الإبراهيم: استهدفت الكشف عن المعاناة التي فرضتها حرب يوليو 2006
الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية تعلن إنجازها دراسة «تأثير الحرب على الأطفال في لبنان»
1 يناير 1970
05:09 م
اعلنت الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية عن انجاز مشروع المرحوم جاسم محمد البحر لدراسة تأثير الحرب على الاطفال في لبنان والذي استغرق انجازه نحو عامين، مشيرة إلى ان المرحوم جاسم البحر كان عضوا مؤسسا في الجمعية ويهتم بمستقبل الطفولة في العالم العربي.
واشارت إلى ان رئيس مجلس ادارة الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية الدكتور حسن الابراهيم كان قد اعلن في بيروت منذ ايام عن الانتهاء من مشروع الدراسة التي قامت بها الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية بالتعاون مع الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية، وبتمويل من شركة الاستشارات المالية الدولية (ايفا)، وبدعم من المرحوم جاسم محمد البحر - رئيس مجلس ادارتها، حول «دراسة تأثير الحرب الاسرائيلية في يوليو 2006 على أوضاع الاطفال في لبنان» الذي استمر العمل فيه على مدى العامين الفائتين.
وذكر الدكتور الابراهيم في كلمة له بمناسبة هذا الحفل «ان هذا المشروع يأتي من منطلق العهد الذي قطعته الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية على نفسها بالارتقاء بالطفولة العربية، ولالقاء الضوء عربيا وعالميا على مقدار المعاناة التي تعرض لها اطفال لبنان جراء العدوان الاخير عليهم»، مشيرا إلى ان الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية، قد سبق لها ان قامت بمشروع ضخم تم انجازه في عام 1986 بتمويل من (برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الانمائية)، وتعاونت على تنفيذه مع الجمعية (كلية العلوم الطبية) في الجامعة الاميركية في بيروت، وخرجت نتائج هذه الدراسة في كتابين باللغتين العربية والانكليزية، وبرهنت هذه الدراسة حينذاك على أنها وثيقة فريدة في الكشف عن المعاناة التي فرضتها الحرب الأهلية والغزو الاسرائيلي على اطفال في لبنان».
واضاف انه «بعد الانتهاء من المشروع الذي نحن بصدده، اثبتت الدراسة التي تم اجراؤها مدى اتساع الآثار النفسية الكبيرة التي نتجت عن هذه الحرب، ومدى تأثيرها على المجتمع المدني، وبخاصة الاطفال والجيل الناشىء، حيث علمنا بأنه ومع كل هذه الحروب والأزمات لا يوجد في لبنان حتى الآن مركز يعنى بالدعم النفسي للاطفال والشباب ما بعد الأزمات».
واوصى الدكتور الابراهيم بعمل دراسة تبريرية لانشاء مركز نفسي، وبالفعل كان من اهم التوصيات التي خرج بها التقرير النهائي عن المشروع هو «انشاء المركز اللبناني للدعم النفسي للاطفال والشباب (3 - 18 سنة) نحو تأمين الحقوق النفسية لأطفال وشباب لبنان»، والذي ستقوم به أيضا الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية، وسيتولى تمويله الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وربما يسهم الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي في تمويله ايضا.
وفي هذا الصدد، قام الصندوق الكويتي بعقد لقاءات عدة مع المسؤولين في الحكومة اللبنانية، وقد تمت مناقشة موضوع انشاء المركز واخذ مباركة المسؤولين والجهات الرسمية الآتية، دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ووزير التربية الاسبق الدكتور خالد قباني، ووزير التربية الحالي بهية الحريري، ورئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر.
وفي زيارة قام بها الدكتور حسن الابراهيم أخيرا إلى لبنان التقى خلالها مع وزيرة التربية اللبنانية بهية الحريري، برفقة مدير الصندوق الكويتي للتنمية الاجتماعية في لبنان الدكتور محمد صادقي، حيث تمت مناقشة النشاطات المرتقبة لانشاء «المركز اللبناني للدعم النفسي للاطفال والشباب (3 - 18 سنة)».
وابدت الوزيرة دعمها للمشروع واستعدادها للتعاون، واعتبار المشروع جزءا من الخطة التنموية التربوية للوزارة، وطلبت ان يتم التنسيق مع الوزارة في مراحل تنفيذ اعمال انشاء المركز.
وصدر عن الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية، والهيئة اللبنانية للعلوم التربوية كتاب «الأحوال النفسية للأطفال والشباب في لبنان بعد حرب يوليو 2006»، باللغتين العربية والانكليزية، ،وشارك في كتابة فصوله اختصاصيون في علم النفس والعلاج النفسي والتربية والاحصاء من لبنان والكويت والولايات المتحدة الاميركية، وقد اعلن عن اطلاقه في الحفل الذي اعلن فيه عن الانتهاء من المشروع.
ويعرض هذا الكتاب نتائج مشروع الدراسة الميدانية التي اجريت في ربيع العام 2007، اي بعد مرور نحو تسعة اشهر على حرب يوليو التي شنتها اسرائيل على لبنان، وقد شملت عينة من (6632 تلميذا وتلميذة) من صفوف الروضة حتى الصف الثاني عشر. وتعتبر واحدة من اكبر العينات في لبنان، ومن بين الاوسع في العالم في هذا النوع من الاستقصاءات. وقد اعتمدت في اختيار العينة قواعد احصائية تجعلها ممثلة لتلاميذ لبنان.
وقامت بهذا المشروع الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية بالتعاون مع الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية، وبتمويل من شركة الاستشارات المالية الدولية (إيفا) وبدعم من المرحوم جاسم محمد البحر - رئيس مجلس إدارتها.
واستخدمت الدراسة سبع ادوات قياس، الأدوات الست الأولى تقيس الأحوال النفسية للأطفال والشباب من أوجه متعددة، ويبلغ عدد المقاييس النفسية الفرعية فيها (35 مقياسا)، والأداء السابعة تقيس مدى التعرض لحوادث حرب يوليو 2006 ولحوادث قبلها وتكشف عن السمات الاجتماعية والاقتصادية للمستطلعين.
وهدفت الدراسة إلى تقييم الأحوال النفسية للأطفال والشباب، من خلال الاجابة عن ثلاثة أسئلة: هل تنتشر لدى الأطفال والشباب، بعد يوليو 2006، اضطرابات نفسية مثل أقرانهم في مجتمعات عادية ومجتمعات ما بعد النزاعات، أم أكثر منهم أم أقل؟
وإلى اي حد يزيد انتشار هذه المشكلات لدى السكان الذين كانوا أكثر تعرضاً لحرب يوليو 2006؟
وهل هناك عوامل اخرى (اجتماعية سكانية) تفسر نسبة ارتفاع هذه الاضطرابات؟ وفي اي اتجاه تفعل هذه العوامل فعلها؟ وإلى أي حد يبقى تأثير حرب يوليو قائماً بعد ضبط هذه العوامل؟
وبينت الدراسة ان نسباً عالية (26 في المئة) من الأطفال والشباب تعاني من اعراض «ضغط ما بعد الصدمة وهذه النسب قريبة جداً من المتوسطات المعروفة عالمياً في البلدان التي شهدت حروباً ونزاعات لكنها دون النسب التي ظهرت في بلدان مثل رواندا (70 في المئة) او الكويت (45.6 في المئة) او فلسطين نحو (50 في المئة)، واضطرابات «الخوف والهم» كانت أكثر انتشاراً بين العينة اللبنانية وان بصورة طفيفة، مقارنة بعينة أميركية (حيث استخدمت الأداة نفسها على تلاميذ عاديين)، و«الاكتئاب ليس منتشراً بصورة ملحوظة لدى التلاميذ اللبنانيين».
وبلغت نسبة الحالات العيادية في «الاندفاعية Impulsivity» 14.2 في المئة وهي من أعلى النسب التي سجلت في مشكلات الصحة النفسية في الدراسة. لكن المقارنة بينت ان المتوسطات الحسابية للبنانيين هي ا دنى من متوسطات الأميركيين العاديين، وأدنى من أقرانهم الفلسطينيين.
وبلغت نسبة الحالات العيادية في محور «الأعراض النفسية الجسدية» 9.4 في المئة وفي محور «التوتر العضلي والقلق» 8.1 في المئة وهي نسبة معتدلة، وإن كانت متوسطات العينة اللبنانية في المحورين أعلى (وذات دلالة احصائية) من متوسطات العينة الأميركية للذكور كما للإناث.
وتوصلت الدراسة إلى ان التلاميذ اللبنانيين يظهرون عوارض نفسة بعد حرب يوليو 2006 بنسب مرتفعة بصورة طفيفة، وتعالج الدراسة العوامل التي تفسر زيادة او قلة الاضطرابات النفسية، وبلغ عدد حالات التعرض لحرب يوليو 2006 كمعدل 10.2 حادثة للشخص الواحد. علماً بأن 34.6 في المئة تعرضوا لما بين 12 و24 حادثاً (سماع قصف، رؤية مشهد، اصابة، تهجير، فقدان منزل، فقدان قريب... الخ). بالانتقال من الذين صنف تعرضهم لحرب يوليو 2006 في المستوى المتدني، إلى الذين صنف تعرضهم لها في المستوى العالي، تقفز نسبة من سجلت لديهم حالات عيادية بمقدار مرة ونصف المرة لدى تلاميذ الصفوف 6 - 12، وأكثر من مرتين لدى تلاميذ الصفوف 1 - 5 وبمقدار ثلاث مرات لدى أطفال الروضات.
وتبين ان اكثر من صرحوا بأنهم تعرضوا لحرب يوليو 2006 (من حيث العدد الاجمالي لحوادث التعرض)، هم تلاميذ: التعليم الرسمي، محافظة النبطية، الطائفة الشيعية، من صنفت مهن ابائهم في فئات مهنية دنيا، ومن كان آباؤهم وامهاتهم من ذوي المستوى التعليمي المتدني (أميون، او تعليم ابتدائي)، علماً بأن سكان محافظة بيروت سجلوا اعلى متوسط في النوع المسمى «الأحداث غير المرتبطة بالحرب»، يليهم سكان محافظة الشمال.
وأظهرت الفحوص ان التعرض لحوادث قبل الحرب أسهم ايضاً في تفسير النتائج، وهذه الحوادث على نوعين،منها عسكري ومنها مجتمعي او فردي، ما يشير إلى اهمية توسيع التفكير في الاضطرابات النفسية إلى ما قبل الحرب وما بعدها، وفي معظم الأحيان كانت هناك فروق ذات دلالة بين الذكور والإناث وكانت الاضطرابات اكثر انتشاراً لدى الإناث، وفي معظم الأحيان ايضاً كانت هناك فروق ذات دلالة بين فئات الأعمار، وكانت الاضطرابات تظهر لدى الأكبر سناً. ولم تكن الفروق بين الصفوف ذات وجهة واضحة، هناك فروق ذات دلالة بين القطاعات التربوية. وقد لوحظ ان القطاع الرسمي هو الذي يشهد اكثر من غيره ظهور الاضطرابات النفسية، كذلك ظهرت فروق ذات اهمية بالغة بين المدارس، كما كان هناك فروق مهمة بين المحافظات، لكن لا يمكن القول ان هناك محافظة تتفوق على غيرها في جميع الاختبارات. ظهرت محافظة النبطية (أو الجنوب او حتى البقاع) مكاناً لانتشار الاضطرابات النفسية في 7 أو 8 مقاييس. وجاءت بيروت والشمال باعتبارهما المحافظتين الأكثر احتضاناً للاضطرابات النفسية في 8 مقاييس لكل منهما. واللافت انه في حين اظهرت محافظة النبطية اعلى القيم في مؤشر الوضع العيادي الاجمالي لدى تلاميذ الصفوف 1 - 5 فإن محافظة بيروت هي التي أظهرت القيم العليا لدى تلاميذ الصفوف 6 - 12.
وكذلك هناك فروق ذات دلالة بين الطوائف. لكن يتبين ان التلاميذ السنة هم الذين سجلوا المتوسطات العليا في 14 مقياساً، بينما سجل الشيعة المتوسطات العليا في 9 مقاييس، وتشير الدراسة إلى انه لا يجب اعتبار اي من المحافظتين (النبطية وبيروت) او اي من الطائفتين (السنة والشيعة) حاضنة لاضطرابات نفسية اكثر من الاخرى بالمطلق. وأنه في كل مرة نتكلم فيها عن المجموعة التي تنتشر فيها الاضطرابات النفسية اكثر من الأخرى يجب تحديد القول عن اي مقياس او اي اضطرابات نتكلم وعن اي فئة عمرية، ولكن كلما نزلنا في السلم الاجتماعي زادت نسبة الاضطرابات النفسية والنتائج كانت واضحة في هذا الاتجاه، استناداً إلى مهنة الأب إلى المستوى التعليمي لكل من الأب والأم. أما حول الوضع الأسري فقد ارتفعت الاضطرابات النفسية لدى اطفال الأبوين المنفصلين او المطلقين، بناء على نتائج البحث تقدم الدراسة سبع توصيات، لاسيما حول عمل «المركز اللبناني للدعم النفسي للأطفال والشباب (3 - 18 سنة) نحو تأمين الحقوق النفسية لأطفال وشباب لبنان».