تذكرون مسلسل «درس خصوصي» أو «خرج ولم يعد»، لا أذكر - لأني دائماً ما أخلط بينهما، و«أجيب العيد»، وافتشل (أي أحرج) قبل أن أكتشف أن الشعب كله «جايب العيد»، بعيداً عن العيد نعود إلى المسلسل الذي لا أتذكر اسمه بالضبط، والذي يحكي قصة موظف بين الرضا والسخط، «وعين الرضا عن كل عيب كليلة/ لكن عين السخط تُبدي المساويا»، المهم أنه بين العينين يقرر مديره تارة أن يرقّيه وطوراً ينقله إلى الأرشيف ليجعله «حامل أختام الشركة»، وكون الشركة «اللي في المسلسل إياه» شركة دواجن ينتهي به المطاف بختم بيض بسبب «ديك» نفش ريشه عليك!
مشهد يلخص قصة حياة كل موظف مع مدير حديث التعيين وحديث النعمة وحديث في كل شيء، مشكلته أنه اليوم مدير وغداً يطير، فهو لم يدرس ولم يمارس التخصص الذي تسلّم مسؤوليته، لكنه يرأس مَن هم أفهم منه فيظل تفكيره محصوراً في الختم!
يقلّب الأوراق ويحصي عدد أختامها فيضيف هنا ويلغي هناك والزود أخو النقص، ولأن عقله ناقص تراه مشغولاً بالتفاصيل، فيكبّر صغائر الأمور وتوافهها، فيناقش في نصف الساعة والدقائق الثلاث في الحضور والانصراف، وتصبح البصمة من أولويات الذين لا بصمة لهم في الحياة، أما العمل، فلا عمل فيه، ولا أمل منه، ووقت الأزمات يخرج فيحرج، لكنه لا ينحرج بل بالعكس «يكشخ» فيه!
المهم أن هذا المدير«الكشخة» أراد أن يكشخ على مَن هم أكشخ منه، فقلّب في أوراقهم وطلب ختماً إضافياً، شرط ألا يتم ختمها في ساعات العمل الرسمية، رغم أن الجهة الرسمية، لا تعمل بعد ساعات عمله، مو مهم، يقولها وهو سعيد، كسعادة فيصل الدخيل وهو جايب «جول» في مرمى تشيكوسلوفاكيا في كأس العالم، ثم يشير إليك بحسد الفقير على موتة الجمعة إلى سائقك، بإمكانك أن ترسله، رغم وجود السائق والمراسلين في جهة العمل صاحبه طلب الختم، ورغم أن السائق المحسود عليه ليس سائقك بل سائق بيتكم ولديه مشاوير كثيرة أهم من الأختام!
ختامها، يتضح أن الورقة التي تحتاج ختماً... خاتمة نفسها بنفسها فهي ورقة طبية ختمها الطبيب فتعود للطبيب لتطلب منه بدل الختم ختمين، واحد للورقة إياها وواحد لترتاح من المدير، وطبعاً ماكو شغل يتعطل، لأن الذي يشغل نفسه في أختام لا داعي لها ما عنده شغل أصلاً!
الورقة الأولى التي احتاجت ختماً أقرّ المستشفى بعدم ضرورته حين تمت مراجعته، لكن ختمتها لأخذ الناس على قدر عقولهم، وكانت تقتصر على استئذان مدته ساعتان، لكن الورقة الثانية لإجازة يوم لختم الساعتين إياهما، على هامش الختم دار حوار مع الموظف حامل الأختام، قال لا تحتاج ختماً فختم المستشفى لا يثبت المراجعة، إنه يثبت الموعد، لكن الدكتور كتب: راجعت، وختم كلامه فرد صاحبنا كلامك صح، «إذا اللي جدامك صاحي بس إذا كان خبل شتسوي فيه»؟ قال: نختم له... وختم!
ولا نعرف من الخبل، المدير الذي عطل العمل بسبب ختم، أم الموظف الذي غاب عن العمل بسبب ختم، أم الذي صدق الحكاية برمتها وأن المؤسسات تعطل أعمالها وتغيّب موظفيها بسبب ختم!