محمد بوزبر في «عشر إلا عشر»: المسؤول الوافد مُطالب بتقديم إقرارات ذمته عما يخصه داخل الكويت وخارجها

«نزاهة»: أموال الفساد ضخمة... وندرس تقدير حجمها

1 يناير 1970 07:34 م

«مكافحة الفساد» ستمثل أمام محكمة الوزراء باعتبارها مبلغاً في محاكمة وزير سابق

إقرارات الذمة وصلت إلى 13.972 من بينها 12.297 إقراراً أول و1675 إقراراً نهائياً 

في المواسم الانتخابية نشهد زخماً في البلاغات كتكتيك من البعض لتشويه صورة آخرين 

معظم المبلغين يأتوننا شخصياً وأحياناً بالاتصال ونتسلم أظرفاً مغلقة وندرسها وتسجل عندنا كرصد ومتابعة 

قدّمنا 32 بلاغاً 17 منها مازال منظوراً أمام النيابة و8 حفظت و7 منظورة أمام «الجنايات»

مؤسسة الفساد توظف أناساً كباراً قادرين على إيجاد ثغرات... ونحن علينا أن نوحد جهودنا 

ضرورة تأمين وصول المبلغ عبر ممرات آمنة وتوفير السرية وإذا استدعى الأمر توفير الحماية الإدارية والقانونية

أكد الأمين العام المساعد لقطاع كشف الفساد والتحقيق في الهيئة العامة لمكافحة الفساد الكويتية «نزاهة» الدكتور محمد بوزبر أن هناك دراسة تعدها الهيئة لحجم البلاغات وتقدير المبالغ المرتبطة بالفساد التي تُثبت عدم مشروعيتها، موضحاً أن «هذه المبالغ ضخمة وكبيرة، ومتى ما تحقق أن التصرفات التي جرت على هذا المال غير مشروعة، يجب استقطاعه من يد الفاسد وإرجاعه للخزانة ولكن هذه المبالغ مسألة تقديرية تتغيّر من فترة لأخرى».
وقال بوزبر، في لقاء مع رئيس التحرير الزميل وليد الجاسم في برنامج «عشر إلا عشر» على تلفزيون «الراي» ليل أول من أمس، إن «من الصعب إيجاد تعريف محدد وواضح للفساد يصلح لكل الأزمنة، لكنه حسب ما هو متعارف عليه وفقاً للأنظمة الدولية بأنه سوء استغلال السلطة العامة من أجل التربح والحصول على منافع خاصة، وهناك جوانب أخرى تتعلق بعملية التربح والإثراء بلا سبب»، لافتاً إلى أن «الواسطة قضية ثقافة تحتاج لتعديل، وهذا ما وضعناه نصب أعيننا منذ صدور قانون مكافحة الفساد ولكن هذا أمر يحتاج لوقت لترسيخه طالما أن هناك رغبة في تساوي الفرص، وهذا أمر بالفعل مترسخ في دستورنا وقوانينا لكنه يحتاج لإعادة تفعيل حتى نصل لنتائج ملموسة».
ولفت إلى تأثير الرأي العام ووسائل الإعلام على قضايا الفساد، فقال «هناك تفهم كبير للفرق بين ما يقال في وسائل التواصل الاجتماعي، وما يثبت لدينا من خلال الورق، لأن التثبت من وجود فساد يتطلب أن يكون هناك أدلة، والمُشرّع طلب أن يكون هناك شبهات لأننا لسنا جهة تحقيق، ومهمتنا تجميع ملف من الأوراق ونذهب به للنائب العام، ونقول له بأننا نعتقد أن الشبهة مترجحة لدينا».
وبشأن الخاضعين لإقرارات الذمة المالية، أوضح بوزبر أن «إقرار الذمة المالية هو إفصاح عما يملكه الشخص من عقارات وأموال وغيرها، وما عليه من التزامات وديون، بمجرد توليه الوظيفة العامة منذ صدور قرار التعيين أو الاستمرار في الوظيفة، وهذا الإقرار تتم تعبئته من الشخص الخاضع من درجة رئيس وزراء حتى درجة المدير»، موضحاً أن «عدد الإقرارات وصل إلى 13.972، من بينها 12.297 إقراراً أول، و1675 إقراراً نهائياً».
وفي ما يتعلق بالإقرارات المتأخرة، قال «عددها وصل إلى 2.298، فيما بلغ عدد تلك التي قدمت في موعدها 11.674 إقراراً»، لافتاً إلى أن «هناك لجان فحص للتأكد من صحة المعلومات الواردة في اقرارات الذمة المالية، فهناك فحوصات شكلية وأخرى موضوعية تتعلق بالتبيان بين الراتب والإيرادات، وإذا رأت لجان الفحص شبهة فساد، فإنها تقدم تقريرا للسيد رئيس الهيئة الذي بدوره يحيله للنيابة العامة، وأخيراً قامت لجان الفحص، التي يبلغ عددها أربع لجان وعقدت 226 اجتماعا، بدورها المطلوب في عدد من الإحالات».
وتطرق إلى الوافدين الذين يتقلدون مناصب خاضعة لتقديم اقرار الذمة المالية، فبيّن أن «الوافدين ينطبق عليهم أيضاً تقديم إقرارات الذمة المالية التي ليس لها علاقة بالجنسية»، موضحاً أن «المسؤول الوافد مُطالب بتقديم إقرارات ذمته المالية عما يخصه داخل وخارج الكويت، سواء عقارات أو إيداعات أو منقولات، ويتم التأكد عن طريق تفاهمات مع الجهات الخارجية ولا يوجد أي استثناءات لأي أحد».
ولفت إلى أن «جزءاً من استراتيجية مكافحة الفساد، يكون بالتوجه نحو الخدمات الإلكترونية بدلاً من المعاملات الورقية التي تفتح باب الفساد»، مطالباً بـ«حسم ما يسمى بمفهوم الشفاعة أو الفزعة من قبل المختصين في الشريعة».
وبشأن الانتقادات التي يوجهها البعض للبرلمان، وما يتم فيه من شفاعة عبر بعض النواب، أجاب «البرلمان مؤسسة نفخر بها، وإن كان هناك بعض الممارسات التي تعزز عدم وضوح النزاهة أو الشفافية، ولكن هناك جوانب مضيئة في المؤسسة البرلمانية فهي من تضع القوانين»، مؤكداً أنه «لا ضغوط نيابية في ما يتعلق بالتعيينات أو الترقيات في الهيئة، فقد تم الانتهاء من نظام التعيين في الهيئة بكل شفافية».
أما في ما يتعلق بالانتقادات التي توجه لبعض القوانين وطريقة التعامل معها، فقال إن«مؤسسة الفساد توظف أناسا كبارا قادرين على إيجاد ثغرات، ونحن في المقابل علينا أن نوحد جهودنا، ونجد أيضاً النخبة اللازمة من اجل ايقاف مثل هذه التعديلات واستغلال القوانين، فكثير من القوانين لدينا تعدل بين فترة واخرى، وتواكب تطورات الموقف ولدينا ايضا مراجعات دولية بحكم اننا اطراف في هيئة مكافحة الفساد».
وتطرق بوزبر إلى آلية التقدم ببلاغات، فأوضح أن «المُبلّغ يعتبر ركيزة أساسية في مكافحة الفساد، فهو مطلق صافرة التحذير على اعتبار انه قريب من الشبكة أو المنظومة الخاصة بالفساد»، مشدداً على «ضرورة تأمين وصول هذا المبلغ عبر ممرات آمنة وتوفير السرية، وإذا استدعى الأمر أن توفر له الحماية الادارية والقانونية».
واضاف إن «الاعفاءات من الممكن أن تحصل بالنسبة لشركاء الجريمة، بحيث ان من يبلغ عن الجريمة يحصل على إعفاء من العقاب، وعندما يأتي لنا ويقدم البيانات لا أسأله من أين أتيت بهذه الاوراق، ولا من أين تحصلت عليها، وأنا أؤمن دخوله. وأحياناً يأتي المبلغون من جهات رقابية، وديوان المحاسبة أكثر المبلغين ولدينا تعاون كبير معه. وهناك بلاغات تأتي من الوزراء مثل ما حصل في بلاغ وزارة الأشغال عن الحصى، والذي تمت إحالته أخيراً الى النيابة العامة، وهناك بلاغات أخرى من وزير المواصلات، فبعض الوزراء يتقدمون ببلاغات بصفتهم الاعتبارية إلى مكافحة الفساد».
أما عن ورود بلاغ لـ«نزاهة» للفت الانتباه إلى جريمة فساد في مكان آخر، فذكر أن «هذه تكتيكات من الممكن ان يستخدموها، وهناك تكتيكات أخرى في المواسم، لتشويه صورة الناس كالمواسم الانتخابية، فيكون هناك زخم لدينا في البلاغات من أجل تلميع الصورة ونحن نكون دائما على حيطة وحذر في التعامل مع هكذا بلاغات». وأضاف «معظم المبلغين يأتوننا شخصيا واحيانا تأتينا اتصالات تقول اريد ان التقي معكم خارج الهيئة، وخارج أوقات العمل الرسمي، ونستجيب له ونلتقي معه في مقهى أو غيره من الاماكن، وأحيانا تأتي للهيئة أظرف مغلقة وندرسها وتسجل عندنا كرصد ومتابعة ونتابعها ونسير في التحقق منها».
وعن عدد البلاغات، قال «من تاريخ اصدار اللائحة وحتى الآن قمنا بإحالة 32 بلاغاً إلى النيابة، 17 منها ما زال منظوراً أمامها، و8 تم حفظها، و7 منها منظورة أمام محكمة الجنايات»، لافتاً إلى أن «أكبر نسبة بلاغات جاءت بحق وزارة الصحة، فطبيعة هذه الوزارة خدمية وعقودها مليارية وكبيرة»، إلا أن «هناك انخفاضاً ملحوظاً في مستوى البلاغات التي تأتينا من (الصحة) نتيجة الجهود المبذولة للقائمين عليها حالياً».
وكشف عن أن «الأسبوع المقبل سيشهد مثول هيئة مكافحة الفساد باعتبارها مُبلغاً في قضية محاكمة الوزراء، وهذه أول محاكمة وزراء بمناسبة بلاغ بدأت فيه الهيئة وحققت فيه، والآن محكمة الوزراء تنظر بمحاكمة وزير سابق، والهيئة ستمثل أمام المحكمة كشاهد، وذلك وفق نظام محاكمة الوزراء، لأن هذه أول مرة تعقد هذه المحاكمة وهذا يعتبر فخراً لنا».

مداخلات

فريد عمادي: مقررات في مناهج «الأوقاف» تتعلق بالنزاهة

قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية فريد عمادي إن «وزارة الأوقاف يشرفها أن تكون أول جهة حكومية توقع مذكرة تفاهم مع (نزاهة) وكان هذا في شهر أغسطس 2017»، لافتاً إلى انه «منذ ذلك التاريخ وحتى هذا اليوم وجهنا كل القطاعات المسؤولة لتعزيز هذه المفاهيم ومواجهة الفساد، من خلال خطب الجمعة والدروس والمواعظ وعملنا مجموعة من الخطب التي تكافح الفساد وتعزز قيم النزاهة ولاسيما في المناسبات مثل اليوم العالمي لمكافحة الفساد».
وأضاف عمادي، في مداخلة أثناء اللقاء، «أضفنا في مناهج دور القرآن والمراكز السراج المنير بعض المقرارات التي تتعلق بالأخلاق خصوصاً موضوع الأمانة والنزاهة والمواطنة وحقوق الوطن في المحافظة على مكتسباته وكذلك قيم سلوكية للناشئة لغرس هذه المفاهيم في الناشئة والأجيال»، مشيراً إلى «جهود موجهة للأسرة من خلال حملة توعوية حملت عنوان نزاهة وشملت مجموعة من الفعاليات في 2018 و 2019».
ولفت إلى «برنامج تدريبي متكامل للعاملين في الوزارة للحفاظ على المال العام وتعزيز قيم النزاهة وإصدار مجموعة كبيرة من القرارات التي تعزز النزاهة من خلال وضع لوائح وانظمة تعزز الحوكمة في الوزارة»، معتبراً أن «كل هذه الاجراءات التي قمنا فيها كانت بإيمان من الوزارة بأهمية الدور الذي تقوم به هيئة مكافحة الفساد وأيضا الجانب شرعي الذي يجب ان نعززه في نفوس الناس ما يساعد الأخوة في الهيئة على القيام بدورهم على الوجه المطلوب».
ولفت عمادي إلى أن «الشفاعة نوعان، شفاعة حسنة وشفاعة سيئة، فمن يشفع شفاعة حسنة له نصيب منها في الأجر، كما قال الله تعالى، ولكن من يشفع شفاعة سيئة بأخذ حقوق الآخرين، أو يشفع لظلم الناس أو للاعتداء على المال العام، فلا شك أن هذه شفاعة سيئة سيأخذ وزرها ووزر من سار معه في مثل هذا الطريق».

أحمد الصراف: تحسن ملحوظ في نزاهة جهات حكومية

شهد اللقاء مداخلة من الكاتب أحمد الصراف، الذي قال إن «مؤسسة الفساد موجودة في كل دول العالم ولا تخلو دولة منها وتجذرها، أو اتساعها يختلف من دولة لأخرى اعتماداً على القوانين الموجودة التي تحاسب الفاسد، والكويت مرت بمراحل فساد متنوعة»، معتبراً أن «هناك خطين متوازين في الكويت يمشيان مع بعضهما البعض وهما الفساد الذي يزيد ويتجذر والثاني هو الخط الذي يقاوم مقاومة جيدة، لكن خط الفساد هو الأقوى لأنه الأربح».
وفيما ذكر أن «الروتين يعزز من مظاهر الفساد»، بيّن أن «هناك تحسنا ملحوظا في عدد من الجهات الحكومية، من بينها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وهيئة القوى العاملة وبلدية الكويت». وأضاف ان «الكل يقول نريد من هيئة مكافحة الفساد درساً حول شخص تتم احالته للنيابة وتم الحكم عليه، وليس فقط إحالات للنيابة».

إضاءات

رئيس الوزراء... شغل عدل

في رده عما إذا كان سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك قد قدم إقرار الذمة المالية، أجاب بوزبر «ممتاز. كان من أول المتقدمين... شغل عدل، وكذلك السيد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، والسادة النواب والوزراء والوكلاء والوكلاء المساعدون وجميع القضاة. وهناك نسبة بسيطة لا تذكر التي حدث بها تخلف أو عدم علم وهنا لا ألوم الناس فهذه ثقافة جديدة على المجتمع».

الكاراكال... أثارتها «الراي»

أشاد بوزبر بدور وسائل الاعلام في كشف الفساد، ضارباً المثل بـ «قضية الكاراكال التي أثارتها (الراي) ووجدت صدى لدى مجلس الوزراء، وبدأنا العمل عليها وقطعنا فيه شوطا لا بأس فيه، وهذه النقطة تحدثت فيها في مؤتمر قطر عن دور الاعلام في توجيه مكافحة الفساد».

فراش البلدية

رداً على سؤال هل سيحصل فراش البلدية على البراءة مع وجود «نزاهة»، قال بوزبر «لا لن يطلع براءة، حتى البنغالي الذي يبيع الطوابع، فالفساد آفة تطول الجميع، وقانون مكافحة الفساد ركز أكثر على كبار القياديين والهوامير والمشرع آثر أن يبتدئ بهذه الدرجات الوظيفية لأن السيطرة عليها من حيث اقرارات الذمة المالية وغيرها يخلق بيئة نابذة لعملية الفساد».

ألم تصيدوا فاسداً؟

في معرض حديثه عن المفاهيم المغلوطة، ذكر بوزبر أنه غالباً ما يتم سؤاله عند دخوله للديوانيات «ألم تصيدوا فاسدا؟» مبينا أن هذا يحتاج توعية بدور الهيئة، فهو ليس قضائياً وإنما دورها جمع المعلومة مع امتيازات تختلف عن الجهة القضائية، وهي كفالة سرية المبلغ.

الهواتف ممنوعة في لجان الفحص

أكد بوزبر أن «كل العاملين في لجان الفحص مشهود لهم بالثقة والأمانة والنزاهة، فالمسؤولية كبيرة وهناك اجتماع بشكل أسبوعي، وثمة إجراءات للفحص، فعندما تعمل هذه اللجان لا توجد أوراق على الطاولة والإقرار يعرض على شاشة داخلية ليتم التحليل، وغير مصرح بدخول الهواتف أو اجهزة التسجيل لقاعة اجتماعات فحص الإقرارات، كما أنه يتم استبعاد عضو لجنة الفحص إذا كان لديه صلة قرابة مع الشخص المفحوص، ويحل محله بديل لضمان عدم وجود أي شبهة إبطال لجان الفحص».