هي «نقمة»... حتى إشعار آخر

1 يناير 1970 06:34 م
  • نيمار وكوتينيو ذاقا المرّ  في «كامب نو»... وهازار أمام تحدٍّ  لم يرده لنفسه 

في الدقيقة 66 من مباراة أول من أمس، أمام إنتر ميلان، ضمن دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، استبدل الفرنسي أنطوان غريزمان بمواطنه عثمان ديمبيلي عندما كانت النتيجة تشير إلى تعادل المضيف برشلونة الإسباني مع ضيفه الإيطالي 1-1.
ماذا شعر غريزمان في تلك اللحظة بالذات وماذا يمكن أن يكون قد قال لنفسه؟
ثمة احتمالات كثيرة، بينها «أنا محترف وعلي تقبل هكذا قرار»، «المدرب أرنستو فالفيردي لا يفقه شيئاً في كرة القدم»، «يا إلهي، لمَ لم أبلِ بلاءً حسناً؟»، وغيرها.
يبدو أيضاً بأن «غريزو» لم يفكر بشيء، بل ربما تذكّر ما قاله، في النصف الثاني من نوفمبر 2018، عندما رفض الانتقال إلى برشلونة، قائلاً لقناة «كنال بلوس» الفرنسية: «من الصعب أن ترفض عرضا من نادٍ كبرشلونة، مع إدراك الرغبة الملحة لديهم في ضمك، فيتصلون بك ويبعثون لك بالرسائل مع لاعبين آخرين. لكن، من جانب آخر، هناك ناديك (أتلتيكو مدريد الإسباني) الذي تحوز فيه مكانة مهمة جداً، ويبني مسؤولوه مشروعاً كبيراً أنت محوره، ويبذلون جهوداً كبرى للحفاظ عليك، سواء كانت هذه المجهودات رياضية أو مالية. السبب في البقاء مع أتلتيكو يعود أيضاً إلى النجومية الطاغية التي يتمتع بها (الأرجنتيني) ليونيل ميسي في برشلونة».
ماذا تغيّر بين 2018 و2019 ليتحوّل غريزمان من معادٍ لإمكان الالتحاق بالنادي الكاتالوني، إلى لاعب فيه، مقابل 120 مليون يورو؟
بالتأكيد أنّ اللاعب الفرنسي لا يملك الإجابة لأنها في مكان آخر، رغم أنها حضرت لديه ثم ما لبثت أن غابت عنه.
الدروس المستفادة واضحة، فقد عاش البرازيليان نيمار دا سيلفا وفيليبي كوتينيو، في ظل ميسي، داخل «قلعة كامب نو»، وما لبثا أن «هربا» منه، الأول إلى باريس سان جرمان الفرنسي، والثاني إلى بايرن ميونيخ الألماني.
كان الفرنسي يدرك هذا الواقع، فتحاشاه في 2018 رغم أنه أكد بأن عرض برشلونة كان له دور في تكدير صفو حياته في مدريد: «عشت أوقاتا عصيبة في المنزل، كنت أوقظ زوجتي في الساعة 3:00 فجرا لأتحدث معها حول الموضوع. قام مسؤولو أتلتيكو وزملائي بكل ما يمكنهم لإشعاري بأنني في بيتي، وبأنه لا يجب علي الرحيل. تحدثوا معي في منزلي ورفعوا راتبي»، فاستمر في «روخيبلانكوس».
ثم ما لبث أنطوان أن طوى صفحة الشكوك، و«استسلم» للالتحاق بالنادي الكاتالوني، ليصطدم، اليوم، بما كان يخشاه قبل سنتين: لا مجال لـ«العيش» في حضرة ميسي.
ينتمي غريزمان إلى فئة اللاعبين الذين لا يفرزون أقصى ما لديهم إلا عند الشعور بأنهم مطالبون أكثر من غيرهم بالعطاء.
أنطوان كان النجم الأول في «أتلتيكو»، وكذلك كوتينيو في ليفربول. وبمجرد أن تحوّلا إلى برشلونة، حتى أصبحا في دور المكمّل لميسي «نجم الشباك الأول».
والدليل على ذلك أن كوتينيو نفسه، ومنذ انتقاله إلى «بايرن»، بدا وكأنه قلب الفريق النابض، ليس فقط بفضل أدائه، بل لأن الصحافة البافارية والإدارة والزملاء والمدرب أشعروه جميعاً بالحاجة الماسّة إليه، حتى أنه صرح مراراً بأن تواجده في ميونيخ منحه «الراحة والطمأنينة».
بالنسبة إلى نيمار، القادم من سانتوس البرازيلي إلى برشلونة في 2013، فإن مقاربة موقفه تختلف، إذ لم يأتِ إلى «كامب نو» من نادٍ أوروبي، غير أنه يعتبر نجم الـ«سيليساو» الأول، وسبقته إلى «القارة العجوز» سمعة جعلته مرشحاً ليصبح «الأفضل في العالم»، قبل أن يصطدم بـ«سحر» ميسي، ويقرر «الهرب» إلى «باريس» في 2017 مقابل 222 مليون يورو، غدا بفضلها أغلى لاعب في تاريخ اللعبة.
نيمار في الـ27 من العمر، ميسي في الـ32، لا شك في أنها لحظة مناسبة لعودة الأول إلى برشلونة في محاولة لخلافة الثاني الذي اقترب من سن الاعتزال.
«اللعب مع ميسي» نعمة ونقمة في الوقت نفسه. بالنسبة إلى لاعبي الصف الأول أي الـ«سوبر ستارز»، مزاملة «البرغوث» نقمة، فيما ينعم لاعبو الصف الثاني أي الـ«ستارز»، بـ«حياة سعيدة» في كنف الأرجنتيني.
حتى الساعة، لم يظهر غريزمان (28 عاما) بالصورة المنتظرة، وبعد خمس مباريات في الدوري، سجل هدفاً وحيداً وقام بتمريرة حاسمة واحدة، حتى بدا كأنه «حديث عهد» في الـ«ليغا» التي أمضى فيها، تسعة مواسم، مع أتلتيكو مدريد وقبله ريال سوسييداد.
في المقلب الآخر، وصل البلجيكي إدين هازار (28 عاما) إلى ريال مدريد الإسباني، قادماً من تشلسي الإنكليزي، مطلع الموسم الراهن، مقابل 100 مليون يورو، بهدف تعويض البرتغالي كريستيانو رونالدو المنتقل إلى يوفنتوس الإيطالي، قبلها بموسم.
كان هذا هو العنوان «الواضح» لنقلة تليق بلاعب من فئة الـ«سوبر ستارز» والتحدي الجديد.صحيح أن هازار حاول، في اكثر من مناسبة، التأكيد على أنه لا ينوي تعويض لاعب ما، ويقصد هنا كريستيانو، وبأن الانتقال إلى «الملكي» يشكل «حلم طفولة» وليس تحدّياً في وجه أحد، بيد أن موقعه والموهبة التي يتمتع بها، دفعا «معشر كرة القدم» إلى اعتباره «الخليفة المنتظر» لـ«سي آر 7».
ربما عاب على كثيرين عدم التفريق بين الدوري الإنكليزي الممتاز والدوري الإسباني اللذين يختلفان تماماً عن بعضهما البعض، إذ يشكلان مدرستين مختلفتين رغم ما يقال عن «عولمة» اجتاحت اللعبة، وبأن اللاعب، كان من كان، لا بد أن يحتاج إلى وقت للتأقلم، غير أن هذا «الروتين» ليس مقبولاً في «سانتياغو برنابيو» حيث يجد كل من له ارتباط بهذا الكيان نفسه مطالباً ببذل أقصى طاقاته، بغض النظر عن فترة ارتباطه به.
حتى الساعة، لم يقدم هازار نفسه بالشكل المنتظر في «مدريد»، وأكد، بنفسه، بأنه يحتاج إلى التحسن ليصبح من «أساطير» النادي بعد بداية بطيئة لمشواره معه.
وأضاف: «بمقدوري اللعب بشكل أفضل. انتقد نفسي دائما، لكن بالعمل والاجتهاد يومياً يمكنني تغيير كل شيء».
لا شك في أن هذه التصاريح تنمّ عن عجز في مكان ما، وهذا المكان مرتبط بما خلّفه رونالدو من «دمار» في الفريق المدريدي الذي ما زال يبحث حتى اليوم، عن ترميم ناجز.
صحيفة «ماركا» الإسبانية، ذكرت أن ريال مدريد يفتقد، حتى الآن، اللاعب القادر على حسم أي مباراة لصالحه، وهي المهمة التي جاء هازار من أجلها، وأضافت أن أي تطوّر للفريق على مستوى الهجوم سيعتمد على البلجيكي.
لا خلاف على أن ارتداء زي برشلونة وريال مدريد يمثل «نعمة» بالنسبة إلى لاعبي الصف الأول بمجملهم، بيد أن لعنة «ميسي ورونالدو» قد تحولها إلى «نقمة»... حتى إشعار آخر.