فليس كل من نجح في عمل يستحق أن يطلق عليه مسمى فنان أو مبدع أو قدير أو كبير، إلا إذا كان في أرشيفه الفني من الخبرة والبصمات الشيء الكثير.
• كيف تصف ملامح مسلسلك الدرامي الجديد «شغف»؟
- «شغف» هو عمل رومانسي بسيط، ولكنني لا أقصد المعنى السطحي للكلمة، بل المقصود أنه من أعمال «السهل الممتنع» التي قد يكون تنفيذها أصعب بمراحل كثيرة من الأعمال التي توصف بأنها صعبة، وتصرف عليها ميزانيات ضخمة جداً. «شغف» يتضمن أيضاً موضوعات عدة، لعل أبرزها الصراع النفسي، وهو من أصعب الصراعات التي يخوضها الإنسان. فمتى ما تمكنا من إيصال الإحساس الداخلي الذي لم يكتب على الورق ولا يُحكى في المشاهد، حينئذٍ يمكننا الشعور بالفخر لنجاح المسلسل.
• ما أوجه الشبه والاختلاف بين مسلسل «شغف» الجديد، ومسلسل «أمنيات بعيدة» الذي تم عرضه على الشاشة الرمضانية في الموسم السابق؟
- «شغف» تجربة جميلة مع الفنانة هدى حسين، ومُغايرة عن تجربتي السابقة معها في مسلسل «أمنيات بعيدة»، خصوصاً أنني في العمل الأخير كنت قد استعرضت قدراتي الإخراجية، إلا أن ذلك الاستعراض لم يلق قبولاً لدى بعض المشاهدين، حيث تلقيت بعض الانتقادات من جانبهم، وهي انتقادات فنية تتعلق بحركة الكاميرات والطريقة الحديثة والعصرية في التصوير، وذلك لأن المشاهد اعتاد على نمط معين في المسلسلات الخليجية، ولا يعبأ بتجربة إخراجية جديدة «إدوِّر راسه». وهو ما دفعني إلى البساطة في مسلسل «شغف»، فبدلاً من توجيه العمل إلى جمهور النخبة مثلما فعلت في «أمنيات بعيدة» سيكون موجهاً إلى الجمهور العريض والبسيط، بأسلوب مبسط ومن دون استعراض في العضلات.
• ما الذي يهمك بالضبط، أن توجه أعمالك التلفزيونية إلى المخرجين الكبار من خلال فرد العضلات الإخراجية، أم أنك تقوم بتوجيهها بالطريقة السهلة وغير المعقدة إلى المشاهد البسيط؟
- أنا متصالح مع نفسي، ولا يستفزني نجاح الآخرين، حتى وإن تفوق عليّ أحدهم في عمل ما، فهذا لا يعني أنه تفوق على تاريخي، لأنني أعرف موقعي الحالي في خارطة الفن الخليجي، فقد تجاوزت مرحلة التحدي مع المخرجين الآخرين منذ فترة ليست بالقصيرة. ففي بداية مشواري تجاوزت أسماء مهمة من المخرجين في الساحة الفنية، لكنني ولغاية الآن لم أتمكن من تحطيم التاريخ. بمعنى أنني وحتى هذه اللحظة لم أتجاوز المخرج غافل فاضل أو المخرج الراحل عبدالعزيز المنصور. هذه حقيقة ولا بد من الإقرار بها للتاريخ.
وبالعودة إلى محور حديثنا، فلا بد من الاعتراف بأن ذائقة الجمهور أمست صعبة للغاية، ولم يعد بالإمكان إرضاء جميع الأذواق، كما كانت عليه الحال في السابق، فهناك فئات مختلفة جداً في رؤاها. مثلاً، الجمهور من الفئة العمرية بين 16 و21، لديه ذوقه الخاص، والذي لا يشبه ذائقة الفئة من 25 إلى 40، ولا يشبه أيضاً الفئة من 45 إلى 60. لذلك، فأنا أرى أن المخرج الذكي هو الذي ينجح في سرقة الإعجاب من كل فئة، وهذا الأمر بالغ الصعوبة والتعقيد.
• هل لا يزال يعتريك شعور بالتوتر والقلق بعد صناعة العمل الفني، أم أنك تجاوزت هذه المرحلة أيضاً؟
- لا أخفيكم أنني صرتُ أخاف أكثر من ذي قبل، لأنه في بداية مشواري كان الخطأ مباحا بالنسبة إليّ، إذ كان نجاح العمل الفني وقتذاك يضيف إلى اسمي الصغير الشيء الكثير. أما الآن، وبعدما صار لديّ موقعي الخاص في الفن، فلم يعد يعنيني النجاح كثيراً بقدر ما صرت أخشى من السقوط، لذلك يزداد فيّ هاجس القلق كلما أوشكت على صناعة مسلسل جديد.
• ما مدى إمكانية تقديم عمل تلفزيوني أو سينمائي على «Netflix»؟
- سبق وتلقيتُ عروضاً كثيرة من منتجين لتقديم عدد من المواسم لمسلسلات تلفزيونية، ولكنني رفضتها جميعها، لأنني أطمح إلى أن تكون الأعمال التي أقدمها على قناة «Netflix» هي من إنتاجها أيضاً، فهناك فرق كبير بين الأعمال التي تتولى إنتاجها هذه الشركة، وبين الأعمال التي تشتريها. وبالتالي، فأنا أرحب بالفكرة، في حال كان الإنتاج ضخماً ومختلفاً عن الإنتاج من رأس المال الخليجي.